نجلاء عبد ربه من غزة: لم يعد التسول مقتصر على بعض الفقراء الذين تجرؤوا بأن يطلبوا يد العون من الأغنياء بشكل علني، الأمر وصل لأرباب أسر بعضهم في حاجة إلى تلك الأموال وتلك المهنة ليدخل بعض الأموال لأطفاله، والبعض الآخر أصبح يتخذها مهنة تدر عليه أموالا كوظيفة ثابتة ودخل جيد له.
ويتوسل عشرات الشباب بجانب الأطفال والنساء من المارة في الشوارع الأساسية من غزة والمفترقات الحيوية، ويتخذ كل واحد منهم زاوية من الشارع له ويبدأ بالنظر إلى وجوه المارة ولباسهم، ويبدأ الحديث والطلب والدعاء ممن يلبس جيدا .
تشير الطالبة في جامعة الأزهر بغزة 'ميسون خالد' إلى أن كثرة المتسولين أصبح أمراً مزعج بالنسبة لها ولصديقاتها. وتقول لإيلاف 'بمجرد وصولنا لأطراف ميدان فلسطين العام وسط غزة، يبدأ هؤلاء بالتوسل لإعطائهم أموال، مما يسبب لنا الإحراج، فإذا أعطيت احدهم يأتي الآخر بعد لحظة ويطلب نفس الشيء، وهكذا'.
صديقتها هناء عبد الله '22 عاماً' تقول: نحن نعيش مستورين جداً فأبي يملك مصنعاً لصناعة غرف النوم والسفرة، لكن تلك الصناعة لم تعد تعمل منذ سنتين، فأصبح وضعه المادي ضعيف، وبالكاد أحصل على مواصلاتي ومصروف جامعتي ورسومها الباهظة.
ولم يكترث المتسولون من وضع أرباب الأسر الفلسطينيين الذين توقفت حياتهم بشكل كامل نتيجة الحصار الذي تفرضه إسرائيل عليهم. ويعتقد عدد من الشباب والنساء المتسولات اللاتي تحدثت معهم إيلاف أن وضعهم المادي أجبرهم للتسول والجلوس على المفترقات. ويقولون 'مهما بلغ الأمر عن الآخرين من الناحية المالية، فإنهم أفضل حالاً منا'.
وتجلس إحدى المتسولات على الرصيف بجانب مسجد وسط غزة تنتظر خروج المصلين وتطلب منهم المساعدة. تقول تلك المرأة 'لقد تعودت على هذا المكان، حتى المصلين هنا أصبحوا يعرفون مكان وجودي، وبعضهم يعطيني مالاً قبل أن أتوسل إلية.
ويشير علاء سكيك، صاحب محل ملابس في غزة، أن ما يقرب من عشرة متسولين يدخلون محله يومياً ليطلبوا منه المساعدة. ويضيف 'الأمر أصبح يدخل في قصة الإحراج والخجل، فأحياناً لم يدخل محلي أية زبائن، لكن المتسولين يدخلونه يومياً أنا وباقي المحلات المجاورة لي.
ورغم الحملة الشرطية التي تقوم بها الشرطة في غزة لملاحقة أو الحد من تلك الظاهرة، إلا أن أعداد هؤلاء الفئة تزداد يومياً، وذهب بهم البعض لطرق أبواب المنازل الجميلة وطلب الأموال بطريقة الدعاء لهم ولأولادهم صباح كل يوم.
تقول السيدة إنتصار عبد الهادي، أن الأمر أصبح ظاهرة سلبية وصلت لحد إزعاجنا في بيوتنا، حتى بلغ بي الأمر لطردهم بمجرد أن أراهم فقط. فأنا لن أسمح بأن يدخل احد أسوار منزلي، خوفاً أن يسرق مقتنيات من بيتي.
وتضيف عبد الهادي لإيلاف 'نسمع الكثير من حالات السرقة التي تتم من خلال متسولين أو غير ذلك، فأنا أقطع الشك باليقين قبل أن يسرقني احد'.
ويؤكد الدكتور في علم النفس مازن حمدونه أن تلك الظاهرة السلبية تفشت بشكل ملحوظ في السنة الأخيرة، فالحصار الإسرائيلي أعطى مبرراً لهؤلاء بأن يتسولوا دون خجل أو إحراج.
ويضيف الدكتور حمدونه، لا بد من متابعة هؤلاء الناس، فبعضهم قد يصل به الأمر للجنوح نحو السرقات إذا ما أُتيحت له الفرصة، والبعض الآخر ليس بحاجة إلى التسول أكثر من إتخاذه مهنة له في ظل عدم وجود بدائل.
التعليقات