العملية في ميزان الربح والخسارة
ثلاث سنوات على اختطاف جلعاد شاليط .. ماذا تغير في غزة
يوسف صادق من غزة:
لم يكن الهدف لحظة إعداد مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين خطة تستهدف إسرائيليين، سوى قتل أكبر عدد من الجنود، لكن الأمر إختلف تماماً عندما ساعدتهم الظروف لسحب جندي، وكان على قيد الحياة، ومن ثم أسره إلى قطاع غزة.

العملية التي مر على تنفيذها ثلاثة سنوات خلال هجوم مسلح بالقرب من معبر كرم أبو سالم بجنوب قطاع غزة قتل فيها مقاتلين فلسطينيين وإثنين من الجنود الإسرائيليين وأسر ثالث، كانت في ميزان الفصائل الفلسطينية الآسرة للجندي الحدث الأعظم في عمليات إختطاف جنود إسرائيليين ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.

وصادف الخامس والعشرين من حزيران 2006 مرور ثلاثة سنوات على أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، من قبل ثلاثة تنظيمات عسكرية فلسطينية أهمها حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة الآن، وتتحكم في مجرياته وسير التفاوض عبر القيادة المصرية لإطلاق سراح 1400 من الأسرى الفلسطينيين مقابل شاليط.

لكن الحدث برمته، جاء في صالح الفلسطينيين قياسا بالربح والخسارة من زاوية المقاومة والتحرير، خاصة بعد الإستطلاع الأخير في الشارع الإسرائيلي والذي أبدى فيه 69% من الإسرائيليين موافقتهم على إتمام صفقة تبادل الأسرى مقابل الجندي شاليط, بما فيهم أسرى فلسطينيين أتهموا بقتل إسرائيليين.

ومع هذا، يرى العديد من المواطنين الفلسطينيين ان شاليط جلب معه كوارث على الفلسطينيين أكبر من مفهوم إطلاق سراح 1400 أسير. وتساءل الطالب أكرم عبد النبي (23 عاماً) كيف ننظر للنصر في تلك العملية، في حين قتل منا أكثر من العدد الذي سيتم فيه إطلاق سراح أسرانا، خسرنا ملايين الدولارات نتيجة الحصار الإسرائيلي على غزة!!؟

بمفهوم الحسابات الإقتصادية والعامة، فإن الفلسطينيين خسروا الكثير مقابل الحفاظ على أسر شاليط لحين إنجاز تبادل الأسرى مع الجانب الإسرائيلي، بحسب الكاتب السياسي الدكتور هاني العقاد. لكنه أشار لإيلاف أن الحكومات الإسرائيلية بدأت تتقبل quot;مفهوم تبادل الأسرى فوق الأراضي الفلسطينية، وها ما لم يتم في السابقquot;.

وأكد الدكتور العقاد أن المشكلة الأساسية لأسر الجندي شاليط هي quot;أنه تم أسره داخل قطاع غزة الصغير جداً، حيث تحيطه إسرائيل من جهتين وتتحكم في بحره، فيما تسيطر مصر على جنوبه، وهي الدولة العربية التي تقيم علاقات كاملة مع إسرائيل بعد إتفاق كامب ديفيد أبان الرئيس الرحال أنور الساداتquot;.

ودخلت غزة في حصار مطبق، بعد أسر الجندي الإسرائيلي شاليط، بينما هاجمت طائراتها البنية التحتية لمدن قطاع غزة الرئيسية الثلاثة. وقتل خلالها أعداد كبيرة من الفلسطينيين وجرح الآلاف منهم، واعتقلت أكثر من 40 عضوا في المجلس التشريعي.

وأكد الكاتب الفلسطيني الدكتور ناصر جربوع إن طبيعة التفاوض في قضية تبادل الأسرى quot;تتسم بالسريةquot;. وقال لإيلاف quot;لا بد أن تنفي كل من إسرائيل وحماس حصول أية تقدم، لكن إشارات كثيرة تؤكد أن صفقة التبادل على وشك الإنتهاء، خاصة بعد الرسالة الإيجابية من إسرائيل لحركة حماس بإطلاق سراح الدكتور عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المحسوب على حركة حماسquot;.

وأضاف الدكتور جربوع quot;كذلك الأمر في الجانب الإسرائيلي، فالحكومة غير معنية بإثارة الموضوع في الشارع الإسرائيلي(..) ولهذا فهي تمهد لقبول فكرة تبادل الأسرى، حتى لو أدينوا بقتل إسرائيليين، مقابل الحفاظ على حياة وروح احد جنودها، وخير دليل هو تقبل الفكرة بنسبة 69% عندهم، وهي نسبة عالية جداً، في ظل وضع معقدquot;.

وقطعت المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت شوطا كبيرا، إلا أنها فشلت في نهايتها، بعدما اعترضت إسرائيل على بعض الأسماء التي تطالب حماس بإطلاق سراحها. وعلى الرغم من حديث وسائل الإعلام الفلسطينية قبل أيام عن احتمال إنجاز الصفقة في غضون أيام قليلة، إلا أن إسرائيل وحركة حماس نفيتا بشكل قاطع أن يكون هناك تقدم بالصفقة.

وصف المتحدث باسم حركة حماس الدكتور سامي أبو زهري، التقارير عن حدوث انفراجة في المحادثات التي تتوسط فيها مصر بأنها quot;غير حقيقيةquot;. وأضاف quot;لا يوجد جديد على هذه الجبهةquot;.
وكان وزير الحرب الإسرائيلي أيهود باراك أكد بأن إسرائيل ملتزمة بإعادة شاليط. وقال quot;ولن يهدأ لها بال إلى أن تعيده إلى ذويهquot;. وأوضح quot;أن ما من يوم لا تدرس فيه الجهات المختصة سبل اعادتهquot;.

وعلى الرغم من إختلاف وجهات النظر حيال سلبيات أسر شاليط من إيجابياته في غزة، إلا أن الناطق الرسمي باسم لجان المقاومة الشعبية الفلسطينيةquot;أبو مجاهدquot;، إحدى الفصائل الآسرة للجندي شاليط، رأى أن يوم 25 يونيو (حزيران)، ليس مناسبة عادية.

وأصر أبو مجاهد على الزواح في هذا اليوم. وقال لإيلاف quot;أشعر بالفرح في هذا اليوم العظيم، وهو ما دفعني لأن يكون يوم زفافي في ذكرى عملية الوهم المتبدد التي أسر فيها شاليطquot;.

وأعتبر أبو مجاهد أن ذكرى أسر شاليط تمثل quot;انعطافة نوعية للمقاومة الفلسطينية. ومنح كذلك الأمل لمئات عائلات الأسرى خاصة ذوي الأحكام العالية بإمكانية إطلاق سراح أبنائهمquot;.


وأشار الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية إلى أنه quot;لا يشمت في قضية أسر جندي، حتى لو كان إسرائيلياًquot;. لكنه قال quot;عملية أسر جلعاد شاليط تمت وهو على ظهر دبابته على مشارف قطاع غزة، وكان على استعداد لقتل الأطفال والمدنيين الفلسطينيين، ولم نكن يوماً متعطشين لدماء احد، لكننا نرغب في العيش بكرامة تحت دولتنا الفلسطينيةquot;.