إستقالة مدير مركز الدوحة لحرية الإعلام:
محاولة للضغط على زيارة الشيخ حمد إلى باريس


روبير مينار: المركز يختنق والحرية مفقودة

عامر الحنتولي- إيلاف: إلتقطت quot; إيلاف quot; خلال الساعات القليلة الماضية ما يمكن اعتباره أسبابا أكثر وضوحا من الأسباب المتداولة حتى الآن لقرار الفرنسي روبرت مينار مدير عام مركز الدوحة لحرية الإعلام، من خلال مصادر خاصة في العاصمة القطرية الدوحة التي اعتبرت في تأكيدات حصرية أن إسراع مينار في تقديم استقالته جاء لرغبة منه في إحراج الزيارة الأميرية التي يقوم بها منذ يومين أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وعقيلته موزة بنت ناصر المسند الى العاصمة الفرنسية باريس للقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وكبار أركان الإدارة الفرنسية، وتشكيل مواد سياسية واعلامية فرنسية ضاغطة على الزيارة، لفتح ملف مينار ورحلته الى العاصمة القطرية الدوحة، والتضييق عليه لاحقًا بشدة دفعا نحو إستقالته بعد أن تأكد للقيادة السياسية في الدوحة أن أجندة مينار على رأس جهاز لترسيخ الحريات الإعلامية وإشاعتها هو أمر لا يمكن تحمله أو تطبيقه بسبب وجود مراجعات تم البدء بتنفيذها بشأن السياسة القطرية ككل، من الممكن أن تطال في أوقات لاحقة فضائية quot;الجزيرةquot; نفسها.

ووفقًا لمعلومات quot;إيلافquot; الخاصة فإن المتابع فعليًا وبإنتظام للشأن القطري يكشف بوضوح أن تغييرات فعلية قد انطلقت في السياسة القطرية داخليًا وخارجيًا، وأن مراكز قوى كثيرة انتشرت قطريًا في الأواني الأخيرة، واستندت الى قوة المؤسسات الناجحة اعلاميًا واقتصاديًا طلب منها معرفة أحجامها الحقيقية، وطلب الإذن والمشورة سلفًا في كل أعمالها أو خطواتها على الصعيد العربي والقطري، دون أن يعرف بعد عما إذا كان ما يحدث بصمت حاليا داخل قطر له علاقة بالمصالحات التي أبرمتها الدوحة مؤخرًا مع المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية، بإنتظار خطوة مماثلة في المرحلة المقبلة مع مصر، بيد أن مصادر quot;إيلافquot; اعتبرت أن لفظة (الإختناق) التي أوردها مينار ذاته في بيان استقالته توحي فعلا أن هذا البلد الخليجي يعيش راهنا اختناقات تغييرية، يمكن أن تعبر عنها في المستقبل القريب عدة جهات سياسية واعلامية وجدت في الدوحة هامش حرية لم يتح لها حول العالم، إلا أن ذلك الهامش جلب للدوحة مشاكل لم تخطر لها على بال من قبل.

عزلة مينار

وبحسب مصادر المعلومات ذاتها فإن مينار كان يعاني على مدى الأشهر الماضية من عزلة تامة بعد أن ظل منذ مجيئه الى الدوحه، وتكليفه إدارة مركز الدوحة ضيفا مهما على موائد المرجعيات والشحصيات القطرية المهمة، وكان مقربا جدا من سيدة قطر الأولى الشيخة موزة بنت المسند حرم الأمير التي كانت وراء إبرام العقد مع مينار، وتشجيعه على المجيء الى الدوحة والقبول بالتكليف القطري، لأنه سيكون بوسعه العمل quot;بلا حدودquot;، إلا أن مينار سرعان ما اكتشف أن الوعود لا تلامس الواقع، ومع ذلك استمر في عمله بهمة عالية ونشاط مقاومًا شعور الإحباط مع النقص اللافت في عدد لقاءاته مع الشيخة موزة، التي لم تحرص على مقابلته منذ أواخر شباط فبراير الماضي، رغم تقديمه 13 طلبا للقائها حتى وقت استقالته، ونشره لبيان الرحيل عن المركز القطري، إذ غالبا لم يكن يتلقى أي ردود بشأ طلباته.

روبرت مينار الذي استقال فعليا من منصبه لم تكن استقالته طوعية، بل دفع إليها دفعا من خلال حملة اعلامية شرسة ضده، وصلت الى حد التضييق على منحه الموازنة المالية السنوية اللازمة، كما أنه لم يتلق ردود بشأن طلبات له لإستضافة نشاطات اعلامية، وكان غالبًا ما يصطدم برفض الجهات الأمنية منحه الموافقة على استضافة شخصيات سياسية واعلامية عربية وأجنبية، وهو ما قاده الى اعتبار تلك التضييقات الى جانب الحملة الإعلامية التي تشنها الصحف القطرية ضده بأنها تتم برضى من مرجعيات قطرية، وإلا ما مغزى الصمت الرسمي حيال معاناته على رأس مركز تراجع الإهتمام به الى درجة تجميده.

الباب الموارب

إلا أن مصادر quot;إيلافquot; تؤكد أن روبرت مينار تحين فرصة وصول الأمير القطري وعقيلته الى باريس في زيارة دولة لإثارة القضية، وتصفية الحساب مع الحكومة القطرية التي لم تعقب بعد على ظروف استقالة مينار الذي وصل الى العاصمة الفرنسية باريس بالتزامن، من دون استبعاد حصول لقاء بين الشيخة موزة ومينار لطي صفحة الإستقالة، والرحيل عن قطر، لأن مينار في بيان استقالته أبقى الباب مواربا مع الشيخة موزة حين كال لها المديح والثناء، وصولاً الى اعتبارها أنها تسبق أبناء شعبها بأشواط عدة، وهو يعني بحسب تشخيص المصادر أن مينار أبقى على شعرة معاوية مرخية مع الشيخة موزة، وهو يبقي كل الإحتمالات بشأن استقالة مينار متساوية وقائمة حتى الآن.

السيناريو المرجح

آثرت مصادر quot;إيلافquot; خلال الحديث معها اعتبار استقالة مينار بأنها كرة الثلج التي ستكبر خلال المرحلة المقبلة، لإصرارها على وضع استقالة مينار وتجميد مركز الدوحة أنه بداية لمصير مماثل ستلقاه مؤسسات قطرية مهمة عرفت مؤخرا في ترويج قطر كقوة اقليمية يحسب ألف حساب لرضاها وغضبها، في إشارة ضمنية الى تغييرات محتملة على رأس وأجندة محطة الجزيرة القطرية التي لا يزال العاملين بها يترقبون مصيرًا مماثلاً خلال عامين من الآن، إذ تشير المصادر الى أن قائمة الممنوعات والمحاذير قد ارتفعت فجأة خلال الأسابيع الماضية بشأن البرامج السياسية والضيوف، إضافة الى طريقة تحرير الأخبار، وتقديمها بعيدًا عن الإثارة، وهي التوابل المهنية التي انفردت بها الجزيرة عن مثيلاتها، وميزتها بقوة خلال أكثر من عشر سنوات أعقبت انطلاقتها.

وعن السيناريو المقبل والمتوقع بشأن مركز الدوحة لحرية الإعلام فقد توقعت المصادر أن يبقى قائمة بلا أي أهمية أو فاعلية، ويمكن أن تسند إدارته الى أحد الإعلاميين القطريين، أو الإعلاميين العرب المقيمين في العاصمة القطرية الدوحة، قبل أن يجري نعيه وتشييعه لاحقا بصمت، كما حدث من قبل مع المشروع القطري المتمثل في تشييع مشروع صحيفة الجزيرة الدولية القطرية، بعد أن ظلت خليته التأسيسية تجتمع بإنتظام حتى مطلع العام الحالي، حين أعلموا أن المشروع قد لا يرى النور، وهو ما انفردت quot;إيلافquot; بالإشارة إليه قبل أكثر من شهرين.