تسعى لتعزيز هيبتها في المنطقة
أسباب عرض إسرائيل لعضلاتها في السودان
خلف خلف من رام الله:
يجمع العديد من الخبراء العسكريين على أن اعتراف المصادر الأمنية الإسرائيلية بقصف قافلة الأسلحة في السودان بواسطة بمقاتلات من نوع أف 16 تساندها طائرات من طراز أف15، يهدف لتحقيق عدة اعتبارات سياسية وعسكرية، منها التأكيد على قدرة إسرائيل في الوصول لأي هدف، حتى لو كان بعيد نسبيًا عن نطاقها الجوي، كما يهدف في الوقت ذاته، إلى رفع معنويات الإسرائيليين في وقت تتواصل الأصوات التي تقول إن قوة الردع للدولة العبرية آخذه في الاندثار والتصدع، لا سيما بعد الفشل في حسم حرب لبنان الثانية 2006، وكذلك الحال مع الحرب الأخيرة التي شنت على قطاع غزة، بخاصة أن المعارك توقفت على الجبهتين، بينما الصواريخ والقذائف مستمرة في السقوط على البلدات والمستوطنات الإسرائيلية سواء الواقعة بمحاذاة لبنان أم غزة.
إن من يلقي نظرة على الحروب التي خاضتها إسرائيل منذ نشأتها، يصل لاستنتاج مؤداه أن تل أبيب تعول على الدوام على سلاح جوها، الذي يصفه الكثير من المحللين العسكريين الإسرائيليين بذراع إسرائيل الطويلة. ويبدو أن الاعتماد على هذا السلاح بات هاجسًا لدى القيادة العسكرية الإسرائيلية، رغم أنه أثبت فشله في حسم المعارك البرية، بينما نجج في توجيه ضربات موضعية ناجعة وقوية، على غرار قصف المفاعل النووي العراقي عام 1982، وكذلك مهاجمة المنشأة السورية عام 2008، وأخيرًا استهداف شاحنات الأسلحة الإيرانية في السودان، بينما كانت متوجهة إلى غزة، بحسب الرواية الإسرائيلية.
لقد عملت تل أبيب منذ إعلانها عام 1948 على تطوير طيرانها الحربي، لكنها لم تفلح في التوصل لنجاحات منهجية ثابتة بين الاعوام 1969 - 1973، إذ اعتمد سلاح جوها بالاساس على قدرات ملاحيه حتى يتغلب على شبكات الدول العربية الدفاعية. وحتى عام 1982 حسن سلاح الجو الاسرائيلي الى درجة كبيرة قدرته الفتاكة من خلال التسلح الجوي - البري بالمروحيات، وبدأ في استخدام وبنجاعة الاسلحة الموجهة جيدًا. لكن اليوم طرأ على سلاح الجو تغيييرات بعيدة المدى، وذلك في اعقاب ادخال تكنولوجيات حديثة للاستخدام.
حيث تمتلك إسرائيل حاليًا قوة جوية يتم التحكم بها عبر شبكة حواسيب متصلة مع بعضها البعض، وتتمتع هذه القوة بقدرة قيادة ورقابة عالية، وحتى تقديرات ما بعد الاستهداف. وبحسب المصادر الأمنية الإسرائيلية فقد قامت طائرات إسرائيل بدون طيار بالتحليق فوق المكان الذي قصف بالسودان قبل نحو شهرين، وعندما اتضح أن قافلة الأسلحة لم تدمر بشكل تام، عاودت طائرات الـ أف 16 قصفها من جديد، ودمرت 120 من الوسائل القتالية، من بينها صواريخ من طراز quot;فجر 3quot; والتي يصل مداها إلى 40 كيلومترا، ويحمل الصاروخ رأسا قتاليا تصل زنته إلى 45 كيلوغراما.
يؤكد الهجوم على الأراضي السودانية البعيدة نسبيا عن إسرائيل أن عمليات سلاح الجو الاسرائيلي تستند على ابعاد تضاعف من قوة الطائرات الإسرائيلية، والقتال الالكتروني والمخابرات الالكترونية المرتبطة بالشبكة. وكذلك تستند إلى مساعدات الطائرات بدون طيار الاسرائيلية. ويبدو أن الطائرات الحربية - الاسرائيلية تستخدم مزيجًا ناجعًا من الرادارات واجهزة الاستشعار الالكترونية وصواريخ جو جو وصواريخ ارض - جو.
وتستخدم الدولة العبرية نحو خمسة اقمار صناعية للتجسس، بعضها مخصصًا لجمع معلومات استخبارية عن أهداف تنتشر في أنحاء الشرق الاوسط، وتغطية الميادين الموزعة في المجال كله من اجل معلومات استخبارية، وتحديد اي تحركات عسكرية في البلدان العربية، تفيد هذه المعلومات في تسديد عمليات قصف محكمة، لكنها ليست ناجعة بشكل جيد في المعارك البرية التي تلتحم بها الجيوش، وهو ما بدأ واضحا في حرب لبنان الثانية والحرب على قطاع غزة، التي لجأت إسرائيل خلالها إلى استهداف المدارس والمساجد بعدما استنفدت اهدافها العسكرية.
ومن تفاصيل الهجوم على السودان، يتبين أنه تم الاتكاء بشكل أساسي على طائرات أف 16، وذلك يعود لقدرات هذه الطائرات التكنولوجية العالية، حيث إنها مزدوجة باجهزة رادار للانذار المبكر مركبة في ذيل الطائرة لاكتشاف الاخطار. ومثل هذه الاخطار تصطدم تلقائيا بوسائل مضادة داخلية. والتقديرات كذلك أن سلاح الجو الاسرائيلي يستخدم اليوم طائرات حربية مدربة على خوض معارك جوية، تعتبر من افضل الطائرات في العالم وفي شل أجهزة الرادار.
مع العلم أن طائرات الـ اف 16 الاسرائيلية، قادرة على العمل في وزن اجمالي يزيد عن 23.590 كيلوغرام أي اعلى 4.30 كيلو غرام من طائرات الفالكون في أسلحة جو اخرى. ويشار إلى أن اسطول سلاح الجو الاسرائيلي كله مزود باجهزة رؤيا متقدمة تمكن من قصف الاهداف بدقة تفوق دقة طائرات سلاح الجو العربية بستة اضعاف، بحسب التقديرات العسكرية الإسرائيلية.