بيروت: يلخص تقرير التنمية الانسانية العربية للعام 2009 الذي نشر الثلاثاء في بيروت برعاية برنامج الامم المتحدة الانمائي ابرز التحديات التي يواجهها امن الانسان والمتمثلة بعوامل عدة ابرزها النمو السكاني وارتفاع البطالة واداء الانظمة والاحتلال.

ويعتبر التقرير ان امن الانسان من مستلزمات التنمية الانسانية وquot;ان غيابه على نطاق واسع في البلدان العربية ادى الى عرقلة مسيرة التقدمquot;، ومن ابرز التحديات التي يواجهها امن الانسان الضغوط السكانية، اذ ان عدد سكان الدول العربية سيرتفع، حسب تقديرات الامم المتحدة، quot;بحلول عام 2015 الى 395 مليون نسمة مقابل 317 مليونا عام 2007quot;.

وفي ما يتعلق بالبطالة، يعتمد التقرير بيانات منظمة العمل العربية لعام 2005، مشيرا الى ان نسبة البطالة quot;في العالم العربي بلغت 14,4% مقارنة ب6,3% على الصعيد العالميquot;، لافتا الى ان هذه المشكلة ستتفاقم، لان اتجاهات البطالة ومعدلات نمو السكان تشير الى ان الدول العربية quot;ستحتاج بحلول العام 2020 الى 51 مليون فرصة عمل جديدةquot;، ويركز التقرير على انعدام الامن لدى الفئات الضعيفة لا سيما على صعيد العنف ضد النساء وشرائح اللاجئين والمهجرين.

ويرى ان العنف ضد النساء quot;اسري وممأسسquot; يتراوح بين quot;العنف الجسدي (ضرب واغتصاب وقتل) وبين ممارسات ثقافية واجتماعية تؤذي المرأةquot; مثل تشويه الاعضاء التناسلية وتزويجها قبل سن الرشد. وبالنسبة الى اللاجئين، يلفت التقرير الى فرادة المنطقة العربية باعتبارها quot;المنطقة التي تلتقي فيها قضية اللاجئين الاطول عهدا في العالم اي قضية الفلسطينيين بتلك الاحدث عهدا في دارفورquot;.

وهو يقدر عدد اللاجئين في المنطقة بنحو نصف اللاجئين في العالم وفقا للارقام التي سجلتها المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين ووكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) وquot;عددهم في البلدان العربية نحو 7,5 مليون في 2008 من اجمالي عددهم في العالم البالغ 16 مليوناquot;. ومعظم هؤلاء اللاجئين من الفلسطينيين يليهم العراقيون وهم يقيمون في الاراضي الفلسطينية المحتلة والاردن وسوريا.

ويلفت التقرير الى ان عدد النازحين داخل بلدانهم يفوق عدد اللاجئين quot;ويبلغ نحو 9,8 مليون مهجر غالبيتهم الكبرى موزعة في ست دول عربية هي السودان وسوريا والصومال والعراق ولبنان واليمنquot;. وفي الميدان الاقتصادي، يعتبر التقرير ان النمو المتقلب quot;دليل واضح على ضعف الاقتصادquot;، خصوصا ان مصدره الرئيسي تقلبات اسواق النفط العالمية، معتبرا quot;ان النمو المرتكز على النفط اسس بنية ضعيفة في الاقتصادات العربيةquot;.

واشار التقرير الى تقصير كبير لدى الدول على صعيد اداء الدولة في ضمان امن الانسان. وقد اعتمد التقييم اربعة معايير لتحديد ذلك هي quot;مدى قبول المواطنين لدولتهم، والتزام الدولة بالعهود الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، وكيفية ادارتها لاحتكار حق استخدام القوة والاكراه، ومدى قدرة الرقابة المتبادلة بين المؤسسات على الحد من اساءة استخدام السلطةquot;.

ولحظ quot;حالات من التقصير الكبير والمتمادي في تطبيق هذه المعايير تجتمع لتجعل من الدولة مصدرا يهدد امن الانسان بدل ان يكون سندا لهquot;، واعطى التقرير امثلة في الاراضي الفلسطينية المحتلة والعراق والصومال تتعلق quot;بالاحتلال والتدخل العسكريquot; وفيها quot;الغي بالقوة حق الشعب الاساسي في تقرير المصيرquot;.

وجاء في التقرير quot;من منظور التنمية الانسانية لن يتحقق السلام الدائم الا بانهاء احتلال اسرائيل للاراضي التي احتلتها في 1967 واستعادة الحقوق الفلسطينية وفي مقدمها حق تقرير المصير. وقد ساهم غياب مثل هذا الحل حتى الان في احباط التنمية الانسانية في المنطقةquot;.

واشار الى ان عامل الاحتلال والتدخل العسكري quot;يؤديان الى تهجير الشعوب ويزرعان بذور التوتر ويعززان الجماعات المتطرفة التي تلجأ الى العنفquot;، اضافة الى انهما يساعدان الانظمة على quot;ان تتخذ من حماية الامن القومي ذريعة لتاخير مسيرة الديموقراطيةquot;.

ودعا التقرير الدول الى سلسلة تدابير من اجل تعزيز امن الانسان، بينها تسوية النزاعات وتعزيز حكم القانون وحماية البيئة وحماية الفئات الضعيفة واعادة توجيه دفة الاقتصاد مع القضاء على الجوع واصلاح القطاع الامني واستقلالية القضاء وغيرها من الخطوات، مشيرا الى ان quot;المماطلة ستزيد من انعدام امن الانسانquot;.

وحمل التقرير الذي يقع في نحو 300 صفحة عنوان quot;تحديات امن الانسان في البلدان العربيةquot;. وهو يتبنى التصنيف الشامل للمخاطر التي تتهدد امن الانسان ويقوم على quot;تحرر الانسان من التهديدات الشديدة المنتشرة والممتدة زمنيا التي تتعرض لها حياته وحريتهquot;.

وهو التقرير الخامس من سلسلة تقارير التنمية الانسانية العربية التي يرعاها برنامج الامم المتحدة الانمائي ويضعها، من وجهة نظر مستقلة، عدد من المثقفين والباحثين في البلدان العربية.