أشرف أبوجلالة من القاهرة: حذرت صحيفة quot;الغارديانquot; البريطانية في تقرير مثير لها بعددها الصادر اليوم الأحد من خطورة إقدام الحكومة البريطانية علي ارتكاب نفس الخطأ الذي سبق لها وأن وقعت فيه من قبل، فيما يتعلق باستمرار تخلصها من النفايات النووية السامة داخل منشأة سيلافيلد النووية، أول مواقع الطاقة النووية الخاصة بها في شمال غرب إنجلترا والذي يعد واحدا ً من أكثر البنايات الملوثة داخل القارة الأوروبية، خاصة ً بعد أن أعلنت الأسبوع الماضي عن خططا ً لإنشاء جيل جديد من المحطات النووية بالتزامن مع خطة التنظيف التي أعلنتها أيضا ً بقيمة ستتجاوز مليارات الجنيهات الإسترلينية.

وفي بداية تقريرها، أعطت الصحيفة وصفاً تفصيليا ً مخيفا ً للمبني الملقب بالمبني ( B30) التي قالت عنه أنه عبارة عن صرح إنشائي ضخم وقوي من الخرسانة المسلحة، حيث يقف وسط منشأة سيلافيلد النووية للأغراض السلمية والعسكرية ذات الأطراف المترامية في كومبريا. وهو محاط أيضا ً بسياج مرتفع يبلغ طوله ثلاثة أمتار ومزود في أعلاه بأسلاك شائكة، كما أنه مغطى بسقالات، وهو مليء أيضا ً بمتاهة من الأنابيب والكابلات، وبصورة تهكمية مثيرة، أكدت الصحيفة في الوقت ذاته أيضاً على أن هذا المبني لن يقدر له أن يفوز يوم ما بأى من جوائز التصميم المعماري.

ونقلت الصحيفة عن جورج بيفيريدج، نائب المدير العام بمنشأة سيلافيلد، قوله :quot;تعد هذه المنشأة أخطر مبني صناعي في أوروبا الغربيةquot;. وبرغم السمعة الرديئة التي يحظي بها هذا المبني، إلا أنه ليس من السهل على كثيرين فهم السبب وراء امتلاكه لمثل هذه السمعة. فهو يحتوي على أكوام من المفاعلات النووية القديمة ومجموعة من قضبان الوقود المتحطم، معظمها مجهولة المنشأ والعمر. وبالإضافة إلى ذلك، توجد مياه مشعة بمركز التبريد في وسط المبني B30. كما تحللت في المنطقة السفلية منه أجزاء من المعادن الملوثة إلى مياه المجاري التي تنبعث منها جرعات ثقيلة وربما مميتة من الإشعاع.

وإلى جوار مبنى B30 ، يوجد مبنى آخر مماثل له في الخطورة هو مبنى B38 الذي يعد ثاني أكثر المباني الصناعية خطورة في القارة الأوروبية، حسبما أكد بيفيريدج. حيث يخزن في هذا المبنى الكسوة عالية الإشعاع لقضبان الوقود الخاص بالمفاعل. وليس لدى المهندسين سوي فكرة مبهمة عن الأشياء الأخرى التي تم دفنها بداخل بركة التبريد الخاصة بهذا المبنى، والتي تركت كى تتحلل على مدار العقود القليلة الماضية. ومع هذا، فإن المبنى شأنه شأن الصروح العتيقة الأخرى بسيلافيلد، يتعرض خلال هذه الأثناء للانهيار، ويواجه المهندسون الآن صداع التعامل مع محتوياته المميتة.

وأشارت الصحيفة أيضا ً إلى أن مثل هذه المباني هي الجانب المظلم لسيلافيلد، هذا المكان الذي يواجه فيه المهندسون والعلماء الآن تركة بريطانيا الخاصة بتطلعاتها النووية في أعقاب الحرب وكذلك قطع الأرض المقحلة السامة التي تكونت علي ساحل كومبريا. ووضع المهندسون تقديرات تتحدث عن أن البلاد قد تتكلف مبلغا ً قدره 50 مليار إسترليني من أجل تنظيف تلك المنطقة علي مدار المائة عام المقبلة. وقالت الصحيفة أن هذا المبلغ هو الجزء الأكبر حتى الآن من مبلغ الـ 73 مليون إسترليني الذي تم التعهد به لتنظيف ماضي بريطانيا الملوث نوويا ً، كما يعد هذا بمثابة الحرج الشديد للحكومة، الشغوفة الآن بالترويج للطاقة النووية كحل لمشكلات الطاقة التي تعاني منها بريطانيا.

ونقلت الصحيفة عن دكتور بول هوارث، المدير التنفيذي لمعهد دالتون النووي في جامعة مانشستر، قوله :quot; سوف تكون عملية التنظيف هذه مهمة شاقة للغاية. فدافعي الضرائب سيكون لزاما ً عليهم الآن أن يدفعوا ما يقرب من 1.5 مليار إسترليني كل عام من أجل تنظيف النفايات الخاصة بسيلافيلد كما سيكون لزاما ً علينا أن نحافظ على هذا الاستثمار لسنوات قادمة. وهذا تعهد مالي كبير للغاية. رغم انه سيكون من الخطأ رفض الطاقة النووية. أما بالنسبة للمفاعلات الحديثة، فإنها تختلف بالفعل تماما ً من حيث التصاميم عن المفاعلات الأولوية التي تم بنائها في سيلافيلد خلال أربعينات وخمسينيات القرن الماضي. لكن إقناع الناس بتلك النقاط لن يكون أمرا ً سهلا ً quot;.