كامل الشيرازي من الجزائر: علمت quot;إيلافquot;، اليوم، أنّ ثلاثة من مقاتلي تنظيم quot;الجماعة السلفية للدعوة والقتالquot; التي صارت تدعى (قاعدة بلاد المغرب الإسلامي)، سلّموا أنفسهم رسميا، اليوم الثلاثاء، إلى الأمن الجزائري، في انتظار عشرات الآخرين ما يمثل تجددا في موجة التوبة الجماعية المتنامية بين المتمردين، حيث شهد الشهران الأخيران استسلام العشرات من أتباع الدموي quot;عبد الملك دروكدالquot;.

واستنادا إلى إفادات، فإنّ المسلحين الثلاثة سلّموا أنفسهم ببلدة بن شود المجاورة لولاية بومرداس (50 كلم شمال العاصمة)، وتتراوح أعمار المستسلمين بين 30 و35 سنة، وكان هؤلاء ينشطون في صفوف كتيبة الأنصار، ويُتوقع أن تشهد الفترة القليلة القادمة استسلام عشرات المسلحين، وأفيد أنّ هؤلاء يقودهم المسمى quot;أبو فاروقquot;، وينتمون إلى المنطقة السادسة فيما يسمى (قاعدة بلاد المغرب الإسلامي)، ونقلت مصادر محلية أنّ أتباع أبو فاروق يتفاوضون مع القوى الأمنية لتسليم أنفسهم لقاء استفادتهم من تدابير العفو، في وقت تشهد معسكرات المتمردين احتدام الصراعات حول الزعامة والغنائم.

وجدّد مؤسس quot;الجماعة السلفيةquot; في الجزائر quot;حسن حطابquot; المكنّى (أبو حمزة) (42 عاما)، مؤخرا، دعوة المسلحين إلى التوبة وإنهاء مظاهر العنف والانخراط في المجتمع مجددا، وأهاب بمقاتلي quot;قاعدة بلاد المغرب الإسلاميquot;، للاستسلام والاستفادة من تدابير ميثاق السلم المعمول به منذ مارس/آذار 2006، وسمحت باستيعاب مئات المسلحين بينهم أمراء وقادة سرايا وكتائب.

وكان قياديا بارزا في القاعدة سلّم نفسه أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، ويتعلق الأمر بـquot;بن تواتي عليquot; المكنّى quot;أبو تميمquot; أمير كتيبة الأنصار، الذي عارض النمط الذي كرّسه الدموي quot;عبد المالك درودكدالquot; منذ سنتين وارتضائه أسلوب الهجمات الانتحارية التي أودى بحياة مئات الأبرياء.

ويعدّ أبو تميم ثاني قيادي في القاعدة يعتزل العنف في فترة قصيرة، بعدما سارع القيادي السابق في التنظيم quot; أبو الوليد البليدي quot; إلى التوبة، وواظب منذ إلقائه السلاح على نفي ما دأب أكبر تنظيم متمرد في البلاد على ترويجه، ولخص أبو الوليد ما شهدته الجزائر من تصعيد دموي، بكون ذلك quot;مخطط تكفيريquot; يقوده (خوارج ) ويمارس هؤلاء بحسبه تقتيلا منظما للجزائريين تحت ( زعم ) الجهاد.

ويقول كثيرون ممن أشهروا خروجهم عن القاعدة، أنهم quot;انخدعوا quot; وقرروا وضع سلاحهم، بعدما فضل الدمويون استهداف المدنيين، وصاروا يمارسون الخداع للتعمية على مجازرهم، وضرب أبو الوليد مثلا بمجزرة البويرة في 20 آب/أغسطس الماضي، حيث روى كيف رأى بأمّ عينيه عشرات الأبرياء وهم يسقطون في التفجير الذي استهدف حافلة تابعة لشركة كندية، حيث سقط 12 مدنيا أعزلا، في وقت ادعت القاعدة أنّ الهجوم نجم عن مقتل عدد غير محدد من الأجانب، ولاحظ المسلح السابق أنّ quot;الإمارةquot; ظلت دوما تخبر مقاتليها بأنّ المستهدفين من الهجمات هم من الجيش والدرك والأجانب، لكن وقائع الميدان بيّنت غير ذلك تماما.

وكشف أبو الوليد البليدي الذي أسندت له مسؤوليات عدة في القاعدة، أنّ النداء الذي وجهه أحد أعمدة العنف المسلح في الجزائر quot;حسان حطابquot; الشهر الماضي، لعب دورا مؤثرا في حمله على إلقاء السلاح ومقاطعة من سماه (المجرم دروكدال)، وذهب في هجومه على متزعم الفرع المغاربي للقاعدة إلى حد نعت quot;عبد المالك دروكدالquot; بـquot;عميل بن لادن الذي أحلّ دماء المسلمين واستباح حرماتهمquot;.

كما استغرب أبو الوليد كيف للقاعدة أن تحاول استغفال عقول الجزائريين وتغرر بمئات الشباب حديثي السن لتكرار مذابح الجماعة الإسلامية المسلحة وما فعلته في مناطق جزائرية عدة خلال الفترة ما بين سنتي 1992 و1998، لذا دعا المسلح السابق في ختام بيانه عموم مواطنيه لعدم الانخداع، مهيبا بالمسلحين للتوبة وعدم البقاء في مثلث قائم على تكفير المسلمين، الخروج عن طاعة أولي الأمر، واستباحة دماء وحرمات المسلمين.

ويذهب مراقبون في الجزائر، إلى إمكانية إصدار السلطات هناك لإجراءات عفو جديدة في المرحلة المقبلة، على نحو يدعم ما أتى به قانون الوئام المدني وميثاق السلم والمصالحة في عامي 1999 و2005 وما تضمناه من تدابير سمحت بتطليق مئات المتمردين لأعمال العنف، واسترجاع ستة آلاف قطعة سلاح منذ بدء خطة المصالحة في الجزائر في مارس/آذار 2006، علما أنّ ثلاثمائة مسلح استفادوا من تدابير العفو العام.

وتقول أنباء أنّ معسكرات القاعدة تعيش حالة من الجمود والتذمر السائدة بين صفوف مقاتلي أكبر تنظيم دموي في الجزائر الذي يستوعب في حدود خمسمائة مسلح - 360 مسلحا بحسب إحصائيات رسمية-، واستنادا إلى ما ذكرته بيانات أمنية، فإنّ عموم المتمردين يتمركزن خصوصا في منطقة القبائل الكبرى وأجزاء من منطقتي الشرق والصحراء الكبرى، وغالبيتهم محسوبون على تنظيمي (قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي) و(جماعة حماة الدعوة السلفية)، بعدما جرى القضاء على النواة الصلبة في أقدم تنظيم دموي في البلاد (الجماعة الإسلامية المسلحة) بشكل كامل.