يثير الجدار الفولاذي الذي تعتزم مصر إقامته على طول حدودها مع قطاع غزة مخاوف سكان القطاع، بعد أن تحوّلت أنفاق التهريب إلى ما يشبه المعابر الرسمية ومن خلالها يتم تهريب مختلف البضائع، وما يزيد تلك المخاوف هو طبيعة هذا الجدار المتوقع إقامته تحت الأرض بعمق 30 مترًا، والمصنع من فولاذ سميك جدًّا قد يصعب اختراقه.


غزة: على الرغم من عدم وضوح الرؤية أو التأكيد من الجانب المصري، إلا أن هاجس الجدار الفولاذي الذي أشارت وسائل الإعلام إلى شروع السلطات المصرية في بنائه بين منطقة رفح الفلسطينية والأراضي المصرية، لمنع عمليات التهريب إلى قطاع غزة، بات هاجسًا يثير مخاوف الكثيرين في قطاع غزة.

القيادي البارز في حركة حماس، الدكتور محمود الزهار، لم يعقب لـquot;إيلافquot; حول موقف حركته التي تحكم غزة منذ منتصف سنة 2007، حكمًا أطاح بقوات الأمن الوطني التي ينتمي معظمها لحركة فتح المنافس التقليدي.

وقال الدكتور الزهار الذي شغل منصب وزير الخارجية في الحكومتين العاشرة والحادية عشر quot;لا بد من متابعة الأمر على أرض الواقع، على الحدود بين مصر والأراضي الفلسطينية، فالسياسة لا تبنى على إفتراضات أو نقلاً عن وسائل إعلاميّة مختلفةquot;.

وحتى اللحظة، لم يعقب أي مصدر مصري أو فلسطيني مسؤول على ما يجري على الحدود، إلا أن جرافات ضخمة، بحسب عدد التجار والعاملين في الأنفاق قالوا لإيلاف، إنَّ تلك الجرافات تقوم بحفر الحدود وإدخال ترسانات حديدية بطول 18 مترًا وسمك 50سم. لكن هؤلاء أكدوا أن بإمكانهم العمل في الأنفاق دون توقف، دون الإفصاح عن الآلية التي يمكن العمل بها.

وكان جدار حديدي عازل قد أنشأته إسرائيل خلال وجودها في قطاع غزة، على طول الحدود التي تفصل مصر عن غزة، إلا أن الفلسطينيين هدموا الجدار بجرافاتهم قبل سنتين تحديدًا، وإلتهموا ما في مدينة العريش المصرية من مواد مختلفة، بما فيها الدراجات النارية التي غزت قطاع غزة بشكل لم يسبق لها مثيل، فضلاً عن تجارة الممنوعات.

ونقلت وسائل إعلام مختلفة نقلاً عن مصادر أمنية مصرية قوله، إنّ الوحدة التابعة لتركيب الجدار الفولاذي على الحدود المصرية مع قطاع غزة تعرضت لإطلاق نار من قبل مسلحين فلسطينيين على الجانب الفلسطيني أول أمس، الأمر الذي ألحق خرابًا بإحدى المعدات والتي أصيبت بخمسة أعيرة نارية، ولم يسفر الحادث عن وقوع إصابات في صفوف الجنود المصريين العاملين على عمليات الحفر وبناء الجدار الفولاذي.

وبحسب صحيفة هآرتس العبرية، فإن الهدف من هذا المشروع وقف عمليات التهريب من مصر نحو قطاع غزة، حيث سيكون الجدار الفولاذي على عمق يصل إلى 30 مترًا تحت الأرض، وذلك بهدف إغلاق كافة الأنفاق التي تستخدم للتهريب.

وإعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أن هذا الجدار الفولاذي، ووفقًا للعديد من التقديرات في حالة إقامته، سيكون من الصعب أو المستحيل اختراقه أو عمل أي فتحة به، وذلك لأنه سيتم استخدام مواد غير قابلة للقص أو الإذابة في صناعته، وهذا ما يؤدي إلى وضع صعوبات كبيرة على عمليات التهريب من مصر إلى قطاع غزة.

ومع هذا، فإن مهربين فلسطينيين أكدوا أنهم جاهزون لإختراق هذا الجدار. وقال أبو ماهر لإيلاف، أحد خبراء صناعة الأنفاق، إنَّ الجدار لن يمنعه من مواصلة عمله وإدخال البضائع والمواد المختلفة التي يحتاج إليها الفلسطينيّون. وأكد أن الفلسطينيين لا يسعون لتهريب الأسلحة، وإنما quot;يدخلون ما يحتاج إليه سكان غزة من مواد تمكنهم من الحياةquot;.

وأضاف quot;إسرائيل تمنع عنّا مئات السلع المختلفة، ولهذا من الضروري أن نبحث عن مصادر أخرى لإدخال المواد التي تمنعها إسرائيل عن سكان غزة التي تحاصرهم للسنة الرابعة على التواليquot;، مشيرًا إلى إمكانية حفر أنفاق على أعماق تتجاوز عمق الجدار المصري.

وقال أحد مالكي الأنفاق المنتشرة على الحدود بين مصر وغزة لإيلاف، وكنيته أبو رائد quot;نحن نعرف أكثر من غيرنا طبيعة أرضنا، ويمكننا أن نحفر بأعماق أكبر في حال إستعصى علينا إختراق الجدار الفولاذي تحت الأرضquot;، منوّهًا إلى أن الحافرين يعيدون بناء الأنفاق التي تدمرها إسرائيل بصواريخها خلال أيام قليلة.

وكانت المفوضة العامة للأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين quot;الأونرواquot;، كارين أبو زيد، قدأكدت إنشاء الجدار الفولاذي على الحدود مع قطاع غزة، مضيفة أن المعلومات التي لديها تشير إلى أن تكلفة بناء الجدار كاملة تكفلت بها الحكومة الأميركية، مؤكدة خلال ندوة لها أقيمت في الجامعة الأميركية في القاهرة قبل ثلاثة أيام، أن السياج يبنى من الفولاذ القوي وأنه صنع في الولايات المتحدة وقد تم اختبار مقاومته للقنابل. ووصفته بأنه أكثر متانة من خط بارليف الذي بني على الضفة الشرقية لقناة السويس قبل حرب أكتوبر 1973.

ويعتمد 60% من الاقتصاد الفلسطيني في غزة على الأنفاق التي يتم استخدامها في تهريب السلع من مصر إلى القطاع.