بعد أن شهدت الساعات القليلة الماضية تصعيدا مفاجئا ً من جانب الدول الغربية تجاه ملف إيران النووي، تنوعت اليوم آراء وتعليقات عدد من الصحف الأميركية حول الاتهامات التي وجهها الغرب إلى إيران بشأن بنائها موقعًا نوويا ثانيًا، ومطالبة طهران بالتقيد قبل نهاية العام بالقوانين الدولية تحت طائلة فرض عقوبات جديدة quot;قاسيةquot; عليها. من جانبها، كتبت صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية تحت عنوان ( خطاب إيراني سري يشعل مناقشة عاجلة حول الإستراتيجية النووية)، حيث يدور حديث الصحيفة عن قيام مجموعة من مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الثلاثاء الماضي بإخطار اثنين من أبرز مستشاري الرئيس أوباما بأن إيران أرسلت لتوها خطابا سريا ً إلى الوكالة تصف فيه منشأة نووية quot;تجريبيةquot; صغيرة ( قالت إنها تحت الإنشاء ) لم يسبق وأن تحدثت عنها البلاد من قبل.

نوهت الصحيفة بحالة الدهشة التي تملكت المسؤولين الأميركيين بعد علمهم بفحوى الخطاب، في الوقت الذي سيطر عليهم الغضب بسبب الأشياء التي لم يتحدث عنها الخطاب.ورأت الصحيفة في محور متصل أن البيت الأبيض استغل هذا الخطاب في محاولة للالتفاف حول الإيرانيين، وتقديم ما يعتقد أنه دليل دامغ على أن حدود هذا الموقع النووي الإيراني تتجاوز مجرد هذا البرنامج التجريبي الذي تتحدث عنه طهران. وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأميركيين رأوا في ذلك فرصة لإقناع باقي الدول بفرض عقوبات أكثر صرامة من خلال إظهار أن الإيرانيين ما زالوا يعملون على تطوير خطة نووية سرية. وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن مسؤول بارز داخل الإدارة الأميركية، قوله quot; هناك قدر لا بأس به من الغضب داخل الإدارة حول كشف إيران عن مفاعلها النووي السريquot;. في حين قال مسؤول ثان quot; يسأل الجميع: أين نفوذنا ؟ حسنا ً، لقد حصلنا لتونا على هذا النفوذquot;.

أما صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; فقالت إن الكشف عن الموقع الإيراني السري الجديد في مدينة quot;قمquot; يمكن أن يمنح الولايات المتحدة وشركاءها اليد الطولى في التعامل مع نجاد. فقد رأت الصحيفة في معرض تحليلها الذي خصصته للحديث عن موجة التصعيد التي شهدتها قضية إيران النووية خلال الساعات الأخيرة أن الكشف عن موقع التخصيب السري الجديد سوف يلعب دورًا في التصعيد من حدة المواجهة خلال الاجتماع المزمع إقامته في الأول من أكتوبر / تشرين الأول المقبل بين المفاوضين الإيرانيين والغربيين حول القضية النووية الإيرانية، وهو ما قد يمكِّن الغرب في نهاية المطاف من التوصل إلى اتفاق بشأن تعليق أنشطة التخصيب الإيرانية.

كما أشارت الصحيفة إلى أن وجود مثل هذا الموقع يوضح الآثار المترتبة على فشل السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة لكبح برنامج إيران النووي عبر الوسائل الدبلوماسية. وهنا، يقول مايكل ليفي، الخبير في انتشار الأسلحة النووية في مجلس العلاقات الخارجية، إن الاستمرار في نهج سياسة التقارب مع طهران قد يكون أمرا ً جيدا ً ، لكن لا يجب النظر إليها على أنها بديل للعقوبات. كما تنقل الصحيفة عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن إيران ستضطر على الأرجح إلى قبول إخضاع الموقع لعمليات تفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما سيصعب عليها إمكانية استخدامه مستقبلا ً في تطوير أسلحة نووية. ويقول أحد كبار مسؤولي الإدارة الأميركية :quot; لذا، يمكن اعتبار ذلك نصراً، لأن مجرد الكشف عن الموقع زاد من صعوبة استخدام الموقع في تطوير السلاح النووي، تماماً مثلما حدث عند الكشف عن موقع ناتانز عام 2002 على يد إحدى الجماعات الإيرانية المنشقةquot;.

بينما كتبت صحيفة quot;لوس أنغليس تايمزquot; تحت عنوان ( ربما قد انتهى وقت إجراء المحادثات مع إيران )، حيث تشير عبر تقرير مطول لها إلى أن الآمال التي كان يعول عليها أوباما طويلا ً بشأن التقارب quot;الدبلوماسيquot; مع إيران حول برنامجها النووي بدت وكأنها تتلاشى. وقالت الصحيفة إن الرئيس أوباما ترسخت لديه قناعة بأنه لن ينتظر إيران إلى الأبد كي تتخذ قرارا بشأن دخولها في مفاوضات حول برنامج تسلحها النووي. وأكدت الصحيفة أن quot;مؤشر الانتظارquot; لدى أوباما قد أوشك على النفاذ. فأثناء مقابلته لقادة العالم على مدار الأيام القليلة الماضية في قمتي نيويورك وبيتسبيرغ، أعطى أوباما أوضح الإشارات على أنه بدأ يتخلى بالفعل عن واحد من أشهر موضوعات حملته الانتخابية ذات الطابع التجاري، وهو ( التقارب مع إيران )، وذلك في مقابل السعي وراء فرض عقوبات اقتصادية صارمة.

وهنا، نقلت الصحيفة عن مئير إقدام، المحلل الإيراني المولد والمقيم في إسرائيل، قوله :quot; تعتبر المعرفة قوة، وما عرفه الجميع اليوم عن موقع إيران السري الجديد منح أوباما قدرا كبيرا من القوة في المفاوضات المقبلة مع إيران، وفي ما يبذله من جهود لحشد التأييد من أجل فرض عقوبات ما لم تسفر المفاوضات عن تحول إيجابيquot;. وأضاف إقدام، الذي يشغل أيضا ً مدير شركة الشرق الأوسط المحدودة للتحليلات الاقتصادية والسياسية :quot; لقد جاء هذا الكشف ليلحق قدرا ً كبيرا ً من الضرر بمصداقية إيرانquot;. بينما قال مارك ريغيف، الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية، إن الكشف الذي أزاح النقاب عنه أوباما يوم أمس أظهر أن القوى العالمية تعي التهديد الذي تشكله إيران.

وختمت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; بمقال تحليلي، أشارت فيه إلى حدوث تغير في واجهة الإدارة الأميركية الحالية بشأن تعاملها مع ملف إيران النووي من محور quot;التقاربquot; إلى السعي وراء تشكيل توافق دولي في الآراء حول اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد طهران. ورأت الصحيفة أنه في الوقت الذي لن يُغلق فيه باب quot;التقاربquot; تماما ً، تخطط واشنطن وحلفاؤها الغربيون للتركيز بقوة على القضية التي تثبت أن إيران انتهكت مرة أخرى القوانين الدولية. وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أملهم في أن تجبر الضغوطات الجديدة إيران على الدخول في نقاش أوسع في النطاق حول برنامجها النووي، ومن ثم الدخول في مرحلة جديدة من المفاوضات الجادة.

اعداد قسم الترجمة