ألقى الرئيس الأميركي باراك أوباما بثقله في الدبلوماسية الخاصة بالشرق الاوسط يوم الثلاثاء داعيا الاسرائيليين والفلسطينيين الى استئناف المفاوضات الرسمية وبذل المزيد من الجهد لوقف دائرة العنف، الاجتماع هو الاول بين نتنياهو وعباس منذ تولى الاول رئاسة الحكومة في اسرائيل في مارس اذار، ومع تمسك كل من الزعيمين بموقفه جاءت المصافحة أقل كثيرا مما كان يأمله المعاونون في البيت الابيض.

نيويورك: شدد الرئيس الاميركي باراك اوباما الثلاثاء على ان مفاوضات الوضع النهائي للاراضي الفلسطينية quot;يجب ان تبدا قريباquot; وذلك اثر اجتماع عقده مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس في نيويورك.

وقال اوباما قبل هذه القمة الثلاثية في فندق والدورف استوريا انه quot;ببساطة فقد تجاوزنا وقت الحديث عن بدء مفاوضاتquot;، واضاف quot;لقد حان الوقت للمضي قدما ولابداء المرونة والمنطق وروح التسوية اللازمة لتحقيق اهدافناquot; مشددا ان quot;مفاوضات الوضع النهائي يجب ان تبدأ وأن تبدأ سريعاquot;.


اوباما يدعو الى استئناف مباحثات السلام سريعا

واعلن اوباما انه طلب من الجانبين ارسال مفاوضيهما الى واشنطن الاسبوع المقبل لاجراء مزيد من المباحثات لاعادة اطلاق عملية السلام تحت رعاية المبعوث الاميركي للشرق الاوسط جورج ميتشل. كما قال انه طلب من وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون تقديم تقرير عن وضع المفاوضات في منتصف تشرين الاول/اكتوبر المقبل.

وقبل المباحثات، التي ترمز الى التزام اوباما الشخصي الحازم بعملية السلام، دعا اوباما الجانبين الى ابداء quot;سرعةquot; والتخلي عن سياسة اتخاذ خطوات صغيرة الى الامام ثم العودة الى الوراء، وقال ان quot;رسالتي الى هذين الزعيمين واضحة. فعلى الرغم من جميع العقبات وكل ثقل التاريخ وعدم الثقة يجب ان نجد الطريق للمضي قدما. يجب ان نجد الارادة لكسر الجمود الذي ادخل اجيالا من الاسرائيليين والفلسطينيين في دوامة مستمرة من النزاعات والمعاناةquot;.

وهذا اللقاء وهو الاول بين عباس ونتانياهو منذ تولي الاخير مهام منصبه في اذار/مارس الماضي ياتي اثر فشل الجهود الاميركية المكثفة في اقناع اسرائيل بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية وفي حمل الدول العربية على تقديم تنازلات لاسرائيل. وقبل هذا اللقاء الثلاثي اجتمع اوباما بكل من نتانياهو وعباس على حدة مع وفديهما.

ولا تساور الفلسطينيون او الاسرائيليون اوهاما بشان نتائج هذه القمة اذ لا يمكن ردم الهوة المتسعة بين الجانبين في لقاء واحد، الا ان البيت الابيض شدد على ان عقد اللقاء يعتبر في حد ذاته بادرة تقدم.

ولم تتطرق مباحثات الثلاثاء الى قضايا الوضع النهائي مثل المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية وحدود الدولة الفلسطينية القادمة او وضع القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين بل ركزت على كسر الجليد بين الزعيمين.

وكان اوباما، الذي اعلن رغبته في التوسط في قضية الشرق الاوسط في بداية رئاسته خلافا لسلفه جورج بوش، يامل في التوصل بالفعل الى اتفاق بشان بدء المفاوضات بعد الجهود الدبلوماسية الحثيثة لمبعوثه جورج ميتشل. الا ان ميتشل لم يتمكن من اقناع حكومة نتانياهو المتشددة بالموافقة على تجميد كامل لتوسيع المستوطنات اليهودية، وهو ما دعت اليه واشنطن وطالب به الفلسطينيون كشرط لبدء المفاوضات.

كما تجاهلت الدول العربية دعوة اوباما تقديم تنازلات من بينها على سبيل المثال السماح للطائرات الاسرائيلية التجارية بالمرور في اجوائها، كبادرة حسن نية تجاه حكومة نتانياهو لاقناعها باجراء محادثات مع الفلسطينيين. ويخاطر اوباما الذي يواجه مجموعة من المشاكل المحلية وعددا من الازمات الخارجية، بعقده هذا الاجتماع، بحسب محللين.

فقد راى مراقبون بينهم اعضاء في ادارة الرئيس السابق جورج بوش، ان الرئاسة بصفتها رمزا يجب ان لا تستخدم الا عند رؤية لحظة حاسمة، وليس فقط كسبيل لبدء محادثات. الا ان مساعدي اوباما قالوا ان الاسرائيليين والفلسطينيين لن يتحركوا باتجاه حوار مستمر الا بمشاركة اميركية متواصلة ومركزة على اعلى المستويات.

عباس: على اسرائيل أن تلتزم باتفاقات عام 2008

من جهته، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الثلاثاء ان اسرائيل يجب أن تلتزم بالاتفاقات المتعلقة بالحدود والقدس التي ذكر أن حكومتها أبرمتها عام 2008 مع الفلسطينيين لكي تستأنف مفاوضات السلام المتوقفة، كما كرر عباس في أعقاب محادثات مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اصرار الفلسطينيين على أن توقف اسرائيل بناء المستوطنات في المناطق المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية.

وقال عباس للصحافيين في بيان معد سلفا quot;في اللقاءات التي تمت هذا اليوم أكدنا موقفنا فيما يتعلق بالتزاماتنا نحو خطة خارطة الطريق وتطبيق هذه الالتزامات واستمرار هذا التطبيق. وبالمقابل طالبنا وأكدنا على ضرورة أن الجانب الاسرائيلي يجب عليه أن ينفذ التزاماته وبشكل خاص وقف كل أشكال الاستيطان بما في ذلك النمو الطبيعي.quot;

وأضاف quot;أما مسألة استئناف المفاوضات فانها تتوقف أيضا على أن يكون هناك تحديد كامل لمرجعية العملية التفاوضية. بمعنى أوضح أن يكون هناك أساس لهذه العملية بالاعتراف بالانسحاب من حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 وانهاء الاحتلال وهذا أكدناه لاننا سبق وأن تفاوضنا عليه مع الحكومة السابقة عندما وصلنا الى تحديد حدود الاراضي المحتلة بأنها الضفة الغربية وغزة بما في ذلك القدس الشريف.quot;

وتابع quot;هذا الموقف أكدناه في لقائنا الثلاثي ولقائنا الثنائي.. في اعتقادنا أن الادارة الأميركية ستقوم باستطلاع موقف الجانبين في الاسابيع القادمة للوصول الى النتيجة التي تتيح لنا استئناف المفاوضات على الاسس التي ذكرتها الان.quot;

وكان مسؤولون ودبلوماسيون ذكروا أن ايهود أولمرت سلف نتنياهو الذي ينتمي الى تيار الوسط ناقش مبادلة أراض العام الماضي مع عباس كان من شأنها أن يحصل الفلسطينيون ما يقرب من كل الاراضي التي استولت عليها اسرائيل عام 1967 وأنه تحدث أيضا عن تقاسم السيطرة على مدينة القدس مع الفلسطينيين.

لكن لم تنشر أي اتفاقات واضحة قط قبل تعليق المحادثات في ديسمبر كانون الاول. وأوضح نتنياهو ذو الاتجاه اليميني الذي تولى السلطة في مارس اذار أنه لا يرغب في تكرار مثل هذه العروض التي ربما يكون أولمرت قد قدمها.

وقال نتنياهو في نيويورك quot;نحن بالتأكيد لسنا ملزمين بمواقف الحكومة السابقةquot;.

عريقات: القمة الثلاثية لم تقرر استئناف المفاوضات

كما أكد رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات مساء الثلاثاء، أن لا قرار باستئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية خرج عن القمة الثلاثية في نيويورك .

وأوضح عريقات الذي شارك في القمة الثلاثية في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء quot;ما تم الاتفاق عليه هو ان المبعوث الاميركي لعملية السلام السيناتور جورج ميتشل سيلتقي بنا غدا ومن ثم سيأتي الى المنطقة لعقد لقاءات ثنائية فلسطينية-اميركية واسرائيلية ndash;اميركية منفصلةquot;. وتابع quot;ومن ثم سيدعو المبعوث الأميركي وفدين فلسطيني وإسرائيلي إلى واشنطن لعقد لقاءات ثنائية منفصلة في محاولة لجسر الهوة التي تتيح استئناف المفاوضاتquot; بين الجانبين .

وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أنه تم تحديد ثلاثة متطلبات لاستئناف المفاوضات وهي quot;الوقف الكامل للاستيطان الإسرائيليquot; وثانيا quot;أن يتم تحديد مرجعيات عملية السلام بأن المفاوضات هي حول جميع القضايا بما فيها القدس واللاجئينquot;، وثالثا quot;أن المفاوضات يجب ان تستأنف من النقطة التي وصلت عندها مع الحكومة الاسرائيلية السابقةquot;.

نتنياهو: الجميع يتفقون على ضرورة استئناف المحادثات قريبا

من ناحية أخرى، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان القيادتين الاسرائيلية والفلسطينية اتفقتا على ضرورة استئناف محادثات السلام بأسرع ما يمكن خلال اجتماع مع الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الثلاثاء.

وأضاف نتنياهو في حديثه للصحافيين في نيويورك quot;هناك اتفاق عام.. يتضمن الفلسطينيين.. على وجوب استئناف عملية السلام بأسرع وقت ممكن من دون شروط مسبقةquot;.

ميتشل : الخلافات ما زالت قائمة بين اسرائيل والفلسطينيين

واقر جورج ميتشل الموفد الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط الثلاثاء باستمرار وجود خلافات بين الاسرائيليين والفلسطينيين حول اعادة اطلاق المفاوضات بينهما بعد قمة رئيس الوزراء الاسرائيلي والرئيس الفلسطيني في نيويورك تحت رعاية الرئيس الاميركي.

ورغم التاكيد على تحقيق تقدم اقر ميتشل بذلك بان هذه القمة لم تحقق اختراقا في حين ان المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين متوقفة منذ نهاية 2008.

وقال المبعوث الاميركي للصحافيين ان quot;الجانبين يريدان اعادة اطلاق المفاوضات في اسرع وقت ممكن لكن هناك خلافات بشان طريقة تحقيق ذلكquot;.

حماس تدين مشاركة عباس في القمة الثلاثية بنيويورك

في سياق آخر، دانت حركة المقاومة الاسلامية حماس مشاركة الرئيس محمود عباس ابو مازن في القمة الثلاثية في نيويورك واعتبرت الادارة الاميركية quot;منحازةquot; لاسرائيل. وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم حماس لوكالة فرانس برس quot;ندين مشاركة (الرئيس) محمود عباس في اللقاء (عباس والرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو) ونعتبرها تدحض مزاعمه بانه لن تكون هناك مفاوضات قبل وقف الاستيطانquot;.

وتابع ابو زهري ان الرئيس quot;عباس غير مفوض للتفاوض باسم الشعب الفلسطيني ولا يمثل الا حركة فتح بهذا الخصوصquot; مضيفا quot;نعتبر الادارة الاميركية برؤيتها الحالية منحازة للاحتلال الاسرائيلي لان هذه المواقف توفر غطاء حقيقيا للاحتلال للاستمرار في عدوانهquot;.

واعتبر ابو زهري تصريحات اوباما بعد اللقاء الثلاثي التي تركزت حول الدعوة لاستئناف المفاوضات quot;تعكس الفشل الذريع الذي تعاني منه مسيرة التسوية والتراجع الكبير في التعهدات الاميركية حول الحقوق الفلسطينيةquot;. ودعا quot;الاطراف العربية لرفض اية ضغوط اميركية للتطبيع مع الاحتلال والتوقف عن المراهنة عن الموقف الاميركي ازاء هذه المواقف والتصريحاتquot;.