سامية عايش من دبي، الإمارات العربية المتحدة: بعد مرور أكثر من عامين على منع استخدام الأطفال في سباقات الهجن، أو ما يدعى بـ quot; الجوكيquot;، واستبدالهم برجل آلي، لا تزال الإثارة في سباقات الهجن كبيرة لم تتغير، فهو جزء لا يتجزأ من التراث الخليجي، خاصة، والعربي عامة.

ها هم المشجعون في سباق الوثبة للهجن في أبوظبي، لا يكتفون بالجلوس على مقاعد الجماهير للتشجيع، بل يقودون سياراتهم متتبعين حركة جمالهم المفضلة، بينما يجلس الرجل الآلي على ظهر الجمل، وكأنه البطل.

ففي عام 2005، قررت حكومة دولة الإمارات العربية منع السماح للأطفال، ممن هم دون الثامنة عشر، المشاركة في سباقات الهجن، وذلك استجابة للمطالبات العالمية، ومنظمات حقوق الإنسان، الداعية لضرورة وقف استغلال الأطفال، ومنحهم الفرصة الكاملة للتعلم والعمل في ظروف صحية جيدة.

وبالفعل، بدأت بعض دول الخليج، ومنها الإمارات وقطر، تتحول باتجاه الاعتماد على الرجل الآلي في سباقات الهجن.

وفي هذا السياق، يقول عبد الله مبارك المهيري، رئيس هيئة سباقات الهجن في الإمارات: quot;يبدو أن استعمال الرجل الآلي على ظهر الجمال في الإمارات ناجحا جدا.. فأصحاب الجمال بدأوا يتقبلون الفكرة أكثر وأكثر. كما أننا قمنا بترحيل جميع الأطفال الصغار الذين كانوا يركبون الجمال، كل إلى بلده، وذلك بعد تدخل اليونيسيف.quot;

ويضيف: quot; وللرجل الآلي العديد من الخصائص الجيدة، فهو عملي، ورخيص الثمن، كما أنه في متناول يد الجميع.quot;

هذا، وقد لعبت منظمة اليونيسيف دورا أساسيا في حل مأساة هؤلاء الأطفال الذين حرموا من طفولتهم.

فتقرير اليونيسيف أظهر أن معظم الأطفال الذين شاركوا في سباقات الهجن تم جلبهم، بطرق غالبيتها غير شرعية، من الباكستان والسودان. ويعود السبب لذلك التصرف غير الإنساني، لإنتشار الفقر بشكل كبير في تلك البلاد، مما يدفع الأهل إلى المتاجرة بأولادهم عن طريق إرسالهم للخارج، والعمل كجوكي.

ووفقا لنفس التقرير، فقد كانت حال هؤلاء الأولاد في مزارع الجمال سيئة للغاية. فقد كانوا يمنعون من الأكل بكثرة، وذلك للحفاظ على معدل معين لوزنهم، ولتسهيل حركة الجمال في السباق. علاوة على إمكانية سقوط هؤلاء الأطفال من على ظهر الجمل، مما يعرضهم لخطر الإصابة أو الموت.

إلى أن حلت التكنولوجيا، لتنقذ هؤلاء الأطفال، وبالتالي تقرر استبدالهم بالرجل الآلي.

وهذا الجهاز، الرجل الآلي، يعمل من خلال وضعه على ظهر الجمل، بشكل أوتوماتيكي عند بداية السباق. كما أنه تم إضافة عصا في مؤخرة الجهاز، ليقوم بضرب ظهر الجمل، كي يجري الجمل بشكل أسرع.

وقد تمكنت منظمة اليوبيسف حتى الآن من إعادة أكثر من 1000 طفل إلى أهله خلال عام واحد في دولة الإمارات.. ولكن لا تزال المهمة صعبة من أجل ضمان عدم استغلال الأطفال في هذه السباقات بشكل نهائي.

ومؤخرا، وبعد زيارة قام بها فريق من اليونيسيف إلى إحدى مزارع الجمال في أبوظبي، تأكد الفريق أن لا وجود لأي طفل دون سن الثامنة عشر في هذه المزرعة.

ويقول عمر شحدة، مدير الفريق في منظمة اليونيسيف: quot;لقد شهدنا تحسنا كبير على هذا الصعيد في دولة الإمارات. فمعظم الأطفال الذين تم إحضارهم من الخارج للعمل في المزارع أو في سباقات الهجن، تم إرسالهم إلى بلادهم.quot;

وأضاف يقول: quot;لقد تمكنا حتى الآن من تحقيق 97 في المائة من خطتنا الموضوعة قبل عامين.quot;

وتسعى المنظمة العالمية الآن إلى توفير فرص التعليم والتدريب لهؤلاء الأطفال العائدين إلى أهلهم.

وفي الوقت الذي بدأنا نشهد فيه نهاية سعيدة لحكاية quot;أطفال سباقات الهجنquot; في دولة الإمارات، نجد أنفسنا أمام قصص واقعية مأساوية أخرى لأطفال لا يزالون مرغمون للتمسمر على ظهر الجمال في دول خليجية أخرى مجاورة.