أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تحولت منطقة المغرب العربي إلى مسرح حقيقي لنشاط تنظيم القاعدة، يشهد على ذلك العمليات التي يقوم بها quot; تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي quot; في الجزائر، خلال السنوات الأخيرة. وبدأت مخاوف الأجهزة الأمنية في المنطقة تتزايد من سعي هذا التنظيم إلى توسيع رقعة عملياته واستهداف الدول المجاورة للجزائر، منها المغرب، في محاولة لإثبات وجودها إقليميا. وقال سعيد لكحل، الباحث في الحركات الإسلامية بالمغرب، إن quot; القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بات تنظيما جهويا، ولم يعد خطره محصورا داخل حدود الجزائر، بحيث امتدت دائرة أعماله الإرهابية لتشمل دول الجوار، خاصة موريتانيا، ومالي، والنيجر، إضافة إلى الجزائر quot;.

وأضاف لكحل، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن ما ساعده على التمدد quot;الطبيعة الصحراوية، وضعف الإمكانات اللوجيستيكية لدول جنوب الصحراء، بالإضافة إلى ضعف التنسيق الأمني بين دول المنطقة. بالتأكيد أن تنظيم القاعدة استهدف المغرب بشكل مباشر وفظيع ليلة 16 مايو 2003 عبر العمليات الانتحارية التي أودت بحياة 45 شخصا بمن فيهم الانتحاريون. ولعل عدد الخلايا التي تم تفكيكها منذ ذلك التاريخ، والذي يزيد عن 90 خلية، يبين حجم الخطر الذي يتهدد المغرب في أمنه واستقرارهquot;.

وأوضح الباحث المغربي في الحركات الإسلامية أن quot;تنظيم القاعدة غدا خطرا حقيقيا في منطقة الصحراء الكبرى والساحل التي تعجز دول المنطقة على مراقبتها وبسط هيمنتها الأمنية والعسكرية، ما يشجع هذا التنظيم على اتخاذ المنطقة قاعدة خلفية لتنفيذ عملياته ضد دول المنطقة. وما العمليات التي نفذها داخل التراب الموريتاني بدءا بمهاجمة الثكنات العسكرية، وقتل الأجانب، وانتهاء بتنفيذ عمليات انتحارية ضد السفارة الفرنسية، إلا مؤشر على الخطر الذي بات يشكله القاعدة في المنطقةquot;.

وذكر أن هذا المؤشر يثبته quot;الحديث عن الاستعدادات العسكرية لدول المنطقة (الجزائر، وموريتانيا، ومالي، والنيجر) لخوض معركة حاسمة ضد الإرهاب في المنطقة، خصوصا أن مالي عجزت لوحدها عن مواجهة فرع القاعدة الذي أقام قواعد له بالتراب المالي كما بالمنطقة. والمواجهة المسلحة التي خاضتها القوات العسكرية المالية، في حزيران (يونيو) ويوليو الماضيين، دليل على حجم الخطر الذي يشكله تنظيم القاعدة. وحسب التقارير الاستخباراتية فتنظيم القاعدة أصبح أكثر قوة في الجزائر وموريتانيا، ومقتل الرهينة البريطاني والأميركي عبارة عن رسالة بأنهم لا يركزون على قضايا المغرب فحسب، وأنهم الآن جزء من الجهاد العالميquot;.

وبخصوص المخطط الأمني الذي يعتمده المغرب لمواجهة خطر الإرهاب، أشار لكحل إلى أنه quot;بالنظر إلى حجم التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة للمغرب، وكذا عدد الخلايا التي تم تفكيكها ونوعية المخططات التخريبية التي تم إفشالها، ندرك نجاعة المخطط الأمني الذي نهجه المغرب، بعد أحداث 16 مايو 2003. بالطبع المقاربة الأمنية وحدها لن تقضي على خطر الإرهاب، لكنها ناجحة في حماية أمن المغرب واستقراره. وقد راكم المغرب خبرات مهمة في مجال مكافحة الإرهاب، وسبل رصد الخلايا وتفكيكها قبل الانتقال إلى مرحلة التخريب. وبقدر ما يطور تنظيم القاعدة أساليبه وطرق اشتغاله، يطور المغرب عمل أجهزته الأمنية التي باتت على كفاءة عالية في رصد الخلايا الإرهابية، وقد ساعدها على توجيه الضربات الاستباقية للإرهابيين التنسيق الأمني، وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية سواء في المنطقة أو في أورباquot;.

وأكد أن quot;فرع القاعدة بالمغرب الإسلامي يبذل كل وسعه لاختراق المغرب، وإقامة قواعد له. والسلطات الأمنية في المغرب على وعي بالمخطط، خصوصا أن عددا من الشبان المغاربة انضموا إلى التنظيم بالجزائر وخضعوا للتداريب هناك. ولا شك أن تنظيم القاعدة يعتمد أساليب عدة لاختراق المغرب، سواء عبر إرسال أشخاص مكلفين بتكوين خلايا محلية، كما هو حال التونسي امساهل أو الفرنسي بيير أنطوان، أو الاعتماد على مغاربة محليين أو مقيمين بديار المهجر.

طبعا هذه أساليب معروفة ويمكن للأجهزة الأمنية تتبع خيوطها بسهولة. لكن الجديد في أساليب القاعدة بالمنطقة هو تحالفها مع تجار المخدرات ومهربي السلاح والبشر. وقد تمكنت السلطات الأمنية في المغرب مؤخرا من تفكيك خلية مرتبطة بالقاعدة متورطة في الاتجار بالمخدرات لما تدره هذه الأنشطة من أرباح، فضلا عن التمويه على النشاط الحقيقي الذي هو الإرهاب، بالإضافة إلى هذا نهج تنظيم القاعدة أسلوب اختراق التنظيمات الحزبية والتواري داخلها، ومن ثمة تكوين خلايا إرهابية قصد تنفيذ العمليات التخريبية وزعزعة الاستقرار والأمن. وهذا ما كشف عنه تفكيك خلية quot;المرابطون الجددquot; وقبلها خلية بلعيرجquot;.