انقرة: تمكن الرئيس الاميركي باراك اوباما، مفاوض التسويات في قمة مجموعة العشرين او في قمة الحلف الاطلسي والمستمع الجيد على الدوم مع تفادي اعطاء الدروس، من اختبار اسلوبه الجديد في العمل على الساحة الدولية مع رغبة في القطيعة مع سنوات جورج بوش. فخلال الايام الخمسة الاولى من اول جولة عالمية مهمة، كانت رسالة البيت الابيض واضحة. الزمن قد تبدل، ومقولة quot;اما معنا او ضدناquot; ولت وولت معها التوترات التي تميز بها عهد بوش وتفاقمت مع الحرب على العراق ومقولة quot;محور الشرquot;.

وباتت الادارة الاميركية مستعدة اليوم للاستماع والتشاور والتعاون. فquot;الاستماع والمعرفةquot; وبعد ذلك فقط quot;القيادةquot; اصبح الشعار الجديد لسيد البيت الابيض. وقال شون كاي استاذ العلاقات الدولية في جامعة اوهايو ويسليان في هذا الصدد quot;انها في نظري رسالة اساسية ينبغي ان يتردد صداها في اوروبا: الولايات المتحدة تعتزم في الوقت الحاضر قيادة الامور لكن من خلال اعطاء المثال ومن خلال التشاور والالتزامquot;.

وكان لذلك وقع فوري في الرأي العام الاوروبي اذ ان الاعجاب والتأييد اللذين كسبهما اوباما في اوروبا اثناء الانتخابات الرئاسية اواخر العام 2008 لم يضمحل بريقهما على ما يبدو. كذلك فان الاهتمام الاعلامي كان في اوجه اذ ان الصحافيين وفي مبادرة نادرة، صفقوا له في مؤتمره الصحافي اثناء قمة مجموعة العشرين في لندن، كما جاءت الحشود الجماهيرية خصوصا في براغ حيث قدم ثلاثون الف شخص للاستماع لخطابه.

الا انه من المبكر الان القول ما اذا كان اوباما نجح في تحقيق اثنين من اهدافه الاولوية، وهما انعاش الاقتصاد العالمي واستقرار الوضع في افغانستان. ففي ما يتعلق بالملف الاول تمكن الرئيس الاميركي من اقناع الاوروبيين بالاسهام بمزيد من الاموال لدعم النشاط الاقتصادي. وبخصوص الموضوع الثاني لم يحصل سوى على وعد متواضع بتعزيز القوات لا يتعدى الخمسة الاف جندي.

لكن اسلوبه لقي التقدير والاعجاب في اوروبا. فقد لعب دور الوسيط في لندن لتفادي الشقاق في مجموعة العشرين من خلال العمل على تسوية بين الرئيس الصيني هو جينتاو الرافض لفكرة حظر الملاذات الضريبية (هونغ كونغ وماكاو تشكلان جزءا منها) ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي. ثم سعى اوباما جاهدا في ستراسبورغ اثناء قمة الحلف الاطلسي للحيلولة دون اندلاع ازمة حول تعيين الامين العام المقبل للمنظمة الاطلسية.

فقد تمكن في اللحظة الاخيرة من اقناع تركيا بالتراجع عن اعتراضها على تعيين رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوغ راسموسن على رأس الحلف الاطلسي. الى ذلك لم يبخل الرئيس الاميركي في كيل المديح لمحادثيه الاوروبيين، غوردن براون وخوسيه لويس رودريغيس ثاباتيرو وانغيلا ميركل او نيكولا ساركوزي. لكن بالنسبة لساركوزي، كان المديح سيفا ذو حدين. فقد قال اوباما مازحا quot;لم ينقصه الخيال ولا الابداع (..) فهو حاضر على عدد كبير من الجبهات ويصعب اللحاق بهquot; احيانا.

وفي المجال الاقتصادي اكد ان الولايات المتحدة لن تستمر كما في الماضي في الاستهلاك لتمويل صادرات الارض بكاملها. وفي مجال الدفاع رأى انه ينبغي على اوروبا ان تملك quot;قدرات عسكرية معززةquot; والاسهام بمزيد من المساعدات في افغانستان. ولخص في ستراسبورغ موقفه قائلا ان quot;الولايات المتحدة لا تستطيع مواجهة التحديات العالمية بمفردها، كما ان اوروبا لا يمكنها ايضا القيام بذلك بدون الولايات المتحدةquot;.