أسر الحزام الشعبي في سورية، ماذا تأكل وكيف تعيش؟
حسام شحادة من دمشق: في ظل الأوضاع الدولية والإقليمية التي أعقبت أحداث 11 أيلول واجتياح بغداد، وبعد خروج القوات السورية من لبنان وما رافقها من تراجع للتبادل التجاري وعودة الغالبية العظمى من العمال السوريين العاملين في لبنان والذين يقدر عددهم بين 500 ألف الى مليون عامل... في ظل هكذا مناخ تزداد المصاعب الاقتصادية التي تعاني منها الأسرة السورية خاصة في ظل تعاظم ظاهرة البطالة بأشكالها المختلفة والتي تصل نسبتها حسب العديد من المصادر الى ما يقارب 30-40%.
| معاناة الاسرة الساكنة حول دمشق |
أم وليد، ربة منزل وتعيل أسرة من تسعة أفراد وواحد فقط من أفراد الأسرة يعمل والآخرون طلاب أو عاطلون عن العمل، لهذا فهي مضطرة كما تقول لأن تخدم في المنازل ولدى الأسر الغنية ولا يتجاوز دخلها الشهري من هذا العمل الثمانية آلاف ليرة سورية.. وعندما سألناها عن كيفية تدبر الأسرة لمعيشتها وحياتها بهذا الدخل أجابت بلا تردد أو حرج: أنا لا أذهب الى السوق في الفترة الصباحية فالأسعار في هذا الوقت تكون باهظة وكاوية، وأقصد السوق في فترة ما بعد الظهر حيث غالبية الباعة يقدمون لك بقايا الخضار والبقول الباقية لديهم بأسعار رخيصة جداً.. وتتابع أم وليد، أما بالنسبة للفواكه فآخذها في الشهر مرة واحدة واللحوم أستعيض عنها بسودة الدجاج والجوانح مرة أو مرتين في الشهر وغالبية الأطعمة التي أعدها خالية من اللحمة وعامرة بالرز أو البرغل.. ومع كل هذا التقنين فإني في غالب الأحيان أضطر الى الاستدانة لتوفير متطلبات العائلة.
أبو خالد من سكان حي التضامن يقول مجيباً على سؤالنا له عن كيفية تدبر أموره وهو عامل موسمي: "الله بيدبرها" لا خيار أمامنا إلا التكيف مع هذا الوضع فما باليد حيلة.. حياتنا صعبة، وأوضاعنا الاجتماعية غير مستقرة فالمشاحنات والمشاكل مع الزوجة والأولاد دائمة ومستمرة لناحية تأمين الطعام أو الكساء ولا أبالغ إذا قلت لك أن دخول الفروج أو اللحمة الى البيت أصبح يوماً احتفالياً وهذا ليس خيالاً أو انطباعاً من مسلسل مصري كنا نراه ونستغربه.. إنه واقع حالنا وحياتنا.
أبو خليل من سكان الحسينية موظف في إحدى الشركات ويعيل أسرة من أربعة أفراد يقول الحياة صعبة فكل شيء في حياتك اليومية يحتاج الى موازنة وتخطيط وبدون ذلك تغرق في الدين وتموت قهراً.. وعن زيادة الرواتب والقروض الميسرة أو قروض مكافحة البطالة يقول أن كل زيادة في الراتب تمتص بأضعاف من خلال رفع أسعار المواد والسلع والقروض معاملاتها معقدة وتحتاج الكفيل والواسطة وإذا تيسر الأمر فإن ظروف البلد وحالة الركود الاقتصادي فيه تجعل من أي مشروع تفكر به مغامرة غير مضمونة النتائج.. ويتابع العالم رب العالمين كيف نعيش وماذا نأكل وكيف.
وعلى ما يبدو في ضوء هذا الوضع المعيشي الصعب الذي تحياه غالبية الأسر السورية في مناطق الحزام الشعبي الذي يسور المدن الرئيسية كدمشق وحلب، برزت ظاهرة التآلف والتكيف مع الظروف واستنباط أساليب تعين على تجاوز هذه الظروف الصعبة فنرى انتشار ظاهرة الجمعيات الشهرية بين الأصدقاء والأقارب والجيران وهذا بمثابة بنوك خاصة بالفقراء بهدف تأمين المال اللازم لشراء ضرورات الحياة اليومية أو زواج أحد الأبناء أو القيام بمشروع صغير أو سداد لدين متراكم خاصة وأن الدين في هذه الأحياء سمة لا يمكن تجاوزها فغالبية محلات بيع المواد الغذائية ومحلات الملابس والتجهيزات المنزلية لديها دفاتر دين فالبيع ديناً وبالتقسيط هو الشكل الرائج والمتاح.
وفي الختام يمكن القول أن هذه الأحياء بحاجة الى معجزة لانتشالها من ظروف حياتها الصعبة والمتردية والحكومة مطالبة بوضع استراتيجية اقتصادية خاصة لانتشال هذه الأحياء مما هي فيه وفي هذا مصلحة للجميع.. مصلحة للمواطن البائس قليل الحيلة وللدولة أيضاً خاصة وأن هذه الأحياء تشكل ضغطاً على الموارد الحكومية في مجالي الطاقة والمياه والخدمات الصحية ناهيك عن الأمراض الاجتماعية الفتاكة كالجريمة والسرقة والمخدرات وغيره فالفقر مفسدة الضمير وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال لو كان الفقر رجلاً لقتلته.




التعليقات