جوبا (السودان): حذرت الأمم المتحدة من صعوبة تعويض الخبرة الإنسانية التي سيخسرها المجتمع الإنساني في دارفور إثر طرد وإقفال مكاتب 16 منظمة إنسانية، مما سيتسبب في تفاقم أوضاع النازحين في هذا الإقليم.

فقد صرح جون هولمز منسق شؤون الإغاثة الإنسانية والطوارئ في نيويورك أن عمليات الإغاثة في دارفور تشكل شبكة متكاملة ستتضرر حتما بطرد 13 منظمة إغاثة دولية وإقفال ثلاث منظمات غير حكومية محلية.

وقد تم الإعلان عن الإغلاق مباشرة بعد صدور قرار محكمة الجنايات الدولية في 4 مارس/آذار القاضي باعتقال الرئيس عمر البشير لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهي تهم نفاها البشير بشدة.

وفي هذا السياق، أفادت أميرة حق، منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، عند إعلانها عن نتائج تقييم مشترك أجرته الأمم المتحدة والحكومة السودانية مؤخرا للأوضاع في دارفور، أن quot;حوالي 1.1 مليون شخص يحصلون على المساعدات الغذائية لشهري مارس وأبريل بفضل عملية توزيع فريدة قامت بها لجان الغذاء المحلية لمرة واحدة فقط.

من جهته، أفاد زعيم حركة تحرير السودان المتمردة، عبد الواحد نور، أنه تلقى quot;تقارير مثيرة للقلق حول الوضعquot; في دارفور. كما صرح لجريدة السودان تريبيون أن السكان المحليين لا يثقون بموظفي الإغاثة المبعوثين من طرف الحكومة.

كما أفاد أحمد حسين آدم، الناطق باسم حركة العدل والمساواة، أن quot;الوضع في المخيمات سيء للغايةquot;، حيث توفي أربعة أطفال خلال اليومين الماضيين بسبب مضاعفات سوء التغذية في مخيم شنغيل طوبيا، شمال دارفور.

وكانت الأمم المتحدة والحكومة السودانية قد أجرتا في 19 مارس/آذار تقييما للأوضاع في ولايات دارفور الثلاث جاء فيه أنه quot;بحلول شهر مايو/أيار، لن يحصل المتضررون على المساعدات الإنسانية ما لم يتمكن برنامج الأغذية العالمي من العثور على شركاء قادرين على تحمل عبء عمليات التوزيع الهائل للأغذيةquot;.

وكان السودان قد أكد أن منظمات الإغاثة المحلية ستتولى ملء الثغرة الإنسانية التي خلفتها المنظمات المطرودة، إلا أن الأمم المتحدة وغيرها من منظمات الإغاثة الدولية شككت في امتلاك هذه المنظمات للقدرة العملية اللازمة على المدى البعيد.

وفي هذا السياق، كان قطبي مهدي، العضو البارز في حزب المؤتمر الوطني، قد أكد أن أكثر من 200 منظمة سودانية ستتكفل بملء الفراغ الإنساني الذي ستخلفه المنظمات المطرودة. ومن بين هذه المنظمات المحلية منظمة الهلال الأحمر السوداني التي ستتكفل بتوفير الطعام والرعاية الصحية والماء.

الثغرات

وفقا لنتائج التقييم، ستظل هناك ثغرات هائلة تحتاج لمن يملؤها، خصوصا في مجال توفير الطعام والخدمات الصحية والمساعدات غير الغذائية والمأوى والمياه والصرف الصحي التي يحتاجها حوالي 4.7 مليون من سكان دارفور المتضررين بالنزاع.

وتتوقع حق أن يصبح تأمين الماء النظيف مشكلة في غضون شهر من الزمن. حيث يحصل أكثر من 850,000 شخص على المياه الصالحة للشرب من الحكومة السودانية ومنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة وبعض المنظمات غير الحكومية المحلية.

كما تتوقع حق أن تنفذ الأموال المخصصة لقطع الغيار والوقود ومضخات المياه في غضون أربعة أسابيع، في الوقت الذي ستحتاج فيه المرافق الصحية للصيانة العاجلة للحيلولة دون انتشار أية أمراض ممكنة. وسيعاني قطاع الرعاية الصحية من نقص كبير على المدى القريب حيث تم تأمين رواتب موظفي الحكومة حتى نهاية شهر أبريل فقط. ولا يحصل حوالي 650,000 شخص على الرعاية الطبية.

وبالنسبة للمأوى، أشارت حق إلى أن هناك 692,400 شخص ينتظرون وصول مواد البناء قبل بداية موسم الأمطار، ومن المحتمل ألا يحصلوا عليها ما لم يتمكن مركز الأمم المتحدة للعمليات اللوجيستية المشتركة من الحصول على لوائح التوزيع وإيجاد شركاء تنفيذ يتولون عمليات التوزيع.

وأوضحت حق أن الحكومة تعاونت مع الأمم المتحدة خلال مرحلة التقييم quot;في جو مفتوح وبناءquot;، مضيفة أن quot;كل الأطراف أدركت التحديات والتزمت بإيجاد الحلولquot;. وطالبت برفع القيود المفروضة على منظمات الإغاثة مشيرة إلى أنه quot;يجب إزاحة العراقيل البيروقراطية الراهنة وعدم السماح للأوضاع الأمنية بتعقيد بعض الأمور مثل إمكانية الوصول إلى المتضررين حتى لا ينتهي المطاف بسكان دارفور إلى أكبر كارثة منذ سنينquot;.

المخاوف الأمنية

قال أحد عمال الإغاثة في دارفور، طلب عدم الإفصاح عن هويته، أن quot;التقرير متشائم نوعا ما ولكنه كان متوقعا. فنحن كنا نعرف أن المشاكل التي تواجه دارفور مشاكل عويصة للغايةquot;.

وقد استمرت المخاوف الأمنية في الارتفاع منذ ذلك الحين. حيث أبلغت قوات الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي المشتركة لحفظ السلام في دارفور في 24 مارس/آذار عن وقوع عدد من الهجمات استهدفت عمال الإغاثة خلال الأيام الأخيرة. وقد شملت هذه الحوادث كمينا نصبه مسلحون يمتطون الجمال في 21 مارس/آذار استهدف أربع موظفين سودانيين يعملون غرب دارفور لصالح منظمة الإغاثة الإفريقية Fellowship for African Relief (FAR) ، حيث تعرض أحدهم للضرب وآخر للسرقة. وفي 23 مارس، تعرض سوداني آخر يعمل مع نفس المنظمة لإطلاق رصاص أودى بحياته في كانغو هارازا غرب دارفور.