يرجع هاينز فيشر الوضع في الشرق الأوسط الى عدم حدوث تغيير في موقف إسرائيل واستمرار سياستهاالاستيطانية

فيينا:أعرب الرئيس هاينز فيشر رئيس الجمهورية النمساوية الاتحادية عن اعتقاده بأن الصورة في الشرق الأوسط ما تزال إلى حد كبير قاتمة ومختلطة لعدة اعتبارات من بينها عدم حدوث أي تغيير في موقف إسرائيل واستمرارها في سياسة بناء المستوطنات اليهودية في الأراضي المتنازع عليها ولأن الإدارة الأميركية الجديدة لديها وجهة نظر جديدة فيما يتعلق بواقع ومستقبل السلام في المنطقة بالإضافة إلى استمرار فجوة الخلافات العميقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من جهة وحالة الانقسام بين الفلسطينيين أنفسهم في رام الله وقطاع غزة.

وأشار الرئيس فيشر في حديث أدلى به إلى وكالة أنباء الإمارات خلال حفل الاستقبال السنوي والتقليدي الذي أقامه الليلة الماضية في قصر الهوفبورغ لمجموعة كبيرة من قادة ورموز وممثلي الهيئات والجمعيات والمراكز الإسلامية في النمسا بمناسبة عيد الفطر تقدمهم رئيس الهيئة الإسلامية الرسمية أنس الشقفة وعضو البرلمان المحلي في مقاطعة فيينا عمر الراوي المنسق العام لشؤون الاندماج في الهيئة الإسلامية ..الى أهمية الخطابين اللذين ألقاهما الرئيس الأمريكي باراك أوباما في القاهرة والجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام ..ووصف مضمون الخطابين بأنه كان واعداً ومهماً ومعقولاً ومقبولاً ومفهوماً جداً ولقي الدعم الكبير من قبل أغلبية قادة وزعماء دول العالم.

ورأى فيشر أن لغة خطابات الرئيس أوباما وتصريحاته الأخيرة تشكل نقلة نوعية بالغة الأهمية في السياسة الأميركية الجديدة ..داعيا جميع الأطراف المعنية إلى ضرورة اعتماد الحكمة والعقل والمنطق وعدم التسرّع في إطلاق الأحكام المسبقة بشأن مستقبل السلام في الشرق الأوسط /على حد تعبيره/ ..مشيراً إلى أنه quot;ينبغي علينا أن نأخذ في الاعتبار أن موقف إسرائيل لم يتزحزح ولم يتغير قيد أنملة حتى الآنquot;.

وبعدما أشار الرئيس النمساوي إلى عدة عقبات وتحديات إسرائيلية وفلسطينية قديمة وجديدة تواجه عملية التسوية السلمية ..شدد على القول أن quot;حقيقة المشكلة تكمن في استمرار إسرائيل بعملية بناء المستوطنات اليهودية لدرجة أنها جعلت الحلّ أكثر تعقيداً على أرض الواقع في حين لم يتحسن أساساً الوضع العام في قطاع غزة بالإضافة إلى استمرار تداعيات حالة الانقسام بين الفلسطينيين أنفسهم وعدم اتفاقهم على موقف موحد.

وأوضح الرئيس فيشر أنه quot;لا يستطيع القول أن مرحلة واعدة وجديدة في الشرق الأوسط قد بدأت أو أن حل النزاع بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني قد بدأ لأن الوضع المتأزم ما زال يتفاقم لا بل أصبح أكثر تعقيدا مع الأخذ في الاعتبار الآثار السلبية لعمق الخلافات بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول تسوية مشكلات الوضع النهائي من جهة وحالة الانقسام بين رام الله وغزّة من جهة أخرىquot;.

ولكن الرئيس النمساوي استدرك بقوله quot;هناك بصيص من الأمل في نهاية النفق ويتمثل بدعم الولايات المتحدة وبقية أعضاء اللجنة الرباعية الدولية وخصوصا روسيا التي تأمل حصول تغيير في موقف الحكومة الإسرائيلية بحيث يفضي إلى استئناف مفاوضات السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في أسرع وقت ممكنquot;.

وأكد الرئيس فيشر مجدداً أنه حتى الآن لم ير بالفعل بوادر إيجابية للتحرك إلى الأمام ..ولفت الانتباه إلى أن اللقاء الذي تمّ بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامن نتنياهو في البيت الأبيض برعاية الرئيس باراك أوباما لم يكن مشجعاً للغاية في تضييق فجوة الخلافات بين الرجلين بسبب تمسكهما كلٌ بموقفه /على حد وصفه/.

وحول رؤيته لدور النمسا التي تحتفظ بعلاقات صداقة وتعاون مميّزة مع العالم العربي وخاصة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ودور الاتحاد الأوروبي في دفع عملية التسوية السلمية في الشرق الأوسط إلى الأمام ..قال الرئيس فيشر quot;كما تعلمون بأن النمسا هي دولة عضو فاعل في الاتحاد الأوروبي وتنتهج سياسة خارجية أوروبية متوازنة وتقوم على أساس المساهمة في دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى اقرار تسوية سلمية للقضية الفلسطينية التي تشكل جوهر النزاع العربي/الإسرائيلي وبحيث تضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وحقهم في العيش بأمن وسلام وتطوير أنفسهم داخل وطنهمquot;.

وفي نفس الوقت أكد الرئيس النمساوي على أهمية quot;الاعتراف كذلك بحق الإسرائيليين في العيش بأمن وسلام وضمن حدود معترف بها دوليا وبحيث لا يتعرضوا لأية هجمات بالصواريخ وبضرورة الالتزام بكافة التوصيات الواردة في خارطة الطريق التي أعدّتها وتبنتّها اللجنة الرباعية الدولية المؤلفة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحاديةquot;.

وفي هذا السياق اعرب الرئيس فيشر عن اعتقاده القوي أن تحقيق الهدف النهائي للتسوية السلمية في الشرق الأوسط يتصدر أولويات أجندة العمل السياسية للاتحاد الأوروبي ..مشيراً إلى أن الاتحاد هو على أتمّ الاستعداد للتعاون مع أي دولة من دول العالم وفي طليعتها دول عربية كثيرة أبدت استعدادها للاعتراف بإسرائيل أو أي جهة دولية تعمل من أجل تحقيق هذا الانجاز وبما يضمن احترام حق الفلسطينيين والإسرائيليين في العيش بأمن وسلام جنباً إلى جنب وذلك في دولتين مستقلتين هما إسرائيل وفلسطين /على حد تعبيره/.

وكان الرئيس فيشر ألقى كلمة في بداية حفل الاستقبال أكد فيها ان النمسا كانت وستظل بلد التعايش الحضاري والثقافي والديني والعرقي في وسط أوروبا.

وشجب الرئيس فيشر الذي سيعلن في أواخر شهر نوفمبر المقبل ترشيحه لفترة رئاسية ثانية وبدء حملته الانتخابية أصوات رموز تابعة للقوى اليمينية المتطرفة المعروفة بمناهضتها للسامية واليهودية والإسلام وكراهية الأجانب بشكل عام.

وبعدما شدد على القول أن النمسا تدين وبأقسى العبارات ما يسمى بـ quot;الاسلاموفوبياquot; أكد أن هذه الظاهرة لا تمثل آراء ومواقف أغلبية شرائح المجتمع النمساوي ..وقال أن النمسا ستظل وطناً فريداً للتعايش الحضاري والثقافي والديني والعرقي المتنوّع لأن التنوّع هو اثراء بالغ الأهمية في تاريخ الأمم والشعوب.

جدير بالذكر أن النمسا كانت أول بلد أوروبي اعترف بالدين الإسلامي بقرار دستوري أصدره آخر أباطرة النمسا الامبراطور فرانس يوزيف في العام 1912. ويتمتع المسلمون الذين يعيشون في النمسا والبالغ عددهم حوالي 400 ألف نسمة بنفس الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطنون النمساويون .. وقد أصبح لأصوات المسلمين النمساويين ثقل مهم ولا سيما في مواسم الانتخابات المحلية والبرلمانية حيث فاز عدد من المرشحين المسلمين من أصول عربية وتركية أبرزهم النائب عمر الراوي وسيفيم إيغيتشي في برلمان فيينا المحلي وسليمان علي عضو برلمان شتايرمارك بالإضافة إلى نائبة تركية الأصل في البرلمان النمساوي عن حزب الخضر.