فيينا: لا يزال اغتيال المعارض الكردي عبد الرحمن قاسملو واثنين من مساعديه على يد مجموعة ايرانية مسلحة قبل عشرين عاما في 13 تموز/يوليو 1989 في فيينا لغزا كبيرا، وذلك بعدما حضروا الى العاصمة النمسوية للتفاوض حول السلام مع طهران.
ولا تزال اسئلة عدة من دون اجابات بعد عشرين عاما على الاغتيال: كيف غافل اثنان من هذه المجموعة السلطات النمسوية ولجأا الى السفارة الايرانية قبل ان يتواريا؟ هل صحيح ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد شارك في العملية كما تؤكد شهادات عدة؟.

وكان قاسملو، الامين العام للحزب الديموقراطي في كردستان ايران المحظور من جانب طهران، يشارك في جولة ثالثة من المفاوضات السرية مع ايران في فيينا منذ نهاية 1988. وكانت الحرب الايرانية العراقية (1980-1988) التي وقف فيها الاكراد الايرانيون الى جانب بغداد قد وضعت اوزارها قبل بضعة اشهر.
وواظبت طهران على نفي اي ضلوع لها في الاغتيال. واصرت على موقفها حتى مع اعلان القضاء الالماني الذي اصدر العام 1997 حكما في اغتيال خلف قاسملو صادق شرفكندي في برلين العام 1992، ان هذه الجريمة ومثلها جريمة فيينا تم التخطيط لهما من جانب السلطة الايرانية.

وتقول ارملة قاسملو ايلين quot;ينبغي العثور على وثائق في ايران مع تواقيعquot; تثبت التخطيط لهذه الجريمة. لكنها تاسف لكون quot;الخوفquot; اجبر الشهود المفترضين quot;على الصمتquot;.
من جهتها، عزت النمسا فرار اثنين من الوفد الايراني الى خلل اداري، علما ان عمليات الاستجواب الاولى التي خضع لها الوفد اثارت شكوك المحققين.

لكن الامر يتعدى كونه مجرد خلل الى شوائب عدة تراكمت في نهاية تموز/يوليو 1989، من مذكرات التوقيف المتأخرة الى التوصيف الخاطىء للوقائع الى المنافسة بين اجهزة الشرطة.
وكان شخص اسمه امير منصور برزرغيان تمكن من اللجوء الى سفارة ايران قبل ان يخرج منها سرا بعد اشهر عدة. ويؤكد هذا الشخص انه كان حارسا شخصيا للوفد الايراني لكنه تغيب قبل وقوع الجريمتين.

والمفارقة الثانية ان quot;موفداquot; ايرانيا هو محمد شهرودي كان اصيب في الهجوم، واكبته الشرطة حتى مطار فيينا حيث استقل طائرة الى طهران في 22 تموز/يوليو 1989. ولم يتم اصدار مذكرتي التوقيف بحق هذين المشتبه بهما الا في وقت لاحق.
واعتبر النائب النمسوي بيتر بيلز الذي له كتاب عن هذه القضية ان quot;النمسا رضخت لضغوط لحماية مصالحها الاقتصاديةquot;، متهما موظفين كبارا بالتدخل بناء على طلب ايراني.

وكان الرئيس الايراني الاسبق ابو الحسن بني صدر اكد من باريس في اب/اغسطس 1991 ان طهران تمارس ضغوطا على فيينا بسبب صفقة بيع اسلحة غير قانونية خلال الحرب العراقية الايرانية.
ورغم العديد من الاستجوابات في البرلمان النمسوي، فان السعي الى تحديد المسؤوليات لم يؤد الى نتيجة. وطلبت وزارة الداخلية من محقق سابق عدم اجراء اي مقابلة حول هذا الموضوع. والموقف نفسه تبناه مسؤول سابق في الوزارة اتصلت به وكالة فرانس برس.

وثمة اسئلة تطرح ايضا حول التدابير الوقائية المحدودة التي اتخذها الوفد الكردي لدى توجهه الى فيينا. وكان لقاء اول عقد عشية الجريمة في الشقة نفسها التي اختارها الوفد الكردي وحصل فيها الاغتيال، وذلك من دون اي حماية من جانب الشرطة او اجراءات امنية ذاتية.
وعلق الكاتب كريس كوتشيرا المتخصص في شؤون كردستان quot;اعتقد ان قاسملو اعتبر ان (الرئيس الايراني انذاك اكبر هاشمي) رفسنجاني في موقع ضعيف وانه يحتاج الى التفاوضquot;.

وتدارك quot;لكن ما يدهشني ان قاسملو ردد مرارا امامي هذه العبارة التي كان يقولها والده +حين تشاهد فارسيا، انقذ نفسك+. فكيف وقع في الفخ؟quot;.