محمد الامين من قم:فيما اهتم الاعلام والقنوات الفضائية الايرانية بمراسم إحياء أربعينية ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي في مدينة كربلاء، أحيا آلاف المواطنين الايرانيين وأبناء الجاليات العراقية والأفغانية والباكستانية وجاليات عربية اخرى هذه الذكرى في مدينة قم، حيث انطلقت منذ الصباح الباكر مواكب العزاء من نقاط مختلفة من المدينة متجهة نحو مرقد السيدة معصومة بنت الامام موسى بن جعفر سابع أئمة الشيعة.

واللافت للانتباه في مواكب العزاء ترديد هتافات واشعار بلغات مختلفة كالفارسية والعربية والآذرية،وتنوعت سبل التعبير عن مشاعر الحزن لدى المعزين بأكثر من طابع، ففيما ارتأى عدد منها احياء هذه المناسبة بالضرب الخفيف على الصدور والرؤوس، شاركت هيئات أخرى باستعمال الزناجيل للضرب على الظهور، وخلافا لما هو شائع، يتم الضرب بالترافق مع ايقاع القصائد التي يرددها خطيب الموكب، وهي وسيلة تعبير رمزية، في هذا العام، اذ أكد عدد من مراجع الشيعة على حرمة ايذاء الجسد والمغالاة في التعبير.

جمال حسنعلي شاب ايراني كان يحمل زوجا من الزنجيل قال لايلاف quot;انها وسيلة للتعبير عن مشاعر الحزن موروثة من مراسم سابقة وقد تم تشذيبها من العنف والقسوة والأذى، انها ممارسة استعراضية للتذكير بمصائب ال بيت الرسول quot;.

نرجس عليخاني كانت تقدم للمشاركين quot;الزردة وهي خليط من الرز والزعفران والسكر وجوز الهند ومعطرة بماء الورد والهيل quot; : يسعدني أن أشارك في هذه المناسبة، الشعارات التي تمجد ثورة الحسين والتي يتم ترديدها تشد انتباهي فهي مكتوبة من قبل شعراء صادقين في مشاعرهم،المشاركين هم بدورهم في منتهى العفوية،في اربعينية استشهاد الحسين، ترى نفسك ازاء التعبير الشعبي العفوي،وطبيعي أن ترافقه ممارسات لاعلاقة لها بفكر وموقف الحسين عليه السلام.مراجع وعلماء الشيعة المتنورون ساهموا في توعية مسؤولي هذه المنظمات والمواكب، مع ذلك أعتقد أن ارتفاع مستوى الوعي والثقافة في المجتمع يساهم في تسليط الضوء على جوانب مهمة اخرى من هذا الحدث العظيمquot;.

من شارع عمار بن ياسر الى تقاطع سه راه بازار رافقت موكب المهاجرين الافغان المقيمين في مدينة قم، شاعر شاب كان يلقي قصيدة غزل اتسمت بشفافية وتعابير ركزت على الجانب الانساني، فيما كانت الهوسات والردات العراقية تتسم بالتعبير عن الوعيد والثار من أتباع قتلة الحسين quot;
قال علي وهو عراقي يقيم منذ عام 1991 في ايران quot; العراقيون تعرضوا لعمليات ارهابية بشعة في بلادهم حصدت ارواح الالاف منهم،وهذا ينعكس في قصائدهم، الافغان ايضا يعانون واقعا مأسويا ومن العمليات الارهابية التي ينفذها الارهابيون ضدهم، مع ذلك نلاحظ ان القصائد الأفغانية المعتمدة في هذه المناسبة هي الأكثر رقة وشفافية حتى بالمقارنة مع القصائد الفارسيةو الآذرية، أعتقد أن السبب يعود الى القصائد نفسها، ففيما نعرف عددا محددا من الشعراء العراقيين المتخصصين بكتابة قصائد عن قضية الامام الحسين، نلاحظ ان المعيار الاساس في اعتماد قصيدة للمناسبات الدينية هو مستوى القصيدة ذاتها، ومن المعروف ان الشعراء الافغان قد جعلوا هذا النوع الشعري منفتحا على مختلف المناسبات والمضامين الاجتماعية والدينية، مع ايجاد صلة بالمحور الاساس للغزل اي العشق في تجلياته السامية quot;.

ربما كانت ملاحظة علي في محلها، خصوصا وأنه درس الأدب الفارسي في مدينة قم، وما أكد ملاحظته مقطع من قصيدة جاء فيها :
في اي بستان سوف نلقاك يا أجمل وردة
لقد صادفنا المهد
ولكن اين ابنك الرضيع
بقلوب ملتاعة وعيون ملأى بالدموع نسبر أملين لقاءكquot;.
في الحديقة المجاورة لمرقد السيدة معصومة، كان عدد من الشبان يبيعون البالونات الهوائية الملونة للاطفال، قال أحدهم، ربما كانت اجواء المراسم ثقيلة بعض الشيء للاطفال، هذه البالونات الملونة تمنحهم فرصة للتسلي، ثمة من يواصلون مواكبة احياء هذه المناسبة، انهم اطلعوا على الظلم الذي لحق باطفال الحسين واصحابه، وهم يتهيأون لأعياد نوروز التي لن تتزامن هذا العام مع شهري محرم وصفر.