تثبيت الحكم ضدّه قد ينسف أمل الإسلاميين في مصالحة مع الحكومة

استياء حقوقيّ في تونس عشيّة محاكمة الرئيس الأسبق لحركة quot;النهضةquot;

إسماعيل دبارة من تونس: يمثل السّبت أمام محكمة الاستئناف بتونس الدكتور صادق شورو الرئيس السابق لحركة النهضة الإسلامية المحظورة بتهمة quot; الاحتفاظ بجمعية غير مرخّص لها quot; بعد صدور حكم ابتدائيّ بسجنه عاما نافذا. واعتقل شورو في الثالث من كانون أول من العام 2008 بعد شهر واحد من الإفراج عنه اثر قضائه سبعة عشر سنة في السجن بتهمة الانتماء إلى حركة quot;النهضةquot;. وتأتي المحاكمة في وقت يترقّب فيه حقوقيو البلاد وسياسيّيها الحكم الذي سيصدر على القياديّ النهضويّ و تبعاته ودلالاته خصوصا مع تأكيد عدد من الجمعيات و المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان أنّquot; محاكمة شورو سياسية ولا تتوفر فيها مقومات المحاكمة العادلةquot;.

وفي بيان مشترك لها ،عبّرت سبع منظمات حقوقية عن quot;رفضها المبدئي للمحاكمات السياسية بصفة عامة ولمحكمة الدكتور الصادق شوروالرئيس السابق لحركة النهضة من أجل آرائه و مواقفه السياسية بصفة خاصةquot;. وطالبت كلّ من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمجلس الوطني للحريات بتونس والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ومنظمة حرية و إنصاف والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب والودادية الوطنية لقدماء المقاومين والمرصد الوطني لحرية الصحافة و النشر و الإبداع بـquot;احترام استقلال القضاء وعدم توظيفه لحسم الخلافات السياسية ولإسكات الأصوات الحرة و وضع حد للجوء السلطة إلى الوسائل الأمنية و القضائية في التعامل مع القضايا السياسية و الاجتماعية و الحقوقيةquot;.

النشاط الحقوقي حمزة حمزة عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف للدفاع عن حقوق الإنسان قال في تصريحات لإيلاف إنّ quot;القضية برمّتها مفتعلة وقد انطلقت بعد أسابيع قليلة من إطلاق سراح الدكتور شورو من حكم بالسجن بلغ 18عاما.

واستنادا إلى حمزة حمزة فإنّ الاتهامات الموجهة إلى صادق شورو تتعلق بتصريحات له لقناة تلفزية ذكر فيها انه تعرض إلى المعاملة السيئة أثناء إيقافه وأثناء إقامته بالسجن وتعرض فيها للتعذيب كما أكد فيها حقه في التعبير والتنظموحق الجميع في ممارسة النشاط السياسيquot; ويتابع:quot; نحن نلحظ تشفيا واضحا من السجين السياسي الدكتور صادق شورو منذ اعتقاله قبل عيد الأضحى بيومين، فقد عمدت إدارة السجون إلى نقله تعسفياً إلى سجن quot;الناظورquot; رغم أنه موقوف على ذمة المحكمة الابتدائية بتونس إلى حين النظر في استئناف الحكم الصادر بحقه ورفضت المحكمة كافة الدعوات للإفراج الوقتي عنه و لأسباب صحية و إنسانية محض.quot;

منظمة quot;هيومن رايتس ووتشquot; انتقدت من جهتها الحكومة التونسية لإعادتها اعتقال الصادق شورو، بعد أسابيع قليلة من إطلاق سراحه، ، ودعت الجمعية السلطات إلى إسقاط التهم الجديدة بحق شورو وإخلاء سبيله.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تصريح صحفيّ إن شورو: quot;يجد نفسه في السجن مجدداً بعد قضاء عشرين عاماً تقريباً فيه بناء على اتهامات مشكوك في صحتها، وهذا لتعبيره عن آرائه لوسائل الإعلامquot;وتضيف ويتسن: quot;شورو وراء القضبان بسبب قانون غير منصف، يُجرّم الانتماء إلى الجمعيات، وتطبقه الحكومة التونسية على نحو غير عادل، لسحق المعارضة...يجدر بالادعاء إسقاط القضية ومنح شورو حريته.quot;

عرف الصادق شورو- وهو أستاذ محاضر بكليتي الطب و العلوم بتونس ومدرسا بالأكاديمية العسكرية، وعضو بنقابة التعليم العالي - المعتقلات منذ 17 شباط (فبرار) من العام 1991 وقضى 18 عاماً في السجون التونسية منها 14 عاماً منها في زنزانة انفرادية حسب بعض المنظمات الحقوقية و إفاداته الشخصية ، قبل أن يطلق سراحه في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي ليعاد اعتقاله مجدداً بعد أقل من شهر ويحاكم بتهمة الاحتفاظ بجمعية غير مرخص لها في إشارة إلى حركة النهضة الأصوليّة التي يحضرها قانون الأحزاب في تونس كونها تأسست على مرجعية دينية واضحة.

لكن دفاع شورو ينفي هذه التهمة ويقول إنّ سجينا مسرّحا منذ شهر و ظلّ طوال 18 عشر عاما وراء القضبان لا يمكن أن يعود للنشاط السياسي بهذا الشكل السريع ، أما الدكتور شورو فيؤكّد أنّ تصريحاته الإعلامية لم تكن باسم التنظيم بل كانت بصفة فردية و تعبّر عن أرائه وقناعاته فقط.

عدد من المتابعين في تونس يتأمّل أن تفضي محاكمة شورو إلى إطلاق سراحه و غلق ملف مساجين النهضة بصفة نهائية مما يفسح المجال أمام ملفات أخرى كالمهجرين و وضع الحركة التنظيميّ ، خصوصا و أنّ البلاد مقبلة على استحقاق انتخابيّ يستدعي بعض الخطوات الإصلاحية و المُطمئنة من قبل الحكومة تجاه خصومها القانونيين وغير القانونيين.

وترى مصادر مقرّبة من بعض قيادات الحركة في الداخل إنّ محاكمة شورو ستُوضّح طريقة تعاطى الحكم مع ملف حركة النهضة في المستقبل، و لئن يبدي بعض النهضوين تفاؤلا من إمكانية إطلاق سراح شورو مع عدد من قيادات احتجاجات الحوض المنجمي خصوصا بعد الأخبار التي راجت عن قرب صدور عفو لفائدتهم، فإنّ البعض الآخر يعتبر إعادة شورو إلى السجن بعد السنين الطويلة التي قضاها في المعتقل quot;نسفا للآمال التي يعلقها البعض في مراجعة من نوع ما قد يقوم بها النظام الحاكم تجاه الحركة الإسلاميةquot;.

لكن الواضح أنّ السلطات في تونس قد تكون مستعدّة للتعاطي الايجابيّ مع ملف صادق شورو بصفة منعزلة عن ملف الحركة ككل ، لكنها تبدو لبعض المحللين غير مستعدّة بتاتا للاعتراف بحركة النهضة أو فتح المجال أمامها للعمل القانوني السلمي وهو ما تطالب به الحركة بعد تأكيد إقرارها ببعض المراجعات من عدّة مواقف ومفاهيم كالديمقراطية وحرية المعتقد وحقوق المرأة.