على الرغم من أن قضية كليرستريم قد مست مصداقية السياسيين الفرنسيين فهي تكشف كذلك عن قدرة القضاء على تحقيق العدالة كما يجب، ودائما بانتظار الأحكام النهائية.

باريس: تبدأ محكمة باريس الاثنين النظر في قضية كليرستريم التي هي عبارة عن فصل من الكراهية العمياء بين رئيس وزراء فرنسا السابق دومينيك دو فيلبان والرئيس الحالي نيكولا ساركوزي، في ما اتفق على وصفه بـquot;محاكمة العقدquot;.

وسيواجه ساركوزي بالاضافة الى دو فيلبان اربعة متهمين اخرين من بينهم عماد لحود، وهو عالم رياضيات يشتبه بانه العبقري الذي وضع اللوائح الحسابية المعلوماتية المزيفة، وجان لوي غرغوران، المدير السابق لمجموعة quot;اي اي دي اسquot; وهو رجل اعمال صاحب نفوذ وله اتصالات واسعة.

وسيمثل امام القضاء بصفة شاهد عدد من الاشخاص بينهم جاسوس محترف متقاعد، ومسؤول سابق في الاستخبارات وربما شرطي من فرع quot;الاستخبارات العامةquot;، هو كاتم اسرار الطبقة السياسية.

وكتب كريستوف باربيه كاتب افتتاحية المجلة الاسبوعية quot;الاكسبرسquot; هذا الاسبوع ان quot;قضية +كليرستريم+ ليست تمثيلية بل هي من صلب الواقع المخزي والمؤلم لطبقة سياسية في فرنسا اعتادت الاذيةquot;.

تجري احداث القصة في العام 2003 وتدور حول وريثين سياسيين كلاهما من اليمين الديغولي يفرق بينهما كل شيء ولا يجمع بينهما سوى حكومة وطموح، هو خلافة جاك شيراك في قصر الاليزيه في العام 2007.

بدأت احداث القصة بتزوير لوائح شركة مالية في لوكسمبورغ تدعى quot;كليرستريمquot;. والهدف من هذا التلاعب كان الاساءة لمودعين مختلقين عبر اظهارهم بانهم استفادوا من رشوة في عملية بيع اسلحة في تايوان في العام 1991.

وتلقى قاض يحقق في قضايا الفساد هذه اللوائح من دون ان تعرف الجهة المرسلة عن نفسها. ففتح تحقيق بقضية اتهام كاذب. ومن بين الشخصيات الكثيرة التي ورد اسمها في اللوائح، من صناعيين ورجال سياسة وغيرهم، برز اسم ساركوزي. وهكذا اتخذت احداث القصة منعطفا سياسيا.

ووعد ساركوزي بانه سيعمل لكي يلقى من قام بهذا التلاعب quot;عقابا قاسياquot;. واتجهت شكوك ساركوزي الى دو فيلبان الذي كان وزيرا للداخلية ورئيسا للوزراء بانه قد يكون من استخدم هذه اللوائح لاضعافه في السباق الى قصر الاليزيه.

ووضع المحققون يدهم على دفاتر الجنرال فيليب روندو وهو موظف سابق في الاستخبارات دونت فيها تفاصيل الاجتماعات السرية مع دو فيلبان من اجل اللوائح. هل كانت هذه مؤامرة للقضاء على ساركوزي؟ هذا ما سيجيب عنه فيليب روندو حين مثوله امام المحكمة بصفة شاهد.

سياسيا، ساركوزي هو من انتصر في النهاية، فقد وصل الى قصر الاليزيه. وفي حال ادين دو فيلبان بالتواطؤ في اتهام كاذب فسيكون انتصار ساركوزي كاسحا. اما العقوبة التي يواجهها دو فيلبان في حال ادانته فتصل الى خمس سنوات ودفع غرامة قدرها 45 الف يورو.

من جهته ينفي دو فيلبان اي علاقة له بقضية التزوير ويشتكي من اختلال الموازين في القضية بسبب وزن المقام الرئاسي.

وقال بهذا الشأن quot;عندما يحين الاوان وتنجلي الحقيقة سيكون على ساركوزي ان يبرر تعنته الذي ستكون له بالتاكيد عواقب على منصبهquot;.

وتتوزع الادوار الثانوية، في المحكمة التي ستدوم حتى 23 تشرين الاول/اكتوبر والتي تضم 18 شاهدا و40 مدعيا، على الصحافي المحقق دوني روبير وعلى فلوريان بورج المدقق السابق لدى ارتور اندرسن المتهمين بحيازة هذه اللوائح.

ووصف روبير هذه المحاكمة قائلا quot;انها محاكمة حقبة، محاكمة الاخلاقيات السياسية الفرنسية حين يستخدم الجهاز القضائي الفرنسي لصالح السلطة السياسيةquot;.