هل مازالت الأمثال الشعبية جزءا من واقعنا وتؤثر في مسلك الناس؟


روزانا اليامي من جدة: تختلف الأمثال الشعبية لفظا باختلاف مصادرها ولكن يبقى مضمونها واحدا يخرج من رحم المجتمع كإثبات على نتيجة أو واقع لمواقف وقعت على مجموعه من الناس فهو يحمل في باطنه روح الردع والتوعية.. إيلاف رصدت أراء عدد من الكتاب والمفكرين وشخصيات من عامة المجتمع فيما يتعلق بتأثير الأمثال الشعبية في مسلك الناس ومدى تطابقها على تصرفاتنا اليومية...


يقول الإعلامي مساعد الخميس: إذا كان الشعر لسان العرب فأن الأمثال هي سجل حياتهم الذي يوثق تصرفاتهم فلا يوجد مجتمع في أي مكان يستطيع أن يعيش في معزل عن موروثة الشعبي الذي يعتبر نتاج لثقافات متراكمة تتوارثها الأجيال بدون تعمد بمعنى انه لا يوجد مثلا مدرسه يحفظ فيها الأبناء أمثال الأولين بل هي ثقافة محكيه تضيف لقائلها نوعا من الحكمة والخبرة في الحياة فهي قائمه على الاستماع والحفظ ويتم الاستعانة بها في أوقات و مواقف معينه لتأكيد صحة ما ذكره راوي هذا المثل والمشكلة في هذه الثقافة تكمن في أنها مختفية ولا تظهر إلا في أوقات الحدث الذي يشابهها وليس على الدوام..
أما عن مدى صحتها وحقيقة تطابقها على تصرفاتنا وحياتنا فأعتقد أن الحكم المطلق على أمر ما بأنه صواب أو خاطئا يكون حكم غير صحيح لان الأمثال تعبر إلى حد كبير عن أمور صادقه حتى وإن كانت غير مباشرة.


ويضيف الصحفي عوض الصقور:بالرغم من الحكم العظيمة التي تحملها الأمثال الشعبية والتي تعكسخلاصة تجارب من سبقونا في الحياة على أرض الواقع إلا أنهاوللأسف الشديد أصبحت تندثر شيئا فشيئا و أصبح استخدامها لا يتعدىحدود الاستدلال بها في محاولات الإقناع عند الحديث بمعنى أن دخولمثل هذه الأمثال قد يساهم في إقناع أي طرف بوجهة نظر كان يرفضهاأو تساهم في تغيير قناعات بعض الأشخاص وبالنسبة للعمل بها فأعتقدانه أصبح شبه معدوم لأنها في الأساس منسية و لا تذكر إلا في مناسباتالأحاديث ولو أني أرى أنها مهمة للغاية ليس لشيء إنما تساعدنا مواجهةتقلبات ظروف الحياة مع الاستناد على تجارب سابقة.


ولاشك أن اختلاف وسائل العصر تجعل من المقارنة بين واقعنا الحالي والماضي أمرا مستحيلا إلا أنه يمكننا القياس على بعض الحالات التي نجد فيها أجواء متشابهة بحيث يمكن إيجاد حلقات وصل بين المواقف أو الظروف بدرجة نسبية معقولة.
ويجب الإشارة إلى نقطة هامة للغاية تتمثل في ارتفاع نسبة الجهل بمعاني الأمثال الشعبية القديمة مع تقدم الحقبة الزمنية حيث نلاحظ أن الرعيل السابق أفهم منا بالأمثال ونحن سنكون أفهم من الجيل الذي يعقبنا حتى وان كنا نرددها وهذا الأمر يجعل من البعض مثل quot;الببغاواتquot; خصوصا فيما يتعلق بالمصطلحات القديمة فتجدهم يذكرون الأمثال وهم في واقع الحال لا يفقهون لها تفسيرا وكثيرا ما يقودهم ذلك إلى استخدامها في غير أماكنها.

ومن جانبه يضيف الإعلامي حسن الطالعي قائلا :الأمثال الشعبية تسكن معظم تفاصيل حياتنا،،، وهذا ما نلاحظه من تعاطي جيل اليوم مع مشاكله وواقعه من خلال تلك الأمثال،،، سوا في صيغة التأييد أو الرفض أو حتى على مستوى التندر من الواقع الذي يعيشه،،،ففي التعاطي مع هذه الأمثال دلالات على الحالة النفسية التي يعيشها أفراد المجتمع،،،فالأمثال بشكل عام هي جزء من حياة الأمم والشعوب،،، والتعاطي مع أي مثل بشكل ملحوظ في أي مجتمع يعود إلى خصائص هذا المثل وما يمثله من واقع يعيشه الناس مما يجعله يصبح كما يقال ( لوقو ) أو شعار على كل لسان.

أما عن صحتها وتطابقها ففي تصوري بأنها ترافقنا طوال يومنا.. وتطابق إلى حد كبير جدول أيامنا،،، وإن اختلفت الحالة من شخص إلى آخر،، فروح الردع والتوعية هي مسار واحد يسير فيه الجميع،،، وتبدأ مع الساعات الأولى ليومنا،،، فالمتعاطين مع الأسهم هذه الأيام يتفقون على مثل : ( العين بصيرة واليد قصيرة )،،،فعيونهم قد تسمرت أمام شاشات الأسهم،،، وأيديهم لا تقوى على الحركة لعملية البيع أو الشراء. والدائنون والمدينون يرددون ( مد رجلك على قد لحافك )،،، وهذين المثلين هما مثال بسيط لجيل ذهب وتبقت لنا منه تجاربه وحكمه لأن التاريخ يعيد نفسه

وأضافت الصحفية رحاب عباس :الأمثال الشعبية دائما تعبر عن واقع المجتمعات العربية في القرون الماضية فنحن نفتقد مثل هذه الأمثال خصوصا في ضل الثورة المعلوماتية فقد لفت نظري برنامج تلفزيوني عرض في احد القنوات في شهر رمضان وكان مضمونه عبارة عن مسابقات عن الأمثال الشعبية وتفاجئت كثيرا بان معظم المتسابقين لم يستطيعوا حل هذه الأمثال التي تعتبر متداولة في حياتنا اليومية وأتذكر أنني قرأت ذات يوم عن باحث فولكلوري روسي قرر أن يخفي مجموعه من الأمثلة التي ألفها واختارها من بين حزمه من الامثله الشائعة له والتي كان يتداولها الناس بشكل مستمر قبل أن تدون وتجمع وتنشر وتعلن على الناس مكتوبة ومدونة فكانت النتيجة إهمال الناس لها على عكس تلك المجموعة الأخرى
فنحن للأسف لا نهتم بهذا التراث الذي يعد سجل حياة الأولين الذي نقل لنا واقع تجاربهم و وكشف لنا عن أسرارهم


آراء في الأمثال الشعبية:
اريج المقعدي معلمة تاريخ...سجلت الأمثال الشعبية كثيرا من الوقائع التي مازلنا نراها يوميا ونمر بها ومازلنا لا نتعلم منها ومع هذا فأن الوقت يمر والزمن يختلف ويضعف صدى هذه الأمثال في مسامع الناس
مع دخولهم في دوامه الحياة ومتطلباتها الصعبة

تركي بخيت موظف بإحدى البنوك...تحمل ذاكره الأمثال الشعبية أهم وأصعب المواقف الحقيقية التي عاصرها العرب والرحالة القدامى ونقلت إلى جيل بعيد جيل كتوثيقا لمضمونها الصحيح وإثباتا على استمرارية وجودها بيننا

غصون الغامدي طالبه بالكلية الصحية...هناك تغيرا جذريا في عادات وتقاليد المجتمع وذلك لوجود التوعية ولأننا بدأنا في خطواتنا الأولى لطريق الانفتاح وأنا شخصيا اعتقد أن إيمان الناس بهذه الأمثال ناتج عن أنهم لا ينظرون إلى مشاكلهم ومواقفهم إلا من خلال إطار هذه الأمثال الهزلي

د/تركي المنيع...تختلف الأمثال وتختلف ألفاظها نظرا لتغير الوقت والعصر ولكن تبقى مضمونها واحدا يسعى لتقيم أبعاد المواقف الانسانيه
ومع هذا بدا اختفائها بشكل ملحوظ


تاريخ الأمثال الشعبية

المثل فن قديم، يصاغ انطلاقاً من تجارب وخبرات عميقة، يحمل تراث أجيال متلاحقة، بتناقلها الناس شفاها أو كتابة، تعمل على توحيد الوجدان والطبائع والعادات، ولذلك يعدها البعض حكمة الشعوب، وينبوعها الذي لا ينضب، وقد تقوم في هذا المجال بدور فعال في دفع عجلة المجتمع إلى الأمام باتجاه التطور والبناء.لذلك ينظر إليها باعتبارها وثيقة تاريخية، واجتماعية نشأت مع نشوء ذيوع الكتابة وقد استغلتها بعض الأمم قديما (كالسومريين مثلا) إلى جعلها وسيلة تعلم، فنقشوها على ألواحهم، كونها تراثاً شفهيا لدى كل الشعوب القديمة مع اختلافها في الطابع والثقافة ومعايير عاداتهم الخاصة
كما أن الأمثال جاءت كامتداد لكتاب الله وسنة نبيه في بعض الأحوال نظرا لوجود توافقا بين التوجيهات الدينية والأمثال