نينوى: فجع المدرس ريفان عبد الاحد (46سنة) في تشرين الاول أكتوبر 2006 بمنظر جثة الاب بولص اسكندر كاهن كنيسة مار افرام للسريان الارثدوكس مقطوعة الرأس في احد احياء الموصل الشرقية ، وفهم ،مثل كثير من المسيحيين في المدينة إن هذا quot;الحدث المفجع quot; رسالة له ولبقية المسيحيين في المدينة بأن وجودهم غير مرغوب به من قبل المتشددين الذي سيطروا على المدينة.
منذ هذه الحادثة quot;بدأ الخوف يتسلل الى نفوس المسيحيين في المدينةquot; كما يقول عبد الأحد ، فغادر البعض منهم الى مناطق أخرى في المحافظة ، أو الى قرى كردية ، وبعضهم ترك البلد كله ، بينما اكتفى آخرون بدفع الجزية.
ويقول ريفان أن موجة هجرة عوائل مسيحية بدأت بعد هذا الحادث و quot; كنت انا من ضمنهم.quot;
فقد هاجر عبد الأحد وعائلته الى قضاء تلكيفquot; متحملين بذلك اعباء اجور السكن وقطع الرزق ومفارقة الاحباء من اهل المنطقة الذين لازالوا يسأ لون عنا باتصالاتهم .quot;


وحتى الآن لاتوجد معلومات دفيفة عن عدد المسيحيين الذي هاجروا من المدينة ، لكن أستاذا جامعيا من الموصل يقول بأن quot; هناك اكثر من (3000) الاف عائلة مسيحية كانت تسكن داخل مركز مدينة الموصل قبل غزو العراق وتوزعوا في مناطق الميدان وخزرج والساعة (وسط الموصل) . وبعدها توزعوا في عدد من مناطق الساحل الايسر لمدينة الموصل مثل حي النور (شرقي الموصل ) واحياء السكر والبلديات والحدباء (شمالي الموصل) وباعداد كبيرة quot;ويستدرك الدكتور بسام حنا الأاستاذ في جامعة الموصل بأن الأمر تغير الى حد كبير quot;بعد الاحتلال ،وتحديدا عندما بدأ استهداف المسيحين، نزح اكثر من نصفهم الى مناطق شرق الموصل ، مثل قضاء الحمدانية ذات الاغلبية المسيحية ومنطقة كرمليس وناحية برطلة وقسم اقل منهم ايضا الى قضاء تلكيف وناحية القوش وبعشيقة وقرى اقليم كوردستان.quot;


لكن الأمر لم يقتصر على تغيير الأمكنة داخل المدينة أو البلد ، فقد هاجر القسم الأكبر quot; الى خارج العراق لبلدان مثل سوريا والاردن ، والبعض الاخر الى دول اوربية مثل السويد والمانيا وهولندا.quot;
الكاسب رائد يشوع ( 37عاما ) من بين الذين استبعدوا الهجرة ، فقد عاش كل حياته في الموصل بين جيران مسلمين وصفهم quot; طيبين ولا أزال أذكرهم بالخير quot; لكن والده اختطف quot;من قبل مجهولينquot; ورغم أنه دفع quot; الجزية والبالغة 20الف دولار quot; لكنه عثر بعد الدفع لى جثه الوالد في احد الاحياء شرقي الموصل . لهذا السبب غادر الموصل عام 2007 مع عدد كبير من اقربائه حفاظا على سلامتهم . ويصف يشوع يوم وداع جيرانه المسلمين quot;نساء ورجال وشباب الحي اذرفوا دموعا عند رحيلنا مستفسرين عمن اساء لنا، وقالوا انتم اخوتنا واعزاء علينا ونحن نعيش حالة واحدة .quot;
يسكن المهندس الزراعي حبيب متي (48 سنة) في حي السكر(شرقي الموصل) منذ اكثر من (32) عاما بعد قدومه من اطراف الموصل ويقول بانه quot;منذ سكنه الموصل وحتى الاجتياح الامريكي للعراق كان لا يفرق بين جيرانه من ناحية الدين والمذهب، فكان يشاركهم افراحهم واحزانهم وهم كذلك ايضا.quot; لكنه يستدرك quot;منذ أن بدأت الحرب الطائفية في العراق ،وتحديدا بعد أحداث سامراء بدا تهجير المسيحين من دورهم عنوة او خوفا على انفسهم مما قد يحدث.quot;


ترك متي داره في مدينة الموصل وسكن في قضاء الحمدانية ذات الاغلبية المسيحية كي يحافظ على عائلته المتكونة من اربعة افراد بعد ان تلقى تهديدا باتصال هاتفي يطالبه بدفع الجزية.


معظم رجال الدين المسلمين في الموصل عرفوا تاريخا من التعايش والألفة بين الأديان ولذلك يرون في مقتل رجال الدين المسيحيين نوعا من quot; الفتنة quot; ، فالشيخ حسان ادريس ، وهو خريج كلية الامام الاعظم يرى فيى مقتل المطران فرج رحو quot;فتنة عمياء لاتمت لاهل الموصل بصلة لا باخلاقهم ولا اطباعهم .quot; ويربط بين مقتله وبين استهدافquot; أهل العلم مثل رجل الدين والطبيب والاكاديمي والاستاذ الجامعي والرياضي وكل فئات المجتمع وكانما هناك حصاد لرموز ووجوه هذه المدينة.quot; وضرب مثالا على طبيعة التسامح بين الأديان في المدينة بقيام المطران فرج رحو قبل اختطافه بايام بالتبرع لمنكوبي حادثة الزنجلي بمبلغ ثمانية ملايين دينار لمساعدة عوائل المنكوبين quot;هذا دليل على ان هذه المدينة لن تهزها الاعاصير والفتن الهوجاء.quot;