واشنطن، وكالات: أعلن السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون في حديث لصحيفةquot;الشرق الأوسطquot; أن ما جعل قضية إغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري دولية، كان quot;الدليل الواضح على التورط السوري... لم يعد الأمر فقط مجرد شؤون داخلية في لبنانquot;. ويضيف: quot;أعتقد أن الجميع وليس فقط في واشنطن، بل في أوروبا أيضاً وكل من كان يفهم بقضايا الشرق الأوسط، ظن أن سوريا متورطةquot;.
وأكد بولتون انه ليس لديه quot;أي شك بتورط سورياquot; باغتيال الحريري. وداخل إدارة الرئيس السابق جورج بوش، يقول بولتون: quot;لم أعرف بوجود أحد دافع عن السوريينquot; حينها. ويضيف: quot;لا أظن أن المحققين أيضاً يعتقدون أن هناك شكاًquot; بتورط سوريا بعملية الاغتيال. وإلى جانب ما يقول بولتون إنه تورط واضح للسوريين في اغتيال الحريري، يقول إن ما دفع واشنطن لدعم تحقيق دولي هو quot;الاختراق السوري لأجهزة الأمن والقضاء في لبنانquot;، ويضيف: quot;اللبنانيون أنفسهم غير قادرين على إجراء تحقيق كامل ونزيهquot;، ولهذه الأسباب بحثت واشنطن عن طريقة quot;لتساعد فيها اللبنانيين، والحكومة اللبنانية المنتخبة ديمقراطياً، حكومة فؤاد السنيورةquot;.
وأكد بولتون أن الرسالة الأساسية من هذه المحكمة، موجهة بالأساس لإيران وسوريا، مضيفا quot;نحن نعرف ماذا كانوا يحاولون أن يفعلوا في لبنان، والمحكمة هي جهد لمنع ذلك من الحصول، لأنه إذا فهم الناس أن سوريا كانت خلف اغتيال الحريري، فقد يعرقل هذا بالتأكيد جهود عودتهم إلى لبنانquot;. ويضيف بولتون أن quot;اغتيال الحريري كان تهديداً للأمن والسلام الدوليين، لأنه لم يكن مجرد عمل إجرامي داخل لبنان بل كانت له آثار دوليةquot;. وشرح أن واشنطن استنتجت ذلك quot;من خلال النظر إلى تصرف السوريين في لبنان لفترة طويلة، إذ حاولوا القضاء على استقلال وسيادة لبنان، وأعتقد أننا كنا محقين بتفكيرنا أنه ليس فقط اغتيال الحريري، بل الكثير من الاغتيالات الأخرى حصلت بهذا الهدفquot;.
ويضيف أنه خلال فترة التحقيق الأولى التي أجراها المحققان اللذان تعاقبا على ترؤس فريق التحقيق، ديتليف ميليس وسيرج براميريتس، دعمت واشنطن وساعدت التحقيق على أن يتعدى جريمة اغتيال الحريري، ويشمل الاغتيالات الأخرى التي تلته، لان الأمر quot;بدا بالنسبة إلينا وكأنه نمط في القتلquot;.
ولفت الى أن هناك عناصر عدة أثرت على تفكير واضعي هذه السياسة وجعلتهم يخطون باتجاه الضغط على دمشق من خلال دعم التحقيق الدولي في قضية الحريري والاغتيالات الأخرى، ثم دعم تشكيل محكمة خاصة، قائلا quot;دمشق كانت تتصرف بشكل متزايد كأداة لإيران، من خلال تقديم الدعم لحزب الله داخل لبنان، وعلى الرغم من عدم معرفتنا بكل الوقائع هنا، إنما أعتقد أيضاً من خلال تورطها في نشاطات مرتبطة ببرنامج إيران النووي، وأعتقد أن هذا يفسر بناء كوريا الشمالية للمفاعل النووي على ضفاف نهر الفرات والذي دمرته إسرائيل في أيلول 2007quot;.
ويذكر بولتون أن وزير الخارجية آنذاك كولن باول توجه إلى دمشق، وقال للقادة السوريين quot;عليكم أن تغلقوا المقرات الإرهابية في دمشق، وعليكم أن تتخلوا عن برنامجكم لأسلحة الدمار الشامل، وعليكم أن تتوقفوا عن السماح بإدخال الدعم المالي والسلاح للإرهابيين إلى العراق، وعليكم أن تبدوا جدية للتفاوض مع إسرائيل، وإذا فعلتم ذلك يمكنكم أن تحصلوا على علاقة مختلفة مع الولايات المتحدة. ولكن السوريين في البداية رفضوا كل مطالب باولquot;.
ورأى بولتون أن سياسة الحوار مع دمشق quot;تشكل تهديداً للمحكمةquot;. ويقول: quot;للدرجة التي نعيد فيها شرعنة سوريا، نجعل من الصعب على المدعي العام الذي إذا توصل إلى كشف تورط سوري مباشر على مستوى حكومي، أن يتابع في ادعائه أو أن يحصل على تعاون سوري في التحقيقquot;.
وعلى الرغم من مخاوفه، فإن بولتون يقول إن المحكمة هي quot;كل ما لديناquot; في الوقت الحالي للضغط على سوريا، ولا يرفض إمكانية أن يكون لها دور مؤثر في هذا الاتجاه. ويشير إلى أن quot;السوريين تفاجأوا للمدى الذي ذهب إليه التحقيق ولإقامة المحكمةquot;، ولكن مع ذلك يقول إنه لم يجد quot;أدلة لغاية الآن على أن سوريا غيرت هدفها الاستراتيجي، وهو إعادة السيطرة على لبنان بأقرب ما يمكنquot;.
واستبعد أيضاً أن تشهد المحكمة تعاوناً سورياً كاملا، لأنه يقول إن هذا سيعني quot;التوقيع على مذكرة القبض على القيادة السورية الكبرىquot;. ويضيف: quot;إذا كانت الأدلة التي يحتاجها المحققون لإثباث تورط سوريا موجودة داخل سوريا ولا يمكنهم الحصول عليها، فعندها سيكون لدى المحكمة مشكلة. ولكن يبدو لي أن مجلس الأمن رأى أن هناك فرصة أفضل على الأقل أن يتقدم بعض الأشخاص من خارج سوريا للشهادة، أو أن نحصل على اعتراف من أشخاص داخل سوريا عرفوا ماذا حصل، ويمكنهم أن يشهدوا إذا استطاعوا أن يخرجوا من سوريا ويحصلوا على الحمايةquot;.
الاستعدادات على الطريق الصحيح
بدوره أكد السكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون ان الاعمال التحضيرية للمحكمة الدولية تسير على الطريق الصحيح داعيا الدول الاعضاء الى التعاون مع المدعي العام من أجل انجاح مهمته. واعرب بان في تقرير قدمه الى مجلس الامن الدولي في وقت متأخر من الليلة الماضية عن سروره لابلاغ المجلس بان جميع الخطوات والتدابير اللازمة تم اتخاذها من أجل ان تبدأ المحكمة الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في الاول من مارس وستبدأ انشطتها في مراحل متتالية.
وقال السكرتير العام للامم المتحدة quot;اننا سنواصل ضمان أن المحكمة قادرة على تحقيق ولايتها بشكل أكثر فعاليةquot; مشددا على ان تعاون جميع الدول الاعضاء سيظل امرا حاسما لنجاح المحكمة الخاصة بلبنان. واضاف بان انه وضع الصيغة النهائية لعملية اختيار قضاة المحكمة الخاصة بلبنان الا انه شدد في الوقت نفسه على انه لن يعلن اسماءهم حتى يتم الانتهاء من ضمان كل ما يلزم من التدابير الامنية. واشار الى ان رئيس مكتب الدفاع تم اختياره من قبل لجنة خاصة بذلك مضيفا انه يؤيد اختيارهم وبين انه سيكشف عن اسمه بعد اجراء مشاورات مع رئيس المحكمة بمجرد ان يتم انتخاب الاخير.
يذكر ان القاضي الكندي دانيال بالمار الذي يتولى حاليا رئاسة لجنة التحقيق الدولية بتكليف من مجلس الامن الدولي لكشف ملابسات جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري التي وقعت في 14 من فبراير 2005 سوف يتولى مهام منصبه مدعيا عاما للمحكمة الدولية في لاهاي في الاول من مارس المقبل.
وقال بان انه تم اختيار مهندس لتصميم قاعة المحكمة التي يتوقع ان تكون جاهزة للاستخدام اوائل عام 2010. وتبلغ ميزانية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حوالي 4ر51 مليون دولار وذلك للسنة الاولى من عملها ابتداء من شهر يناير 2009.
التعليقات