جنيف: أعلن جيش سريلانكا ورئيسها ماهيندا راجاباكس قبل أسبوع الانتصار العسكري على جبهة نمور تحرير التاميل ونهاية حرب تواصلت زهاء 30 عاما وأسقطت أكثر من 70000 قتيل. لكـن الشرخ بين الغالبية السنهالية في البلاد والأقلية التاميلية يظل عميقا، حسب الخبير مارتين شتورتسينغر، المسؤول عن برامج السلام في سريلانكا ونيبال في وزارة الخارجية السويسرية.

بعد استعادة السيطرة على كامل أراضي سريلانكا والإعلان عن وفاة فيلوبيلاي برابهاكاران، زعيم جبهة نمور تحرير إيلام تاميل، يبدو النصر العسكري لكولومبو تاما وشاملا. لكن الحكومة السريلانكية لن تسارع إلى فتح الباب أمام مصالحة بين الأغلبية السنهالية في الجزيرة والأقلية التاميلية. هذا ما يعتقده على الأقل، مارتين شتورتسينغر، المسؤول عن برامج السلام في سريلانكا ونيبال بوزارة الخارجية السويسرية. وكان هذا الخبير قد شغل ما بين 2003 و2008 منصب مستشار في مجال بناء السلام بسفارة سويسرا في كولومبو.

بعد مثل هذه الهزيمة العسكرية، هل يمكن لنمور التاميل النهوض من تحت الرماد؟

لقد فقدت جبهة نمور تحرير إيلام تاميل، كقوة عسكرية، قدرتها على القتال. لكنها تحتفظ بدعم جزء من الشتات. وبالتالي ليس من المُستحيل أن تعيد الجبهة تنظيمها كقوة سياسية خارج سريلانكا. وليس من المُستبعد أيضا أن تظهر الجبهة من جديد في سريلانكا، من خلال أعمال إرهابية أو حرب عصابات.

ولا بد من التذكير أيضا بأن المتمردين تخلصوا بانتظام من السياسيين التاميل الذين اختلفوا معهم. وهم بذلك ساهموا في إضعاف قدرة التاميل على التحرك السياسي. ومع ذلك، لا يزال بعض السياسيين في سريلانكا وشخصيات في الشتات الذين يمكن أن يقوموا بدور (في هذا الصدد)، وأن يتسلموا مشعل قضية التاميل، وهذا بشكل مُستقل عن نمور التاميل.

في الوقت الراهن، لاتزالquot; الوحدة المُقدسةquot; قائمة حول نمور التاميل في صفوف الشتات. هل يمكن أن يطرأ تغيير على هذا الوضع؟

إنه من المبكر بعض الشيء الفصل في هذا الأمر، لكنني فوجئت برؤية العدد الكبير جدا من اللافتات والأعلام المؤيدة لنمور الـتاميل خلال المظاهرات التي جرت في جنيف وبرن. حتى الجيل الثاني من الشتات يبدو أنه يدعم (أسلوب) حرب العصابات، في حين أن (المتمردين) مسؤولون عن ارتكاب انتهاكات خطيرة ضد المدنيين.

هل انقضت النزعة الانفصالية التاميلية مع النمور؟

قرأنا في الأيام الأخيرة تصريحات تشدد على أن عنف القتال وجرائم الحرم التي يُتهم بارتكابها الجيش السريلانكي تجعل إمكانية التعايش بين الأقلية التاميلية والأغلبية السنهالية في دولة واحدة أضعف من أي وقت مضى على الإطلاق.

وهناك علامات كثيرة على الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني خلال الهجوم النهائي. وإذا ما تأكدت، فإن عددا كبيرا من التاميل قد يستنتجون أنه لم يعد ممكنا نهائيا العيش تحت سلطة حكومة سريلانكا.

ماذا يُعرف عن نوايا الحكومة إزاء التاميل؟

لقد وعدت الحكومة دائما بأنها ستعرض، بعد الانتصار العسكري، حلا سياسيا على التاميل. وقد تتخذ هذه المقترحات شكل التخلي عن مركزية السلطة.

في عام 1987، تم تحوير دستور سريلانكا بالتنقيح الثالث عشر الذي يعطي قدرا أكبر من الحكم الذاتي للسلطات المحلية. وهو إجراء لم يُترجم أبدا على أرض الواقع. وقد وعد الرئيس الحالي منذ فترة طويلة بتنفيذ هذا التعديل بعد انتهاء الحرب. ويعتقد العديد من المراقبين بأن الرئيس سيقدم الآن مقترحات أكثر جرأة، لكن آخرين يشككون في أن الرئيس سيسير حقا في هذا الاتجاه.

في الأسابيع القليلة الماضية، اتخذت كولومبو موقفا متصلبا إزاء مقترحات البلدان الغربية. هل يمكن أن تواصل السير على هذا الدرب؟

ستحتاج الحكومة إلى دعم المجتمع الدولي لإزالة الألغام وعمليات إعادة البناء ومساعدة آلاف الأشخاص النازحين، لأنها لا تتوفر على الإمكانيات لتتحمل بمفردها إنجاز هذه المهام.

وقد طلبت الحكومة مؤخرا قرضا بقيمة 1,9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وردت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بأن الطلب لم يأت في الوقت المناسب. وبالتالي، فإن الحكومة تخضع للضغط لأنها في حاجة ماسة لهذه الأموال.

ما هو الدور الذي تلعبه القوى الآسيوية مثل الهند والصين؟

بعد فوز حزب المؤتمر، قد تقوم الهند بدور أكثر أهمية. فنيوديلهي دفعت دائما باتجاه إضعاف مركزية السلطة في سريلانكا وانخرطت كثيرا بهدف إنجاح التعديل الثالث عشر لعام 1987. فمن المرجح إذن أن تدعو الهند كولومبو إلى تطبيق ذلك التنقيح.

أما الصين التي تُعتبر حاليا أهم مانح لسريلانكا، فقد تقوم أيضا بدور نظرا لمصالحها في الجزيرة (تمويل محطة للفحم وميناء في جنوب سريلانكا). ويكتسي حضورها في سريلانكا بـُعدا اقتصاديا واستراتيجيا في المقام الأول.

وماذا عن سويسرا التي استضافت في الماضي محادثات سلام بين نمور التاميل وكولومبو؟

إذا شاءت الحكومة السريلانكية، فإننا يمكن أن نوفر الخبرات الفنية والمساعدات الإنسانية. وستطلب سويسرا من الحكومة أن تضمن وصول الإعانات الإنسانية للأشخاص النازحين ولضحايا النزاع.