بان كي مون يدشن تقرير الكوارث والملك يمنحه وسام الفاتح
البحرين ومصر وجيبوتي مهددة بارتفاع منسوب مياهها
سارة رفاعي من المنامة: دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون رؤساء الحكومات والقادة السياسيين في جميع أنحاء العالم إلى توظيف المزيد من الاستثمارات لأغراض الحد من مخاطر الكوارث، وشدد خلال تدشينه تقريرًا عالميًا حول الحد من تأثير الكوارث الطبيعية في المنامة اليوم برعاية رئيس وزراء البحرين الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة على اهمية ذلك بالنسبة إلى التنمية والامن ومكافحة الفقر، كما دعا الحكومات الى مزيد من الاستثمارات في هذا المجال. وذكر بان كي مون ان ارتفاع منسوب مياه البحر الناتج عن التغير المناخي يهدد البحرين ومصر وجيبوتي فيما quot;العديد من البلدان العربية الأخرى منكوبة بالزلازل والجفافquot;، فيما دعا التقرير الذي حمل عنوان quot;التقييم العالمي بشأن الحد من مخاطر الكوارث لعام 2009quot; الى تعزيز سبل العيش الريفية وحماية النظم البيئية والى استخدام التمويل بالمبالغ الصغيرة.
واعتبر مون ان الحد من مخاطر الكوارث يمكن أن يساعد البلدان على خفض الفقر وصون التنمية والتكيف مع تغير المناخ مما يؤدي بدوره إلى إمكانية توطيد الأمن وتعزيز الاستقرار على الصعيد العالمي، مشيرا الى انه في العام 2008 فقد 236 الف شخص حياتهم جراء أكثر من ثلاثمئة كارثة وتضرر أكثر من مئتي مليون نسمة تضررًا مباشرًا وبلغت قيمة الخسائر أكثر من 180 مليار دولار، وذكر ان قارة آسيا quot;تعرضت للضرر بشكل خاص حيث كانت تسعة بلدان في آسيا من بين البلدان العشرة التي تكبدت أكثر من غيرها أعلى عدد من الوفيات الناجمة عن الكوارثquot;.
واشار الامين العام الى ان quot;نسبة 75% ممن يلقون مصرعهم بسبب الفيضانات يعيشون في ثلاثة بلدان فقط وهي بنغلادش والصين والهندquot;، وذكر ان التقرير quot;يحث بوجه خاص على إجراء تحول رئيس في مسار التفكير بشأن التنمية من خلال التشديد على الصمود وعلى اتخاذ تدابير احترازيةquot;.
وقال ان التقرير يقوم على حقيقة أساسية من حقائق العصر الحديث وهي أنه لا يمكننا الحيلولة دون وقوع حوادث مثل الزلازل او الأعاصير ولكن في وسعنا الحد من احتمال تحولها إلى كارثةquot;، مضيفًا بأن نتيجة لتغير المناخ العالمي تزداد المخاطر المتصلة بأحوال الطقس مما يفرض علينا أن نتصرف بشكل حاسم.
ويشير التقرير الى عوامل ثلاثة رئيسة تدفع نحو مخاطر الكوارث هي quot;التنمية الحضرية التي تفتقر إلى التخطيطquot; وquot;اساليب كسب العيش المعرضة للخطر في الريفquot;، وquot;تراجع الأنظمة البيئيةquot;.
ودعا التقرير الذي سيصدر كل عامين الى quot;وضع إطار سياسة متعددة الأطراف لخفض الانبعاثات من غازات الدفيئة وإقرار الحد من الانبعاثات الكربونيةquot; مؤكدا ان ذلك ضروري quot;من اجل تجنب الزيادة الكارثية المحتلمة في تأثيرات الكوارثquot;.
ودعا التقرير ايضًا ضمن عشرين توصية خلص اليها الى quot;تعزيز قدرات المجابهة الاقتصادية لدى الاقتصادات الصغيرة والقابلة للتضرر من خلال تنسيق السياسات الخاصة بتنمية القطاع التجاري والإنتاجي مع سياسات التكيف مع تغير المناخ والحد من مخاطر الكوارثquot; مشيرا على وجه الخصوص الى quot;الدول النامية من الجزر الصغيرة والدول النامية غير الساحليةquot;.
وشدد التقرير على ضرورة quot;تعزيز تنمية صناديق الكوارث بين الدول للسماح بتحويل المخاطر الرئيسية بتكلفة معقولة وتقديم آليات أكثر أمانا لتحقيق التعافي وإعادة الإعمارquot;.
كما دعا التقرير quot;تدعيم قدرات الحكم المحلي لدمج اعتبارات الحد من مخاطر الكوارث في إستراتيجية أوسع نطاقاquot; وquot;الاستثمار في إدارة الموارد الطبيعية وتنمية البنية التحتية وسبل المعيشة والضمان الاجتماعي للحد من قابلية التضرر وتعزيز المجابهة للأسر الريفيةquot;.
وينص التقرير على ضرورة quot;نشر ثقافة تخطيط وتنفيذ الحد من مخاطر الكوارث التي تدعم الشراكة والتعاون بين الحكومة والمجتمع المدني وتدعم المبادرات المحلية وذلك من أجل تخفيض تكاليف الحد من المخاطر وضمان القبول المحلي وتعزيز رأس المال الاجتماعيquot;.
من جهته دعا الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني إلى سرعة التحرك الدولي لمواجهة الكوارث الطبيعية وجعله أكثر فاعلية وتنظيما عبر العمل بشكل جماعي للحد من تداعياتها التي تهدد مستقبل البشرية، وقال إن التهديدات التي تحملها الكوارث الطبيعية، والتجارب الأليمة التي عايشتها البشرية في العديد من مناطق العالم، لابد وأن تكون دافعاً لدعم الجهود العلمية والبحثية للوقاية والاحتراز منها،مؤكدا بأن الكوارث الطبيعية من مشيئة الله ولا نملك إلا العمل على التخفيف من آثارها، ولكن الكوارث التي من صنع الإنسان تتطلب منا جميعا في العالم العمل للحيلولة دون وقوعها.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الخطر الأكبر للكوارث الطبيعية يكمن في طابعها العالمي فهي تمس حياة جميع سكان الأرض بلا استثناء، وعادة ما تكون الشعوب الفقيرة هي الأكثر تضررا نتيجة توقف برامجها التنموية لأن مقدراتها توجه لعلاج آثار الكوارث ،وقال سموه quot; إن الوقاية من الكوارث تتطلب عملاً مشتركا تساهم فيه جميع الدول إسهاما فاعلاً من اجل إعادة التوازن إلى المناطق التي تتعرض لمثل هذه الكوارث التي تشكل تحدياً بارزاً في وجه التنمية المستدامةquot;.
وطالب رئيس الوزراء بتكريس ثقافة الوقاية من الكوارث عبر التدريب والتوعية للقدرة على مواجهتها قبل وقوعها، خاصة في المناطق التي تتعايش مع أخطار الطبيعة من زلازل وفيضانات وغيرها من عوامل الطبيعة، مؤكدا بأن الوقاية من تداعيات الكوارث نعد أحد أهم الحلول التي تكفل ولو بشكل جزئي ضمان حماية الشعوب من الكوارث والتخفيف من حدة آثارها المحتملة.
وقال quot; إن البحرين من خلال استضافها لهذا الاجتماع تشارك المجتمع الدولي في البحث عن عالم أكثر أمناً واستقراراً وان هذا الاجتماع سوف يتيح استعراض كافة التحديات التي تواجه العالم في ميدان الحد من الكوارث ووضع المبادئ الإستراتيجية التي تحول دون ذلك ، وأشار سموه إلى أن دول العالم متفاوتة في امتلاك التقنية التي تعينها على الحد من الكوارث أو حتى التخفيف من أثارها مما يتوجب توفير مثل هذه التكنولوجيا خاصة للدول الأقل نمواً.
وأعرب عن ثقته من أن هذا التدشين سوف يفضي إلى نتائج ايجابية تسهم في تعزيز التعاون الدولي حول الحد من الكوارث، وبناء قدرات الدول الأعضاء في المنظمة الدولية من اجل الحفاظ على تنمية مستدامة وبنية تحتية قوية.
من جهته اكد الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية وأكد معاليه أن هذا التقرير يسلط الضوء على أحد الأمور الهامة التي تتعلق بحياة البشر اليومية في هذا العالم، وهي ظاهرة الكوارث الطبيعية التي يتعرض لها البشر في نواح عديدة من العالم وتتمثل في أشكال مختلفة كالزلازل، والفيضانات والحرائق وموجات الجفاف والتصحر والعواصف والأوبئة والتسخين الحراري وماله من نتائج وخيمة في ارتفاع مستوى البحار، وغيرها، وأوضح أن التقرير سيتطرق بإسهاب إلى التقدم الذي أحرزته الدول الأعضاء بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدني لتنفيذ السياسات الهادفة إلى خفض مخاطر الكوارث وضمان التنمية المستدامة في مختلف المجالات.
واشار إلى أن التقرير يهدف إلى توجيه الانتباه وزيادة وعي أصحاب القرار في جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتنفيذ خطط عملية وفعالة تضمن الاستعداد التام قبل حدوث الكوارث ومواجهتها بفعالية.
وأكد وزير الخارجية خلال كلمته أن مملكة البحرين أولت أهمية خاصة لمواجهة الكوارث ووضعت سياسات وخططاً فعالة وفق رؤية سديدة من لدن الملك وتوجيه حكيم فعال من قبل الحكومة حين أصدرت القرار السامي رقم (88) بتاريخ مايو لسنة 2006 بتشكيل اللجنة الوطنية لمواجهة الكوارث، والتي من أبرز مهامها تقييم الموقف العام للسلامة العامة في المملكة ووضع الخطط والبرامج لمواجهة الكوارث والحد من أثارها .

الملك ورئيس الوزراء يلتقيان بان كي مون
اشاد عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى ال خليفة بحضور الشيخ خليفة بن سلمان ال خليفة رئيس الوزراء بالاسهامات التي يبذلها بان كي مون بدعم قضايا الامن والسلام في العالم مؤكدا الملك اهمية توحيد جهود المجتمع الدولي لمواجهة مشاكل فقر ومعوقات التنمية الشاملة واثار الكوارث الطبيعية وسبل الحد من مخاطرها .
وثمن دور الامم المتحدة في اختيار مملكة البحرين لتكون منطلقا لهذا الحدث المهم الذي ينظم للمرة الاولى في المنظمة الدولية بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وقال خلال لقائه الامين العام للامم المتحدة ان الاختيار في حد ذاته يؤكد ما تحظى به البحرين من مكانة متميزة وتقدير عال في الاواسط الدولية.
واكد الى ان مملكة البحرين خطت خطوات متقدمة نحو تنفيذ اعلان الالفية خصوصًا في مجالي التعليم والصحة وتعزيز دور المراة ، كما اكد حرص البحرين على اداء دورها في الاسرة الدولية والوفاء في التزاماتها تجاه الامم المتحدة بما يخدم المصالح المشتركة لشعوب العالم، ويسهم في تعزيز دور المنظمة الدولية الايجابي البناء في مجال تقديم الخدمات الانسانية المساعدات العاجلة عند وقوع الكوارث الطبيعية والحروب الى جانب اسهاماتها في دعم التعاون الدولي من خلال المنظمات الدولية المتخصصة التي تنهض بمسؤوليات متزايدة الاهمية.
وجرى خلال المقابلة استعراض العلاقات الثنائية بن مملكة البحرين ومنظمة الامم المتحدة وسبل تعزيزها وتطويرها مشيرا الملك بترحيب مملكة البحرين بافتتاح مكاتب للامم المتحدة واجهزتها المتخصصة لديها ، الى جانب استعراض عدد من القضايا السياسية وفي مقدمتها سبل انهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتحقيق السلام العادل والشامل والدائم وفقا للقرارات الشرعية ومبادرة السلام العربية وعلى اساس حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وتقديرًا من الملك لدور الامين العام بان كي مون في دعم قضايا الامن والاستقرار والسلام في العالم وجهوده الكبيرة في خدمة المجتمع الدولي فقد انعم عليه بوسام احمد الفاتح.
رئيس الشورى يشيد بإطلاق التقرير
من جانبه أكد علي بن صالح الصالح رئيس مجلس الشورى على أن اختيار مملكة البحرين لتكون منطلقًا لدشين تقرير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث يعد اعترافًا بدور المملكة المهم على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما يؤكد الثقة الدولية في حنكة ونجاح القيادة السياسية للمملكة ودليل واضحًا على التطور في كافة المجالات والذي تشهده بعد نجاح المشروع الإصلاحي الذي دشنه الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين ، معتبرا انطلاق التقرير الأممي من المملكة يعد إنجازًا جديدًا يضاف إلى الإنجازات التي حققتها الدبلوماسية البحرينية.
وأكد الصالح أن مجلس الشورى سيدعم كافة الجهود الحكومية لاتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تجنب المملكة أي نوع من الكوارث، لافتاً إلى أن المجلس يثمن عالياً الرؤية التي كشف عنها الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية في حفل تدشين التقرير تجاه العمل الإقليمي والدولي المشترك للحد من الكوارث باختلاف أنواعها ومسبباتها.