طلال سلامة من روما: يعبر quot;جورجو بوكاquot;، الصحفي والكاتب الذي لم يتعبه بعد عمره (88 عاماً!)، في لقاء هاتفي أجراه معه طلال سلامة، من العاصمة روما، عن أسفه لوداع فلتروني السياسي. برغم من تعاقب الهزائم الانتخابية على حزبه، أي الحزب الديموقراطي اليساري، إلا أن هذا الصحفي المخضرم أكد على هاتف quot;ايلافquot; أن التيار اليساري الإيطالي تعرض في الماضي لما هو أسوأ. صحيح أن المتعاطفين مع هذا الحزب، الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عاماً، بدؤوا يدقون طبول الحرب. وبرغم الخطر المحدق الذي قد يؤول الى وفاة أكبر حزب معارضة هنا بيد أن التغييرات في البنى السياسية الوطنية ترافق ما يحصل للكرة الأرضية طبيعياً من تغييرات جغرافية، بين مد وجذر وبين ذوبان الجبال الجليدية وهطول الأمطار والثلوج في الصحارى. واليكم نص الحوار:

هل كانت القوة العامل الذي افتقده فالتر فلتروني؟
لا لم تكن القوة إنما الحظ!

ماذا بشأن استقالته؟
إنها ردة فعل منطقية لأن قيادته للحزب فشلت. أنا لا يمكنني توجيه أي اتهام بحقه. ان فلتروني كان الأفضل(في جيله) والأكثر عصرية. لكنه قاد الحزب في أوقات لا ينتمي إليها.

هل تعكس هذه الأوقات الأزمة المؤسساتية الإيطالية أم الأزمة الاقتصادية الدولية؟
إنها تعكس معها الأزمتين معاً. ان برلسكوني يمتلك ما لا يمتلكه فلتروني وما يعشقه الإيطاليون أي المال والدعاية والديموقراطية الديكتاتورية المؤيدة لمبدأ إخضاع الشعب وحقوقه إخضاعاً كاملاً لمصلحة الدولة. ان القيم بإيطاليا خضعت لعملية تحوير وتعديل جيني ضخمة. لقد نسي الإيطاليون واجباتهم الوطنية كي يتشبثوا باله واحد هو المال. لذلك، فان أي حزب يعشق الإصلاح لا ينجح في تحقيق شيء في زمن لا ينتمي إليه.

هل الضجر من المسؤوليات أحد الأسباب التي حضت فلتروني على الهرب من واجباته؟
ان الضجر ظاهرة طبيعية في الحياة السياسية. هناك أجيال وأجيال في القرن التاسع عشر التي أصابها الضجر من الديموقراطية. بالنسبة الى المواطنين الأحرار هنا فانهم يباركون بصورة عمياء ديموقراطية برلسكوني الفاشستية. ان الناخبين الإيطاليين، بغض النظر عن الأزمة المالية، لا يدرون ما يفعلون بالإصلاحات الديموقراطية. انهم بصراحة يريدون دولة قليلة القوانين تقوم بتوزيع جزء من ثروتها عليهم. لننظر الى جميع الشرائح الاجتماعية لنرى كيف أن السرقة والفساد والرشوة تتمتع بدرجة مقبولية عالية جداً.

هل ان ضعف المعارضة تساعد برلسكوني في الوصول الى منصب رئاسة الجمهوري؟
من دون شك! وهذا ما يجعلني أشعر بالمرارة. فبرلسكوني فعل ما طاب له من دون المبالاة بأحد. وبدلاً من معاقبته لم يتأخر المجتمع الإيطالي من مكافئته.

ما برز في كتب التاريخ كصورة لزعيم إصلاحي إيطالي، في السنوات الأخيرة؟
انه رومانو برودي، رئيس الوزراء السابق. هو الوحيد الذي هزم برلسكوني سياسياً، مرتين. انه مليء بالعيوب كبروفيسور لكنه رجل الدولة الإيطالي الوحيد الذي يتمتع بخبرة أوروبية ناهيك من هدوئه المؤسساتي والشخصي. للأسف أطاح به قزماً سياسياً يدعى quot;كليمينتي ماستيلاquot; وزير العدل في حكومته السابقة.