عندما قال وزير الدفاع الاميركي روبرت جيتس الأسبوع الماضي ان تنظيم القاعدة وحلفاءه قد يحاولون إثارة صراع بين الهند وباكستان فانه عبر عما يرى كثيرون أنه الخطر الأكبر على خطط الولايات المتحدة في المنطقة.

لندن: قد يسفر هجوم كبير يشنه متشددون اسلاميون على الهند عن رد انتقامي من نيودلهي التي لم تشف جروحها بعد بسبب هجوم مومباي العام الماضي وسيؤدي هذا الى زعزعة الاستقرار بشكل أكبر في باكستان المُسلحة نوويا. وقال كمران بخاري من مؤسسة ستراتفور البحثية الأميركية quot; الباكستانيون مُحبطون حقا. دائما ما يكونون مطالبين بفعل المزيد.quot; وأضاف أن باكستان قلقة من إمكانية تعرض الهند لهجوم آخر من المتشددين لكنها غير متأكدة من طريقة منعه. ولا تزال باكستان تحارب المتشددين الذين هاجموا مقر جيشها في أكتوبر تشرين الأول وقتلوا الاسبوع الماضي 40 شخصا على الاقل في مسجد قريب يتردد عليه أفراد الجيش. وقال quot;عندما لا يمكنهم (الباكستانيون) ضمان عدم وقوع هجمات في بلدهم فلا يمكنهم ضمان عدم تعرض الهند لهجمات.quot;

وغضبت الهند لرفض باكستان اتخاذ خطوات ضد جماعة عسكر طيبة التي تتهم بالمسؤولية عن مقتل 166 شخصا في هجمات مومباي وترفض نيودلهي دعوات لاجراء محادثات وألمحت الى أنها قد تنتقم اذا ما وقع هجوم كبير آخر على الأراضي الهندية. ونتيجة لذلك فان التوتر بين البلدين في أسوأ حالاته منذ حشد مليون جندي على الحدود عام 2002 بعد هجوم شنه متشددون مقرهم باكستان على البرلمان الهندي في ديسمبر كانون الاول 2001. وقال برافين سوامي وهو خبير دفاعي في صحيفة (ذا هيندو) quot;ليس الوضع سيئا كما كان في 2002 لكنه الاسوأ منذ ذلك الحين.quot; وقد تحاول القاعدة استغلال هذا الوضع.

وقال وزير الدفاع الاميركي جيتس في جلسة استماع بمجلش الشيوخ الاسبوع الماضي ان القاعدة تساعد عسكر طيبة على التخطيط لشن هجمات في الهند quot;بهدف واضح وهو إثارة صراع بين الهند وباكستان من شأنه أن يزعزع استقرار باكستان.quot; وذكر رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ أن الحرب ليست خيارا وأنه لا أحد يتوقع تكرار ما حدث عامي 2001 و2002. وقال محلل دفاعي هندي quot;لن نشهد هذا الشكل من الحشد مجددا.quot; لكن البعض رَجَح احتمال شن الهند ضربات quot;جراحيةquot; على معسكرات متشددين ترى نيودلهي أنها لا تزال نشطة في الشطر الباكستاني من اقليم كشمير. وأضاف المحلل quot;الصعوبة هي توضيح أن هذه ليست بداية حرب كاملة.quot;

ولن يكون أمام الجيش الباكستاني الذي تسخر منه حركة طالبان وتقول انه يحارب شعبه خيارا الا بالرد على أي ضربات هندية حتى وان كانت محدودة. وقال بخاري quot;لا يمكنهم عدم الردquot; مضيفا أن الجيش الباكستاني سيفقد مصداقيته اذا لم يرد. وبينما يتوقع أن يتدخل مجلس الامن الدولي سريعا لدرء أي تصعيد لصراع بين الهند وباكستان فان الأمر سيؤدي الى إرباك خطط الولايات المتحدة في أفغانستان وباكستان. وفور وقوع هجمات مومباي توجهت الهند الى الولايات المتحدة للضغط على باكستان حتى تفكك جماعة عسكر طيبة. وأدت آمال أولية في الهند بأن تتخذ باكستان خطوات ضد الجماعة وعودة سينغ الى السلطة في نيودلهي في مايو آيار بعد انتخابات عامة الى تمهيد الطريق أمام محادثات بين البلدين على هامش اجتماعات دولية.

وسمح ذوبان الجليد في العلاقات لباكستان بأن تنقل بعضا من قواتها على الحدود مع الهند الى حدودها الغربية مع أفغانستان. لكن البلدين انتقلا منذ ذلك الحين الى تبادل الاتهامات فاتهمت اسلام اباد الهند باستغلال وجودها المتنامي في أفغانستان في اثارة متاعب باقليم بلوخستان الباكستاني وهو زعم ترفضه نيودلهي. ويرى محللون أن الاجواء تأزمت بشكل أكبر بسبب تقارير من المخابرات أفادت بأن جماعة عسكر طيبة التي كان يرعاها في يوم من الايام جهاز المخابرات الباكستاني لتقاتل في كشمير لا زالت تخطط لشن هجمات جديدة على الهند. وينظر الى اسلام اباد على أنها غير راغبة في اتخاذ خطوات ضد عسكر طيبة وهي احدى الجماعات القليلة التي لا يعتقد أنها استهدفت باكستان نفسها بينما تواجه الكثير من المشاكل الأُخرى.

وأغلق هذا كل الأبواب تقريبا في وجه المحادثات بين الهند وباكستان بما في ذلك دبلوماسية غير رسمية عملت في الماضي على التخفيف من آثار أزمات في العلاقات بين البلدين مثلما حدث فور وقوع هجمات مومباي. ويقول بعض المحللين ان الجمود مؤشر على فشل الدبلوماسية الاميركية ودليل على وجود انقسامات عميقة داخل الادارة في واشنطن حول طريقة التعامل مع باكستان. وتلعب الولايات المتحدة دور وسيط سلام غير رسمي منذ أن أجرت الهند وباكستان تجارب نووية في 1998. وبينما شجعت واشنطن بهدوء الهند وباكستان على اجراء محادثات فانه يبدو أنها لا تتبنى فكرا واضحا لإنهاء التعثر.

وقال تاراك بركاوي وهو خبير دفاعي في جامعة كيمبردج البريطانية quot;لا توجد دبلوماسية فعلية.quot; وبدون الدبلوماسية لا يوجد الكثير الذي من الممكن أن تقدمه واشنطن الى اسلام اباد باستثناء توسيع نطاق الهجمات الامريكية بطائرات بريداتور بدون طيار في باكستان. وقد تحاول القوات الاميركية توفير الامن والتنمية الاقتصادية في أفغانستان على الاقل. وقال بركاوي quot;كل ما نستطيع فعله في باكستان هو النسف ... تفجير الاشياء من على بعد. الوجود الامريكي في باكستان وجود مدمر على نحو كامل.quot; وكذلك لا يوجد لدى واشنطن الكثير لتقدمه الى الحكومة الهندية التي تتردد في بدء صراع قد يؤدي الى تفاقم انعدام الاستقرار في جارتها باكستان لكنها تريد القضاء على التهديد الذي ترى أن عسكر طيبة تمثله بالنسبة لها. وقال الخبير الدفاعي سوامي quot;أعتقد أنهم قلقون للغاية بشأن باكستان ... لكنهم لا يعرفون ما يجب فعله