تمارا بزبز من عمان:تستعد الأسر الأردنية لاستقبال الموسم الشتوي بجيوب فارغة جراء الارتفاعات المتواصلة في الأسعار، رغم انخفاض أسعار النفط عالميا، حيث باتت تغطية تكاليف الطاقة والتدفئة في فصل الشتاء من أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه هذه الأسر الباحثة عن الدفء.
وينتظر الأردنيون موسم الشتاء المقبل بترقب في ظل ثبات الدخول وارتفاع الأسعار، حيث تنوعت تجارب الأسر في مختلف مناطق المملكة في محاولة للتوفير بعد أن أصبحت فاتورة النفط الشغل الشاغل لأرباب الأسر، وبخاصة للطبقة العاملة.


وأجمعت اسر من مختلف أنحاء المملكة على نيتها استبدال وسائل التدفئة التي اعتادت على استخدامها خلال حقب ماضية، حيث اظهروا لـ لايلاف أن هناك توجها لاستخدام مدافئ الغاز والتدفئة عبر الكهرباء أو التوجه لاستخدام الحطب، فيما يقف الفقراء عاجزين عن تأمين الدفء بأي من الوسائل السابقة.
في البداية قالت أسيل عزام إن quot;إنفاقها على استخدام مادة السولار في فصل الشتاء يتجاوز الـ 100 دينار شهريا، في حين أبدت ليلى تخوفها من ارتفاع أسعار المحروقات على ميزانية أسرتها المكونة من 8 أفراد، مشيرة إلى أن دخل أسرتها لا يتعدى الـ 200 دينار.
وقالت في تهكم: quot;خلي المسؤولين يدّفوا إحنا إلنا اللهquot; مبينة أن عائلتها ستلجأ إلى استعمال الحطب كوقود بديل لمدفأة الكاز التي كانت مصدرا للتدفئة بالنسبة لهذه العائلة.


بدوره قال الستيني أبو محمود انه لا يستغني وعائلته المكونة من 6 أفراد عن مدفأة الكاز مهما ارتفعت أسعار المحروقات كونها أفضل وسيلة للتدفئة، مبينا أن عائلته استغنت عن مدفأتين في العام الماضي وبقيت تستعمل مدفأة كاز واحدة للبيت بأكمله نظرا لارتفاع أسعار المحروقات، مؤكدا بان هذا الحال سيتكرر هذا العام.


هذا هو حال عائلة أم راتب الدجاني التي قالت إن عائلتها ستستغني هذا العام عن مدفأتي غاز من أصل 3 مدافئ تمتلكها أسرتها لتدفئة البيت بالكامل، مشيرة إلى أن التكلفة ارتفعت كثيرا عن العام الماضي ما سيضطرهم إلى التوفير على حساب الدفء.
وأوضح أبو امجد أن عائلته ستستغني عن السولار والتدفئة المركزية هذا العام، حيث ستحل محلها الكهرباء التي أصبح استخدامها أوفر من الكاز.
وأكدت نور محمد بأنها تحتاج لتكاليف مادية كبيرة في فصل الشتاء للحصول على الدفء، كما يلزمها الكثير من التجهيزات لاستقبال هذا الفصل وتهيئة الجو المناسب والدافئ للمنزل وللعائلة.


وأفادت quot;نظراً لاتساع المنزل فنحن بحاجة إلى توفير الدفء في كل الغرف لذلك فنحن نستخدم مدافئ الغاز والكاز والكهرباء حسب ظروف الجو فتأتي علينا أيام في الشتاء نحتاج لاستعمال كافة أنواع الوقود بالإضافة إلى أننا نقوم بتعبئة خزانات السولار منذ بداية الشتاءquot;.
ويعتمد كمال محمد من سكان الزرقاء بشكل أساسي على مدفأة الكاز. ويقول quot;رغم التوجه نحو وسائل تدفئة أقل تكلفة، إلا أني لا أجد مجالاً لشراء وسائل تدفئة جديدة في ظل ارتفاع الأسعارquot;.


في حين بينت أسمى خوالدة وهي ربة بيت وأم لثلاثة أبناء، أنها كانت تقوم بتشغيل مدفأة الكاز في أيام الشتاء الباردة على مدار النهار، مشيرة إلى ان الفصل المقبل سيشهد تشغيل المدفأة خلال اجتماع أفراد العائلة في المنزل فقط بهدف توفير الكاز. هذا الحال ترتب له أم امجد، والتي تسكن في مخيم الحسين، حيث قالت أنها ستعتمد هذا الشتاء على مدفأة كاز واحدة وستعمل على تشغيلها في الفترة التي يتواجد فيها الأطفال في المنزل.
بدوره يقول أبو صهيب والذي بدت متاعب الحياة على وجهه ان ارتفاع الأسعار سيحرم أطفاله هذا الشتاء من الحصول على الدفء الذي كانوا ينعمون به خاصة بعد خروجه على التقاعد وأصبح راتبه لا يكفي.


واستطرد قائلا بأنه سيعتمد هذا الشتاء على الحطب في تدفئة منزله خاصة وان لدى والده أرضا في شمال المملكة مليئة بالأشجار.
إلا ان الكثير من المواطنين الذين قابلتهم quot;ايلافquot; أكدوا أنهم سيتجهون لاستعمال مدفأة الكهرباء كونها اقل كلفة فيما بين الكثيرون ان هذا ليس السبب الحقيقي وراء استعمالهم مدافئ الكهرباء بل لأن دفع فاتورة الكهرباء ينتظر حتى نهاية الشهر عند وصول الفاتورة وعندها يتدبرون أمرهم، على عكس الكاز والديزل الذي يتطلب الدفع الفوري والذي لا يتوفر عند العديد من الأسر.


على صعيد متصل قال أحمد عليان مدير أحد المحلات المتخصصة ببيع المدافئ ان المواطنين يعمدون العام الحالي إلى شراء مدافئ الكهرباء مقارنة بالأعوام الماضية جراء ارتفاع أسعار الكاز.


وذكر تاجر آخر، فضل عدم ذكر اسمه، ان الشريحة الأكبر من الناس تشتري مدافئ الكهرباء، لتوفير الراحة والنظافة في الاستخدام والبعض يقبل عليها لحسن مظهرها الخارجي، وآخرون من اجل التوفير المادي.
ولا يزيد رأي الخبراء كثيرا عما سعى إليه المواطنون من بدائل دافعها الحاجة، إذ يقدم الخبراء مجموعة أفكار يعترفون أنها حلول مؤقتة، مؤكدين أن quot;المشكلة تتعلق بالدرجة الأولى بارتفاع الأسعار المتواليquot;.
حيث ينصح الخبير الاقتصادي الدكتور منير حمارنة بترشيد استهلاك الطاقة مركزاً على استخدام الطاقة في نطاق حاجتها بشكل عام إضافة إلى استخدام أماكن محددة في المنزل بشرط التهوية الجيدة.
كما يوصي باستخدام الطاقة الشمسية كبديل عن التدفئة المركزية في ظل ارتفاع أسعار المحروقات وعدم استخدام أجهزة كهربائية لتسخين الماء.
واعتبر أن المشكلة تكمن في صعوبة إجراء تغيير نوعي بعد ان اعتاد المواطن على نمط معين من الحياة ولفترة طويلة.


ورأى حمارنة ضرورة أن يطبق التغيير في الأصل على البناء الذي يعتمد على العزل الحراري، مع وضع نظام رقابة يضمن جودة الأبنية في هذا المجال.
ويبين أن التوجه لاستخدام وسائل التدفئة بالكهرباء بات بديلاً مناسباً قياساً بمدى توفر وسائل الطاقة الأخرى كالغاز أو الكاز، ويبرر التوجه نحو التدفئة بالكهرباء بكونه مجديا نوعاً ما وأكثر أمناً قياساً بالحوادث إضافة إلى أن فواتير الكهرباء ترتبط بالدفع المؤجل.
ورغم الحلول البديلة السابق ذكرها إلا أن حمارنة يؤكد على أنها حلول آنية قائلاً quot;إذا استمر ارتفاع أسعار المحروقات ستصبح غابات الأردن ملجأ للكثيرين بحثاً عن الحطب كوسيلة تدفئة أقل تكلفةquot;.


بدوره بين أمين عام وزارة الزراعة الدكتور راضي الطراونة ان الوزارة لديها خطة سنوية لحماية الثروة الحرجية مشيرا لوجود أبراج مراقبة في المناطق الحرجية كما بين ان الوزارة تطلق باستمرار دوريات مراقبة لمراقبة الغابات والمناطق الحرجية كي لا تجري عمليات تحطيب جائر للأشجار وحفاظا على الثروة الحرجية في المملكة مشيرا إلى ان هذه الدوريات ازدادت خلال هذه الفترة لقرب فصل الشتاء.
وأوضح الدكتور الطراونة ان الوزارة بعثت بكتب رسمية لمؤسسات الدولة والحكام الإداريين لتتكاتف جهودهم للحد من هذه الظاهرة التي تزداد في فصل الشتاء مبينا ان هذا الأمر هو مسؤولية جميع المواطنين.


كما أوضح ان الوزارة ستبدأ بإعداد خطة طوارئ للحفاظ على هذه الثروة وبالتنسيق مع الجهات المسؤولة مشيرا إلى جهود الشرطة البيئية التي تتابع الاحراج مع دوريات الوزارة.