اعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة:في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد يوم أمس رئيس السلطة القضائية إلى سرعة الإفراج عن المتظاهرين المعتقلين الذين لا يواجهون تهما ً خطرة، قبل السابع من آب / أغسطس المقبل، وذلك بعد إطلاق سراح 140 معتقلا ً في بادرة تهدف إلى تخفيف حدة التوتر الشديد الذي يسود الوضع في إيران، سلطت اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية الضوء على تلك التقارير المثيرة التي تحدثت عن موجة الغضب الجارفة التي اجتاحت طهران عقب الكشف عن تقارير أماطت اللثام عن تعرض المحتجزين في السجون الإيرانية لسلسلة من الانتهاكات التي وصلت إلى حد الوفاة، وتحدث بعض المساجين عن مشاهدتهم لزملائهم وهم يتعرضون للضرب إلى أن لفظوا أنفاسهم الأخيرة على يد الحراس داخل حظائر مكتظة ذات رائحة كريهة. في حين ذهب بعضهم الآخر للكشف عن أنهم كانوا يتعرضون للتعذيب بواسطة إزالة أظافر أصابعهم، أو أن يتم إجبارهم على لعق أوعية المراحيض القذرة.

وأكدت الصحيفة في السياق ذاته أن تلك المعلومات الموثوق بها والتي أشارت إلى تعرض المحتجزين لانتهاكات داخل السجون في أعقاب اعتقالهم على خلفية الأحداث الاحتجاجية التي نشبت بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قد تم بثها على مراحل من جانب أقرباء هؤلاء المساجين وعبر مجموعة من المواقع الإلكترونية التابعة للمعارضة مثل (roozonline.com - gooya.com )، قد فجرت غضباً متزايدا ً بين الإيرانيين، بما فيهم بعض المحافظين البارزين. وكشفت الصحيفة كذلك عن تلقي بعض الأسر لجثث ذويهم المصابة برضوض خلال الأيام الأخيرة، فيما كشف بعض مسؤولي المستشفيات للعاملين في مجال حقوق الإنسان عن أنهم شاهدوا أدلة تفيد بأن ما يزيد على 100 من المتظاهرين قد لقوا حتفهم منذ بدء عملية التصويت الانتخابية الأخيرة.

ثم أشارت الصحيفة إلى أنه وعلى الرغم من الخطوة التي اتخذها نجاد أمس، إلا أن هناك دلائل تشير إلى أن موجات الغضب الشعبية واسعة النطاقمازالت قائمة، وأن ذلك لا يقتصر على هؤلاء الذين خرجوا إلى الشوارع يبكون الاحتيال، بعد فوز الرئيس أحمدي نجاد بالانتخابات الشهر الماضي. وهنا، مضت الصحيفة للقول إن عددا كبيرا من المحافظين قد أشاروا إلى أن حدوث تلك الانتهاكات يشير إلى وجود نقص مثير للقلق في المسؤولية، وألمحوا إلى وجود صلة مع الجاهزية التي أبداها نجاد مؤخرا ً للدخول في تحدٍ مع آية الله خامنئي. ونقلت الصحيفة عن علي موتاهاري، النائب البرلماني المحافظ، قوله :quot; لماذا وصلت الأمور إلى الحد الذي يستدعي تدخل المرشد الأعلى الشخصي ؟ فإذا كُنَّا مرتاحين لإغلاق أحد مراكز الاعتقال، فسيواصل هؤلاء الأشخاص فعل ما كانوا يفعلونه بالأماكن الأخرى، ولن يتغير أي شيءquot;.

إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن موجات الغضب قد انتشرت بعد ذلك لتنتقل من مؤيدي المعارضة إلى معسكر إيران المتشدد، وقالت الصحيفة إن ذلك يعزى جزئيا ً إلى قضية محسن روحالميني، ابن أحد مستشاري المرشح المحافظ للانتخابات الرئاسية الأخيرة، محسن رضائي، وهو الشاب الذي لقي حتفه في السجن بعد تعرضه للضرب المبرح. كما عملت الانتهاكات التي وقعت في السجون على تحفيز قادة حركة المعارضة، التي طلبت قادتها الحصول على إذن لإقامة حفل تأبين جماعي يوم غد الخميس على شرف هؤلاء الذين لقوا مصرعهم منذ إجراء الانتخابات الأخيرة.

أما صحيفة كريستيان ساينس مونيتور فتكتب هي الأخرى تحت عنوان quot;لماذا ينشر محافظو إيران ملابسهم المتسخة على الملأ ؟ quot; .. وذلك بعد أن أمر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية أية الله علي خامنئي بإغلاق سجن يحتجز فيه متظاهرون اعتقلوا في الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية التي جرت الشهر الماضي نظراً لعدم توفر المعايير المطلوبة فيه، في الوقت الذي يجيز فيه نجاد استخدام الأساليب القمعية. في بداية التقرير، قالت الصحيفة إن الانقسامات التي شقت صفوف نخبة المحافظين الإيرانيين قد أصبحت ملموسة بصورة متزايدة، في الأيام الأخيرة التي جاءت قبيل تنصيب نجاد الأسبوع المقبل.

وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن هالة اسفندياري، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز وودرو ويلسون في واشنطن، قولها :quot; في تلك المرحلة، توجد حالة من الانقسام في كل جزء من الحكومة. ويمكن رؤية ذلك في وزارة الاستخبارات بين هؤلاء الذين يقولون إن الحركة الخضراء الخاصة بالمعارض الرئاسي مير حسين موسوي كانت جزءا ً من الثورة المخملية ومؤامرة لقلب نظام الحكم، وهؤلاء الذين يزعمون أن ذلك أمر مثير للسخريةquot;. ثم انتقل محور اهتمام الصحيفة ليسلط الضوء على ما أسماه صراع السلطة على الاعترافات القسرية، وذلك بعد أن ضغط نجاد خلال الأيام القليلة الماضية بأخذ اعترافات مصورة من المعتقلين، قائلا ً إن التظاهرات نُظمت بصورة سرية من جانب البريطانيين والأميركيين كي تُذاع، رغم اعتراض كثير من المحافظين على ذلك الأمر الذي اعتبروه أمرا ً كريها ً.

في غضون ذلك، كشفت المعارضة عن أن السلطات أخذت تلك الاعترافات بواسطة التعذيب وغيره من الأساليب القسرية. وهنا، نقلت الصحيفة عن محلل سياسي مقيم في طهران وتربطه علاقات بوزارة الاستخبارات الإيرانية دون أن يفصح عن اسمه :quot; هناك حاليا ً صراع داخلي على السلطة. وقد توجه أحمدي نجاد إلى وزارة الاستخبارات وضغط عليهم كي يزيدوا تركيزهم على الطريقة التي ظهرت من خلالها الأحداث الأخيرة على أنها ثورة مخملية مدعومة من الخارج، والإفراج عن بعض الاعترافات التي تم التحصل عليها من المقبوض عليهم في السجنquot;. وفي أعقاب القرار الذي اتخذه الرئيس الإيراني يوم الأحد الماضي بإقالة وزير الاستخبارات، غلام حسين محسني ايجائي، قال محللون سياسيون إن أحمدي نجاد يسعى إلى تعيين الموالين لحزبه في مثل هذه المناصب - كما اتضح من خلال محاولته الفاشلة لتعيين صديقه المقرب ايسفانديار رحيم مشائي في منصب نائب الرئيس، تصديا ً لاعتراض خامنئي الشعبي على التعيين قبل الاستسلام هذا الأسبوع.

وفي جزئية أخرى تؤكد المعنى الذي قصدته الصحيفة من وراء تقريرها، نقلت عن محمد حجازي، الرجل الثاني في قيادة الحرس الثوري الأيديولوجي، قوله :quot; نحن نؤيد بث الاعترافات من أجل تنوير أذهان الناس وتوضيح الأمور للرأي العامquot;. وفي تصريح شديد اللهجة من شأنه أن يُسلط الضوء على الانقسامات القائمة بين الإصلاحيين والمحافظين وكذلك رجال الدين والنخبة العسكرية، قال آية الله العظمى الإصلاحي، يوسف سنائي :quot; هؤلاء الأشخاص الذين يضغطون على المعتقلين للحصول منهم على اعترافات يعتبرون خطأةquot;. وفي محور آخر، قال درويش غانباري، ممثل في البرلمان الإيراني عن محافظة إيلام :quot; في بعض السجون، لا يتم احترام حقوق المساجين، كما يُخضع المحققون هؤلاء السجناء للضرب والإهانةquot;.

اعتقال شبكة اتهمت بتزويد الغرب بصور عن المواجهات

على صعيد متصل، أعلنت قوات الأمن الإيرانية الأربعاء عن اعتقال أفراد شبكة سرية اتهمت أعضاءها بتزويد وسائل الإعلام الأجنبية بصور ومشاهد عن الاضطرابات. ونقلت محطة quot;برس تي فيquot; الإيرانية عن المصدر قوله ان الشبكة مؤلفة من دعاة إصلاح متشددين شاركوا في الحملة الإعلامية الغربية ضد حكومة أحمدي نجاد.

وأضاف المصدر ان اثنين من أعضاء الشبكة على الأقل اعترفا بتزويد مصادر إعلامية في الغرب بمشاهد عن أحداث العنف التي أعقبت الانتخابات ،في مسعى لإثارة المشاعر المناهضة للحكومة والبدء بعملية تغيير النظام.