النظام يُحيك سيناريو لمحو التيار الإصلاحي من العملية السياسية
اعترافات الإصلاحيين بالتآمر قصة تثير جدلا ً حقوقيا ً في إيران

إعداد أشرف أبوجلالة : زوبعة جديدة من المنتظر أن تثير حولها موجة لغط كبرى خلال الفترة المقبلة في إيران، بعد أن ادعت قيادات حكومية في البلاد أنها تحصلت على اعترافات من مجموعة من كبار المسؤولين الإصلاحيين تفيد بأنهم خططوا لمؤامرة كانوا يسعون من ورائها للإطاحة بالحكومة من خلال ثورة quot;مخمليةquot;. ومن المتوقع ndash; بحسب تقارير صحافية أميركية ndash; أن يأخذ هذا التطور أبعادا ً حقوقية وسياسية جديدة خلال المرحلة القادمة، خاصة ً بعد أن أكدت جماعات حقوقية على أن مثل هذه الاعترافات - التي دائما ً ما تُؤخذ تحت إجبار - تأتي في إطار ما تبذله القيادة الإيرانية من جهود لإظهار أن الاضطرابات المدنية التي اجتاحت الشوارع الإيرانية خلال الفترة الماضية نتيجة التنازع على الانتخابات الرئاسية كانت عبارة عن مؤامرة نظمتها دول أجنبية.


وحول هذا الموضوع، تعد صحيفة النيويورك تايمز الأميركية تقريراً مطولاً لمايكل سلاكمان من القاهرة، وتناولت فيه بالتحليل من منظور جماعات حقوقية، ترى أن هذا السيناريو المدبر يهدف إلى إقصاء ومحو التيار الإصلاحي من العملية السياسية في البلاد. وتشير الصحيفة في بداية حديثها إلى ما أوردته تقارير - تم نشرها على مجموعة من المواقع الإيرانية المرتبطة بالمحافظين البارزين - عن أن أبرز الإصلاحيين اعترفوا بتلقيهم quot;دورات تدريبيةquot; في الثورة المخملية خارج البلاد. وضربت الصحيفة المثل بمقطع الفيديو الذي أشار إليه موقع يدعى quot;Alefquot; وهو موقع تابع لأحد أعضاء البرلمان المحافظين، ويظهر في هذا المقطع محمد علي أبتاهي، الذي عمل نائبا للرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وهو يبكي quot;مرحبا ً بخلعه من منصبه، معترفا ً في الوقت ذاته بأنه لعب دوراً في تحريض الشعب، وإثارة التوتر، وخلق حالة من الفوضى الإعلاميةquot;.

وفي كلمة له، قال مجتبى زولنور، مندوب آية الله علي خامنئي لدى الحرس الثوري، أن جميع من تم اعتقالهم الآن قد اعترفوا ndash; وهو ما يزيد من احتمالات الكشف عن المزيد من الاعترافات بصورة علنية. في حين أكدت جماعات منوطة بحقوق الإنسان وكذلك سجني سياسيون سابقون على أن الحكومة الإيرانية اعتادت على نشر اعترافات تستخلصها من المساجين السياسيين الذين تعتقلهم دون اتهام أو تمثيل قانوني، وتعرضهم لأساليب ضغط مثل حرمانهم من النوم أو التعذيب أو الحبس الانفرادي.

وتخشي هذه الجهات ndash; وفقا ً للصحيفة ndash; من أن تكون تلك الاعترافات جزءا ً من جهود متضافرة يتم بذلها لوضع حجر الأساس الخاص بحظر الأحزاب السياسية الإصلاحية الموجودة حاليا ً، ومنع تأسيس أي حركة إصلاحية منظمة في المستقبل. وقد نقلت الصحيفة من جانبها في هذا الشأن عن هادي غائمي، منسق الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران ومقرها نيويورك، قوله :quot; إنهم يأملون من خلال هذا السيناريو في أن يمحو الإصلاحيين تماما ً من العملية السياسية في البلاد. فهم لا يريدون منهم أن يعودوا مجددا ً كجزء من حزب سياسيquot;. ويرى ناشطون في مجال حقوق الإنسان وسجني سياسيون سابقون أن الحكومة تستخدم تلك الاعترافات في إقناع الإيرانيين أن التوعية الثقافية والأكاديمية التي يقدمها بعض من كبار الأكاديميين في البلاد هي أيضاً في واقع الأمر مجرد غطاء للدخول في الثورة المخملية.

كما قال أوميد ميماريان، صحافي إيراني سابق تم اعتقاله وإجباره على الإدلاء باعترافاته الشخصية عام 2004 :quot; إذا تحدثوا عن الثورة المخملية على مدار 24 ساعة في اليوم، فإن الناس لن يبدوا أي اهتمام بالأمر. لكن إذا قال الاصلاحيون أو الصحافيون أنهم متورطون فيها، فإن ذلك سيعني لهم الكثير. وقد قال المحققون خلال استجوابهم لي من قبل ( إن قيمة ما تقوله بشخصك تزداد مئة مرة عن قول صحيفة محافظة لنفس الشيء ) quot;. وأشارت الصحيفة إلى أن هناك عدد آخر من الإصلاحيين البارزين الذين أدلوا باعترافات جنبا ً إلى جنب مع أبتاهي، منهم الناطق باسم خاتمي، عبد الله رامزانزاده، والنائب السابق لوزير الداخلية، مصطفي تاج زاده.

بينما ذكَّرت الصحيفة من جانبها بهذا الفيلم الوثائقي المزور الذي قدمته إيران عام 2007 تحت عنوان quot; باسم الديمقراطيةquot; ndash; حيث استعانت به كوسيلة لتسليط الضوء على ما قالت عنها أنها اعترافات لثلاثة من الباحثين الأكاديميين المتهمين بمحاولة قلب نظام الدولة. كما أشارت الصحيفة إلى قصة اعتقال علي أفشاري عام 2001 بسبب الدور القيادي الذي كان يقوم به خلال دراسته. حيث قال أنه ظل محتجزا ً داخل حبس إنفرادي لمدة 335 يوم، وظل لمدة شهرين يقاوم الأساليب التي مورست ضده كي يعترف. لكن بعد تخويفه مرتين بالإعدام الوهمي وعدم سماح المحققين له بالنوم لمدة خمسة أيام، لم يستطع أن يتحمل واضطر للاستجابة لهم في نهاية الأمر.

وتطرقت الصحيفة في نهاية حديثها إلى طبيعة الأساليب القمعية التي كان يتعرض لها أفشاري وكذلك الصحافي ميماريان الذي اعتقل مرة أخرى عام 2007 من بينها التعذيب والضرب والحرمان من النوم والإهانة والتعذيب النفسي والحبس الانفرادي وإجبارهم على التحدث عن تفاصيل حياتهم الجنسية، وفي حالة الرفض، يتم إمساكهم من شعرهم وسحق رؤوسهم بأحد الحوائط، وهو ما كان يحدث مع ميماريان، الذي يعيش في المنفي حاليا ً بالولايات المتحدة. كما كان يسأله المحققون عن أبرز الساسة الذي أجرى مقابلات معهم، ويستفسرون منه عما إذا كان لهؤلاء الساسة أي علاقات نسائية، وإذا كان قد سبق له النوم مع أي من زوجاتهم من قبل أم لا.