أوباما خلال إلقاء خطابه في القاهرة

بعد مرور ستة أشهر على خطاب الرئيس الأميركي أوباما في القاهرة، الكلمة التي نالت تأييدًا عربيًّا وإسلاميًّا، لا تزال معالم ذلك الخطاب غير واضحة على أرض الواقع. إذ إنَّ الرئيس الأميركي، ومن خلال دعمه الواضح للسياسات الإسرائيلية لم يتمكن من تحقيق أهدافه في الشرق الاوسط. وتشير مجلة وورلد بوليتكس ريفيو الأميركية إلى أنَّ أوباما إرتكب خطأً استراتيجيًا واضحًا بعدم تحويل أقواله الى أفعال، إلا أنّ صورة الولايات المتحدة عادت الى وضعيّتها السابقة كما كانت في عهد سلفه.

القاهرة: بالتزامن مع مرور ستة أشهر على خطابه التاريخي بالقاهرة مطلع حزيران/يونيو الماضي، تستعرض مجلة وورلد بوليتكس ريفيو الأميركية في تقرير مطول لها رؤية تحليلية، أشبه ما تكون بكشف الحساب المقدم إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن ما حققه على أرض الواقع حتى الآن من تعهدات داعب بها خيال الجمهور المصري والعربي على حد سواء في تلك الزيارة.

وعلى الرغم من اعتراف المجلة بنجاح أوباما خلال هذا الخطاب في إبهار العالمين العربي والإسلامي باعترافه ببعض الأخطاء التي وقعت فيها بلاده من قبل، بشأن السياسة التي انتهجتها تجاه المنطقة، وإجبار جمهوره على مواجهة نواقصه وأوهامه التي تحدث عنها وكان من بينها قضايا التسامح الديني، وحقوق المرأة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية وسيادة القانون وغيرها، إلا أن المجلة ترى أنه ارتكب خطاء استراتيجيًّا بعدم تحويله أقواله إلى أفعال.

إقرأ المزيد:


اوباما يضحي بروس إرضاءً للصقور

اوباما يطلق حملة لترويج مشاريع السلام الاميركية

موقف إيجابي وتحذير للمسلمين من خطاب أوباما

وتقول المجلة إنه وفي الوقت الذي عقد فيه كثيرون من العرب والمسلمين الآمال على واشنطن، وسياساتها تجاه المنطقة، بعد خطاب أوباما التاريخي بالقاهرة في الرابع من شهر حزيران/يونيو الفائت، إلا أن صورة أميركا في العالم الإسلامي بدأت تعود للوضعية التي كانت عليها نتيجة عدم التزام أوباما بما صرح به في القاهرة. بعدها، تمضي المجلة لتؤكد أن سخط المسلمين من أميركا هو في الغالب سخط سياسي. وتلفت إلى أن استطلاعات الرأي التي تكاد تكون متماثلة تُظهِر شعور المسلمين بخيبة الأمل إزاء سياسات أميركا تجاه الشرق الأوسط، وأن تلك السياسات تؤول لمشاعر معادية للولايات المتحدة. ومن بين المظالم التي يشعر بها العرب؛ تحيز أميركا لإسرائيل، والتزامها بالتواجد العسكري (في العراق وأفغانستان، جنبًا إلى جنب مع قواعدها العسكرية الضخمة في الخليج)، ودعمها كذلك للأنظمة الاستبدادية.

ثم تمضي المجلة لتؤكد على وجود الكثير من القيود التي يُفهَم من وضعها قدرة الرئيس على توجيه سياسة الولايات المتحدة الخارجية صوب الشرق الأوسط نحو اتجاه جديد. ومن بين تلك القيود، الكونغرس المؤيد من دون جدال لإسرائيل ndash; مؤسسة الأمن القومي ndash; الحاجة للاحتفاظ بالدعم لأجندته السياسية الداخلية. وعلى الرغم من ذلك، ترى المجلة أن شهر عسل أوباما مع العالم الإسلامي قد يطول لبضعة أشهر، قد تتاح خلالها الفرصة للمسلمين كي يحكموا عليه من منظور آخر بشأن طريقة تعامله مع خمسة ملفات هي: الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني / لبنان / سوريا / العراق / ايران.

حول الصراع الفلسطيني ndash; الإسرائيلي، تشير المجلة إلى ضرورة استمرار واشنطن في إظهار موقف موحد وقوي بشأن قضايا المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وكذلك تدفق السلع الحيوية إلى قطاع غزة. وهو ما يجب أن يبعث برسالة لا لبس فيها بأن أميركا مستعدة وقادرة على إرساء الأسس لإيجاد حل سلمي للصراع العربي- الإسرائيلي، وأنها تكترث لمعاناة الفلسطينيين على القدر نفسه من الاهتمام الذي توليه لمخاوف إسرائيل الأمنية.

أما على الصعيد اللبناني، ترى المجلة أن تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري فرصة هائلة لتحقيق السلام، وتقول إن شروط الترتيب يجب أن تشتمل على انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وغيرها من الأراضي اللبنانية المحتلة، مقابل نزع سلاح حزب الله.

وبالنسبة إلى الملف السوري، تشير المجلة إلى أنه يتوجب على واشنطن أن تستجيب لمبادرات السلام التي تبديها دمشق، فقد نجحت حكومة الرئيس بشار الأسد في الإشارة بمهارة إلى رغبتها في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة ومواصلة محادثات السلام مع إسرائيل عبر وساطة تركية.

وفي ما يخص ملف إيران الشائك، فتدعو المجلة إلى ضرورة استعانة الولايات المتحدة بنفوذها لضمان التعامل مع القضية النووية الإيرانية من خلال الدبلوماسية، كما طالبتها بضرورة إقناع إسرائيل بأن تحجم عن شن هجوم على منشآت إيران النووية، لأن المسلمون سينظرون إلى مثل هذا الهجوم على أنه دليل آخر على انحياز أميركا لإسرائيل، التي تمتلك هي نفسها برنامجًا للأسلحة النووية خارج نظام معاهدة حظر الانتشار النووي.

وأخيرًا، وفي ما يتعلق بالملف العراقي، تطالب المجلة بضرورة الانسحاب الأميركي من العراق، أو بضرورة عدم تواجد القوات الأميركية هناك بـأعداد كبيرة على أقل تقدير، بعد عام 2012.