ساركوزي يصل الى بغداد في زيارة مفاجئة
الكويت: تأتي الزيارة الرسمية التى يقوم بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للبلاد يوم غد الأربعاء تتويجا للعلاقات القوية التي تربط الكويت مع فرنسا في مختلف المجالات وتعود جذورها إلى نهاية القرن السابع عشر عندما فتحت شركة الهند الشرقية وكالة في البصرة اتصلت بتجار الكويت. ويعود تاريخ اعتراف فرنسا باستقلال دولة الكويت الى الي 28 من شهر اغسطس عام 1961 حيث قررت باريس اعتماد سفيرها في بيروت سفيرا لدى الكويت كما قررت انشاء تمثيل تجاري دائم لها في الكويت.

وتميزت العلاقات الودية بين البلدين منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 1967 وتحددت الخطوط العريضة لمجالات التعاون بينهما نتيجة الزيارة التى قام بها لفرنسا امير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم الصباح في مايو عام 1975 وتم خلالها توقيع اتفاق بين البلدين يسهل الاستثمارات الكويتية في فرنسا. وادت الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي السابق جيسكار ديستان الى الكويت في مارس عام 1980 على رأس وفد كبير الى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

وبلغت العلاقات الكويتية - الفرنسية ذروتها في اغسطس عام 1977 اثناء طرح مبادرة كويتية - فرنسية لاعادة التقارب بين الدول العربية ودول اوروبا الغربية بمبادرة الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح.

وكان قد بعث في مايو من العام نفسه رسالة الى الرئيس ديستان الذي كان يضطلع آنذاك برئاسة السوق الاوروبية المشتركة تضمنت ان تقوم فرنسا بمبادرة من شأنها ان تسفر عن دعم اوروبي كامل للدول العربية مقابل ان تتعهد الكويت بضمان استمرار تدفق النفط العربي لاوروبا. وعلى مدى الي 47 عاما الماضية تطورت العلاقات الكويتية - الفرنسية في كل المجالات على مختلف الاصعدة وازدادت هذه العلاقات في صلابتها وقوتها مع وقوف فرنسا مع الحق الكويتي ابان الاحتلال العراقي الغاشم عام 1990.

وكان الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران اعلن في 26 اغسطس 1990 quot;ان سيادة الكويت غير قابلة للتفاوضquot; وقال ان quot;دولة الكويت مثل العراق لا يمكن ان تسلب سيادة دولة اخرىquot;. وقرر ميتران وقتها ارسال ما يقارب الي 18 ألف جندي فرنسي اضافة الى الطائرات المقاتلة والاستطلاعية والمدرعات للمنطقة وقام بطرد الملحقين العراقيين ورجال الاستخبارات العراقية من فرنسا.

وعندما وصل الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى سدة الحكم في عام 1995 اكد التزام بلاده بأمن الكويت واصر على مواصلة الجهود من اجل حل جميع المشاكل بين الكويت والعراق وخاصة قضية الاسرى. ومنذ ذلك الوقت والكويت تنظر الى فرنسا كحليف استراتيجي لها خاصة بعد المشاركة الفرنسية الفعالة فى التحالف الدولي الذي قام بتحرير الكويت عام 1991 وما تلاها من اتفاقيات للتعاون الدفاعي بين البلدين.

يذكر ان الكويت وفرنسا وقعتا في اغسطس عام 1992 اتفاقية دفاعية نظمت اطر التعاون بينهما في حال تعرض الكويت لاعتداء خارجي عليها كما تضمنت اجراء تمارين ومناورات عسكرية بين قوات البلدين وتبادل الخبرات بالاضافة الى تدريب وتأهيل الكوادر العسكرية. واكدت ذلك وزيرة الدفاع الفرنسية ميشال اليو - ماري خلال زيارتها الرسمية للكويت في اوائل شهر نوفمبر 2006 .

ومنذ سنوات طويلة والزيارات المتبادلة بين كبار مسؤولي البلدين متواصلة فقد قام امير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح بزيارات عدة لفرنسا كان ابرزها في سبتمبر عام 1989 حيث اجرى خلالها مباحثات تناولت تطوير العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في كل المجالات. وكان يعرف تماما مكانة فرنسا على المستوى الاوروبي والعالمي اضافة الى قربها الجغرافي النسبي من المنطقة العربية وتأثيرها على مجريات الاحداث فيها ماضيا وحاضرا.

كما قام امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح بزيارة باريس في شهر نوفمبر 2006 حيث التقى مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وكبار المسؤولين الفرنسيين وبحث معهم العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في كل المجالات اضافة الى القضايا ذات الاهتمام المشترك. واكد خلال الزيارة quot;انه كان هناك تبادل لوجهات النظر في ما يتعلق بالعلاقات الثنائية وقد اكدنا على قوة العلاقات الثنائية واعتبرنا ان هذه الزيارة خطوة للامام وباب للمستقبلquot;. وقدم الرئيس الفرنسي وسام جوقة الشرف الاكبر لامير البلاد تقديرا للدور البارز له في توسيع آفاق التعاون وتعزيز العلاقات بين البلدين. وتم خلال الزيارة توقيع اتفاقيتين عسكريتين بين البلدين الاولى تتعلق بالتعاون في مجال شراء وتوريد معدات التسليح الدفاعية والثانية عبارة عن اتفاقية ترتيبات تبادل المعلومات الاستخبارية العسكرية.

وكان رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح قام بزيارة فرنسا في شهر سبتمبر 2006 وكانت على قدر مماثل من اللقاءات الرسمية لمسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الفرنسية.

وعلى الصعيد الاقتصادي يؤكد المسؤولون في كلا البلدين ثقتهم ازاء التوقعات المستقبلية للعلاقات الاقتصادية التي تربط فرنسا بالكويت. وكانت اللجنة الفرنسية - الكويتية المشتركة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والمالية والتجارية بين البلدين قد استأنفت اعمالها في شهر نوفمبر عام 2005 بعد توقف دام تسع سنوات. وانطلقت اعمال اللجنة في اجتماعها الي 11 في باريس بمشاركة وزير المالية السابق بدر الحميضي ووزير الاقتصاد والمال والصناعة الفرنسي تييري بريتون.

وشارك في الاجتماع اكثر من 20 شخصا كويتيا بينهم ممثلون عن غرفة تجارة وصناعة الكويت والهيئة العامة للاستثمار وغيرها من المؤسسات بالاضافة الى مجموعة من رجال الاعمال الراغبين باستكشاف فرص الاستثمار مع نظرائهم الفرنسيين. وخلال السنوات الاخيرة شهدت العلاقات التجارية بين البلدين نموا عاليا خلال الفترة الاخيرة حيث ارتفعت الصادرات الفرنسية الى الكويت 8 في المئة لتصل الى حوالي 382 مليون يورو خلال عام 2006 وبالنسبة للصادرات الكويتية الى فرنسا فان غالبيتها العظمى تتركز في النفط ومشتقاته حيث بلغت نحو 827 مليون يورو.

وعلى صعيد آخر تعززت العلاقات البرلمانية بين الكويت وفرنسا من خلال الزيارات المتبادلة للوفود البرلمانية التي اضفت بعدا شعبيا على هذه العلاقات. وفي اطار تعزيز العلاقات بين البلدين وتوطيد التعاون بينهما تم فى 6 نوفمبر عام 2000 افتتاح اول مكتب اعلامي للكويت في فرنسا ما يعكس الاهمية الكبرى التي توليها الكويت لمكانة فرنسا التي تعتبرها حليفا وصديقا لها.

وهذا المكتب يشرف على ايصال صورة واضحة عن الكويت لدى وسائل الاعلام الفرنسية ولدى المجتمع الفرنسي في اطار المعارض والندوات والعلاقات التي اقامها لهذا الغرض. وكان وزير شؤون الديوان الاميري الشيخ ناصر صباح الاحمد وعقيلته الشيخة حصة صباح السالم الصباح افتتحا في 3 يوليو 2006 بحضور وزير الثقافة والمواصلات الفرنسي رينودون ديوفابر معرض ذخائر الدنيا من مجموعة آل الصباح التي تمت اعارتها لفرنسا كجزء من برنامج لنشر الفن الاسلامي في متحف اللوفر.

وكان سفير الكويت لدى فرنسا علي السعيد اكد في تصريح نشر اخيرا ان زيارة ساركوزي للبلاد تأتي في وقت يشهد العالم والمنطقة ظروفا عصيبة. واضاف ان العالم يمر اليوم بأزمة مالية عالمية تلعب فرنسا وتحديدا الرئيس ساركوزي دورا كبيرا في اطار الجهود الدولية المكثفة لحلها. كما ألقى الضوء على الدور المهم الذي لعبته فرنسا لوقف الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة. واعرب عن امله بأن تؤدي هذه الزيارة الى المزيد من دفع العلاقات الفرانكو - كويتية لايصالها الى مستويات غير مسبوقة.