أكد سياسي تركماني بارز أن أبناء قوميته في العراق يتعرّضون إلى إبادة جماعية، وأنهم القومية الوحيدة الخاسرة مما يجري من أحداث في البلاد منذ عام 2003، مشيرًا إلى أن وضعهم الحالي أسوأ من وضع الفلسطينيين بعد عام 1948.


عبد الجبار العتابي من بغداد: قال فوزي أكرم ترزي، السياسي التركماني وعضو مجلس النواب السابق في حديث مع "إيلاف" أن ما يتعرّض له التركمان، الذين يشكلون القومية الثالثة في العراق، بعد العربية والكردية، هو عمل ممنهج ومبرمج، لأن خطة بايدن (نائب الرئيس الأميركي) في تقسيم العراق تنطلق من المناطق التركمانية، ولأن التركمان يرفضون رفضًا قاطعًا أي فكرة لتجزئة أو تقسيم العراق، مشيرًا إلى أن زيارة رئيس إقليم كردستان لمدينة كركوك أخيرًا لم تكن في الوقت المناسب.. وهذا ما جاء في الحديث:

* كيف تنظر إلى ما يتعرّض له التركمان الآن؟
- التركمان هم القومية الأساسية الثالثة في العراق، وهم يتعرّضون إلى الإبادة الجماعية ومحو الهوية والتطهير العرقي، ويتعرّضون للتجاوزات والانتهاكات والخروقات في الكثير من المناطق التركمانية في الشريط الممتد من تلعفر إلى مندلي مرورًا بكركوك وتازة وداقوق وطوزخرماتو وأمرلي وبشير وقرى البيات التركمانية وبراوتلي وقصدارلي وقرناز والكثير من المناطق التركمانية، فلهذا نرى أن الخاسر الأكبر في العملية السياسية منذ عام 2003 إلى يومنا هذا سياسيًا هم التركمان، وعسكريًا هم التركمان، بسبب التهميش والإقصاء والتحجيم الذي يتعرّضون له.

* حدثني عمّا يتعرّضون له عسكريًا من عنف وتهجير وإبادة في مناطقهم؟
- عسكريًا كل المناطق المحتلة من قبل (داعش) والداعشيين والبيش مركة هي أراض تركمانية عبر التاريخ، فلهذا ضيّع التركمان التاريخ والجغرافيا، وتم تغيير ديموغرافي واضح الملامح على أرض الواقع، لهذا نرى التركمان مشرّدين في الكثير من الدول الإقليمية وفي المحافظات الوسطى والجنوبية، وليست هنالك منظمات مجتمع مدني تعنى بحقوق الإنسان أو وزارة حقوق الإنسان أو مفوضية حقوق الإنسان انتبهت لمعاناة مأساة وكارثة التركمان، لهذا ندعو كل من يدّعي أنه وطني عراقي شريف وكل من يدّعي أنه داعم للإنسان والإنسانية أن يقف وقفة رجال أشداء مع هذه القومية المسالمة التي يتعرّض أبناؤها إلى انتكاسات، وقد أصبحنا في حال أسوأ من حال الفلسطينيين، فالفلسطينيون عام 1948 حينما تم إخراجهم من بلدهم احتضنتهم 21 دولة عربية، وكل دول العالم فتحت لهم أبواب سفاراتها على مصاريعها، بينما التركمان لا يجدون دولة تحتويهم، ولا يجدون مأوى يأويهم، ولا حضنًا يحتضنهم، ويرى ما يعانون منه للأسف، لكونهم لا يؤمنون بسياسة العنف ولكونهم لا يمتلكون السلاح ولا يؤمنون بالميليشيات، وإنما يؤمنون بالدستور والقانون وبالدولة، ويرفضون تقسيم العراق تحت أية مسميات.

وهناك مشروع جو بايدن سيء الصيت بتقسيم العراق إلى دويلات عربية سنية وعربية شيعية وكردية، وهي كردستان وشيعة ستان وسنة ستان، والخاسر الأكبر التركمان، نحن نرفض كل الرفض تقسيم وتجزئة العراق، ولهذا مشروع بايدن ينطلق من المناطق التركمانية، من مدينتي طوزخرماتو ومن كركوك مدينة الذهب الأسود ومدينة النور الأزلية، المدينة التي تعيش فينا، وهي عصية على الأعداء والاحتلال.

* أين يكمن الخلل في ما يحدث في تلعفر، لاسيما أن أبناءها هم الذين يحمونها؟
- التركمان قومية مسالمة، ولكنهم ليسوا جبناء، وخير دليل على ذلك أنهم عبر التاريخ شجعان، وأن شرارة (ثورة العشرين) بدأت من تلعفر، وإلى حد يومنا هذا أولاد وأحفاد ثوار ثورة العشرين يحتفظون بالمسلتزمات الحربية لتلك الثورة من (مكوار) وأسلحة ويفتخرون بها، لهذا وقفوا وقفة رجال أشداء بالضد من (داعش) والداعشيين، ولكن المؤامرة كبيرة بكل ما تعنيه الكلمة، مؤامرة إقليمية وعالمية إن صحّ التعبير على هذه المناطق، لهذا أنا أدعو الجميع إلى أن يأخذوا بنظر الاعتبار وضع وموقف ومصير هذا الشعب المظلوم، الذي هو جزء لا يتجزأ من الشعب العراقي.

* هم المستهدفون تحديدًا أم كغيرهم؟
- بصراحة .. كل أبناء الشعب العراقي مستهدفون من قبل (داعش) والداعشيين والمجاميع الإرهابية ومؤامرات الدول الإقليمية والإسرائيلية والأميركية، وهذا معروف، ولكن ساحة تصفية الحسابات صارت المناطق التركمانية، تلعفر وكركوك وتازة وطوزخرماتو وأمرلي وبشير، كلها تعرّضت لتجاوزات وانتهاكات وسلب ونهب واغتصاب واعتقالات واغتيالات يومية مبرمجة وممنهجة أمام الملء من دون رادع ومن دون مغيث.

* الأكراد قالوا إنهم أخذوا كركوك ونفذوا المادة 140 ما رأيك؟
- نحن نريد أن نؤسس دولة برلمان ودولة قانون ودولة نظام ودستور، حيث لا يمكن للقوي أن يأكل الضعيف، هذا ليس قانون الغابة، وكركوك مدينة عراقية ذات طابع تركماني، هذه المدينة الغنية بثرواتها والفقيرة بخدماتها، الآن هي مدينة العراقيين جميعهم بعربهم وكردهم وكلدانهم وآشورهم، ونفط وثروات كركوك ملك للجميع، فلا يمكن استغلالها واحتلالها واستثمارها من قبل جهة واحدة وقومية واحدة وفئة واحدة ومن شخص واحد، لهذا فالظرف الحالي استثنائي، وينبغي عدم استغلاله على حساب الشعب العراقي لمصلحة فئة واحدة أو قومية، لذلك فالتاريخ سيسجل كل من يريد أن يدخل أبوابه بموقف مشرف وطني، فلا يمكن السكوت عن احتلال أي مدينة عراقية من قبل طائفة أو فئة، فخارطة العراق ووحدة العراق أرضًا وشعبًا وعلمًا ودولة سيادة مسؤولية على عاتق كل عراقي شريف.

* زيارة بارزاني لكركوك.. كيف تنظر إليها؟
- مدينة كركوك مدينة العراقيين جميعًا، ومن حق أي عراقي أن يزور كركوك وقت ما يشاء ومتى ما يشاء، ولكن الظرف الحالي استثنائي وحساس، لذلك توقيت الزيارة غير مناسب إن صح التعبير، لأننا نرى أن هناك مؤامرة دولية وإقليمية من أجل الاستحواذ على واردات النفط، وهناك دول تدعم خطة تقسيم العراق، وكذلك هناك فوضى عارمة وتطبيق الدستور والمادة 140، حيث هناك ثلاث فقرات ينبغي تطبيقها في أرض الواقع ببنودها، وليس بقوة السلاح والدبابات وثقافة العنف وفرض الأمر الواقع.

* إذا ما تم تنفيذ خطة بايدن القاضية بتقسيم العراق، مع من سيذهب التركمان؟!!
- سنبقى المقاومة المسلحة العلنية الشريفة ضد هذا التقسيم، مثلما وقفنا وقفة رجال أشداء في ثورة العشرين وفي مقارعة الاحتلال منذ سقوط النظام السابق إلى يومنا هذا.

* كيف تقرأ ما يحدث في الموصل وبعض المحافظات الآن؟
- ما يحدث هو مؤامرة وتخاذل وخيانة ضد أبناء الشعب العراقي وضد الدولة العراقية، فينبغي من الجميع إعادة حساباتهم وفق الدستور، وليعلم الجميع أن زمن الهيمنة والاستعلاء والديكتاتورية ولى، وولى زمن الانقلابات والدخول إلى القصر الجمهوري وإعلان بيان رقم واحد واستلام السلطة، الآن زمن صناديق الاقتراع وورقة الناخب أقوى من كل الهمرات والأحزمة الناسفة والمفخخات، والأصابع البنفسجية هي الفيصل في كيفية تشكيل الحكومة والدولة والهيئات الرئاسية الثلاث.