طلال سلامة من روما: من مهاجرين شرعيين اليوم الى أجانب غير شرعيين وغير مرغوب بهم غداً. هذا السيناريو الذي ينتظر مئات الآلاف من المهاجرين الشرعيين المقيمين بإيطاليا منذ سنوات عدة بسبب الأزمة المالية العاصفة، التي لا ترحم لا الإيطاليين ولا الأجانب! في سياق متصل، يحاول روبرتو ماروني، وزير الداخلية المنتمي الى رابطة الشمال والمتميز بمواقف أكثر اعتدالاً من آخرين داخل هذا الحزب، تقسية قلبه بقدر الإمكان برغم أنه يعلم جيداً ما يحصل مع المهاجرين الشرعيين الذين يجري تسريحهم بين ليلة وضحاها. في المقام الأول، لا يتمتع هؤلاء المهاجرين بأي نظام قانوني متكامل يحميهم. كما أن التسريح يعني أوتوماتيكياً حرمانهم من تقاضي المعاشات الشهرية وهذا ما يحصل الآن للآلاف منهم. هكذا، يتحول حلمهم الإيطالي الى كابوس طويل الأمد لا سيما ان كان فقدانهم لأماكن العمل يعني كذلك عدم موافقة دوائر الهجرة هنا على تجديد رخص إقامتهم على الأراضي الإيطالية!

ان قوانين الهجرة هنا واضحة جداً. فالمهاجرين يتم معاملتهم كعمال وليس كمواطنين إيطاليين جدد. ويعتمد ماروني في هذا الأمر على قانون بوسي-فيني الذي تم الإقرار به في عام 2002 عندما كان المسار الاقتصادي لإيطاليا صعودياً. هكذا، أضحت الأزمة العمالية، التي قطعت أنفاس شرائح كبيرة من العمال الأجانب وأسرهم، عائقاً جدياً أمام إصدار رخص الإقامة أم تجديدها. فآلية التجديد هذه، وفق قوانين الشرطة، ينبغي أن تعتمد على وجود دخل سنوي يتم إثباته بواسطة الأدلة! مما اختلق هنا طبقتين من المواطنين. فالمواطن الإيطالي يمكنه البقاء عاطلاً عن العمل لمدة طويلة. كما يمكنه الموافقة على عقود عمل قصيرة الأمد أم رفض اقتراحات عمل تعتبر غير متجانسة مع تطلعاته التكوينية.

أما المهاجر الشرعي، الذي يحصل عادة على رخصة إقامة صلاحيتها سنتين قابلة للتجديد، فينبغي عليه العثور على وظيفة في غضون ستة شهور(ان أصبح بدوره عاطلاً عن العمل). وتفضل وزارة الداخلية أن يكون هذا العقد غير محصور على فترة زمنية معينة. في حال الإخفاق في العثور على وظيفة، أي كانت، فان على الأجنبي مغادرة البلاد.. أم التحول الى مهاجر غير شرعي لن يرحمه روبرتو ماروني الذي يؤمن أن على الحكومة أن تكون شريرة مع كل من له صفة غير شرعية هنا!