الأعلان على التلفزيون بين الربح البحت والشكل الفني الجذاب

محمد موسى من امستردام: أظهر استفتاء أجرته أحدى البرامج التلفزيونية البلجيكية أن 76 بالمائة من المشتركيين فيه لا يمانعون من وجود الفقرات الأعلانية بين البرامج التلفزيونية ( اي الأعلانات التي لا تقطع المادة التلفزيونية بل تاتي مع نهاية برنامج ما وبداية برنامج آخر) ، 80 بالمائة من المشتركيين في الأستفتاء نفسه أعلنوا عن أنزعاجهم من قطع المواد التلفزيونية لعرض الفقرات الأعلانية.

نتيجية الأستفتاء البلجيكي وغيره لن تؤثر طبعا على حضور المواد الأعلانية التلفزيونية على المحطات التلفزيونية المختلفة وفي كل مكان في العالم، فالأعلان تحول الى جزء من تقاليد المشاهدة التلفزيونية ،فلا يمكن الآن تصور عدم حضور الأعلان كجزء من تركبية الخدمة التلفزيونية بالرغم مما يجلبه هذا الحضور من أنتقادات متفاوته أحيانا.

حضور المادة الأعلانية التلفزيونية المتزايد هو جزء طبيعي من التطور التاريخي للتلفزيون نفسه والذي بدا كخدمة أعلامية ترتبط بالهوية الثقافية للبلد ليتحول بعدها الى مؤسسات أعلامية تجارية .
الأعلان التلفزيوني بدأ في أمريكا مع نشوء المحطات التلفزيونية التجارية الكبرى في بدايات الخمسينات من القرن الماضي لينتقل بعدها الى أوربا وأماكن أخرى من العالم والتي بدات مع نهايات السبعينات في انشاء محطاتها التلفزيونية التجارية الخاصة.
أرتفاع كلفة الأنتاج التلفزيوني دفع حتى التلفزيونات الرسمية والتي تتلقى الدعم المالي من حكومات بلدانها الى البحث في الأعلانات عن مصادر أخرى للدخل ، مع كل الأموال التي تحققها الأعلانات للتلفزيونات التجارية والخاصة كان الصعب للمحطات الرسمية أهمال الفرصة لجني أرباح كبيرة خاصة ان هذه المحطات ظلت لزمن طويل عبئا على حكوماتها ودافعي الضرائب.

شكل الأعلان التلفزيوني على شاشة التلفزيونات الأوربية يختلف بشكل كبير بين المحطات التجارية والمحطات الرسمية ، مازالت هناك قيود على طول المادة الأعلانية في التلفزيونات الرسمية وهناك أيضا قواعد منع بثها داخل المادة التلفزيونية بل يجب ان تأتي في نهايات او بدايات البرامج.
التلفزيونات الرسمية الأوربية لم توقع أتفاقيات كالتي أبرمتها المحطات التجارية بتوقيت عرض المواد الأعلانية في الوقت نفسه وعلى كل المحطات التجارية وذلك من أجل أجبار المشاهد على مشاهدة الأعلان وعدم الهرب منه الى برنامج آخر!!
حضور الأعلان التلفزيوني وشكله على التلفزيونات العربية يختلف بشكل كبير عن حضوره على المحطات التلفزيونية الاوربية مثلا ، يتجه الأعلان التلفزيوني العربي في الغالب الى الترويج لبضائع استهلاكية بحته بأشكال بدائية أحيانا ، غياب التنوع في الأعلان و النزوع نحو التجارية يزيد من ثقل حضور المواد الأعلانية على الشاشة.
غياب التنوع لا تشكو منه المواد الأعلانية التلفزيونية الاوربية والتي تتجه لتكون نوعا من النشرة التجارية والفنية ، هناك أضافة الى الأعلان التجاري التقليدي والذي يروج للبضائع التقليدية الشائعة أعلانات لآخر الأفلام ، أسطوانات الموسيقى والأفلام ، عروض المسارح ، الصحف والمجلات ، الكتب وحفلات الموسيقى اضافة الى اشياء أخرى تجعل مشاهدة الأعلان ليس تضيعا للوقت دائما.
الشكل الجذاب والمتغير الذي اتخذته المواد الأعلانية في بعض المحطات التلفزيونية الاوربية ساهم في زيادة سوق الأعلان في المحطات نفسها بعد أن أكدت أحصائيات المشاهدة ان الكثيريين لا يتركون الغرفة عند عرض المواد الأعلانية وهذا هو الطموح الأكبر للشركات المعلنة ولأدارات التلفزيونات!

التحقيق منشور في ايلافد جتال يوم الاحد 25 شباط 2007