عبوات ناسفة ضد القوات الحكومية تثير خوف سكان البصرة

صفاء الغانم من البصرة: أبطأ سائق التاكسي الذي إستاجرته من سرعته، حين رصد بمرآته الجانبية أن مركبتي شرطة تلوح من بعيد مخترقة الصف الطويل من السيارات في احد الشوارع الرئيسة في البصرة، وبدأ يسير ببطءإلى أن تجاوزتنا المركبتان، ومثل ذلك فعل بقية أصحاب المركبات وسائقي التاكسي.

لم يكن الامر معتادًا بالنسبة إلي كمراقب للظواهر الجديدة التي تطرأ على الشارع البصري نتيجة لمناخات السياسة والاقتصادوالامن المتقلبة جدًا في العراق بعد 5 اعوام من الغزو الاميركي.

فهذه المرة الأولى التي اجد لدى البصريين quot;خوفًاquot; من نوع خاص بدا يلازمهم إلى درجة أخذ الحذر الشديد، فالبصرة على الرغم من تأثر مناطق مختلفة في البلاد بالعنف بأشكاله، لم يتأثر مواطنوها، أو تتملكهم quot;فوبياquot;، ربما لأنهم لم يجربوا بعد قوة العبوات الناسفة والسيارات المفخخة.

يخشى البصريون الآن تحديدًا من العبوات الناسفة التي تزرع على جوانب الطرق الرئيسة والفرعية مستهدفة دوريات ومركبات الأجهزة الأمنية الحكومية في المدينة على حد سواء.

حيث تستهدف جماعات مسلحة quot;مجهولة الهويةquot; حسب تصريحات قيادة شرطة البصرة، الجهاز الامني دون الحفاظ على ارواح المواطنين الابرياء، الامر الذي تفاقم الى درجة لافتة للنظر خلال الـ 3 اشهر الاولى من العام الحالي، راح ضحيتها عدد غير قليل من عناصر الشرطة والجيش الى جانب آخرين من المدنيين.

البصرة على الرغم من عدم استتباب الوضع الامني فيها والصراع بين القوات الحكومية والمليشيات المتكاثرة فيها، إلا انها تعاني من زخم كبير في حركة مركبات جهاز الشرطة المختلفة، اضافة الى quot;تفننquot; عناصرها بإطلاق نغمات من صفارات الانذار والطوارئ المجهزة بها تلك المركبات الحديثة.

لكن ذلك حسب مراقبين وشهود عيان لم يغير من واقع الحال شيئًا في البصرة التي بدأت تشهد بروز ظواهر، كالتي تسلط عليها quot; ايلاف quot; الضوء اليوم.

يتجنب اهالي البصرة من اصحاب المركبات وسائقي التاكسي السير بمحاذاة ارتال او دوريات او مركبة وحيدة تابعة لقيادة شرطة البصرة او الجيش العراقي في شوارع المدينة، والسبب يرجع في ذلك الى خشيتهم من ان تستهدف عبوة ناسفة quot; تفجر عن بعد quot; لها، فتتسبب بسفك ارواح المارة.

هذا الخوف جاء نتيجة تكرر تلك الاعمال الارهابية الى درجة بثت الخوف في قلوب سكان المدينة البالغ عديدهم 2.5 مليون نسمة، بالرغم من ان العبوات الناسفة ليس بالامر الجديد فقد كانت جماعة مسلحة نافذة تستهدف بها الجيش البريطاني، لكنها كانت تصطادهم خلال ساعات الليل، مما كان يحجم من الخسائر بين المدنيين.

ويثير هذا الامر استغراب سكان المدينة التي استطلعت quot;ايلافquot; عددًا منهم، فهم يجمعون على انهم يشعرون بحيرة بالغة، فالعبوات الناسفة لا تستهدف quot; القوات المحتلة quot; بل تستهدف القوات العراقية الرسمية، مضيفين أن ما يثير استغرابهم اكثر، أن لا وجود بأي شكل من الاشكال لتنظيم القاعدة الذي يبيح قتل القوات العراقية.

يرستم قلق بالغ على quot;جواد شهيبquot; كان يقل عائلته زوجته و اطفاله الصغار حين وجد نفسه بمحاذاة عدد من مركبات الفورد المصفحة التابعة quot; للنمور السود quot; [ قوة مهمات خاصة تابعة لقيادة شرطة البصرة ]، حاول ان يخفف من سرعته الا ان قرب المسافة بينه وبين مركبة تسير خلفه مباشرة اضطره الى الركون الى جانب الطريق الذي بدا خاليًا امام مركبات النمور بعد ان تجنبتها المركبات المدنية الاخرى.

يقول جواد 41 عاما لإيلاف: quot; كنت قلقاً للغاية من وجودهم بالقرب مني في الشارع، كنت اتفحص جادة الطريق من الجهتين بحثا عن أي جسم غريب ربما يوحي انه عبوة ناسفة، لا احد يعرف متى ستتكرر حادثة الشارع التجاري التي حدثت قبل يومين؟!quot;.

بعد ظهر يوم الابعاء الماضي، تعرضت مركبة امنية تقل مدير مركز تدريب الشرطة الاساسي في البصرة لعبوة ناسفة في الشارع التجاري وسط المدينة، وهواكبر سوق لتجارة المواد الاحتياطية للسيارات اضافة الى كونه سوقًا حيويًا ومكتظًا طوال اليوم.
العبوة اسفرت عن نجاة العميد quot; مازن عبد الواحد quot; لكنها تسببت بجرح عنصر أمني وآخر مدني، وتضرر عدد من المركبات المارة.

قوة العبوات الناسفة اصبحت مخيفة، سيما بدخول عبوات مطورة تكنلوجياً الى سوق الحرب في العراق، فقد عثرت شرطة الادلة الجنائية في البصرة يوم 10 من مارس الجاري على عبوتين ناسفتين تعملان بالاشعة تحت الحمراء مزروعة على طريق تسلكه القوات البريطانية في نقل مؤنها وجنودها من دولة الكويت المجاورة جنوب مدينة البصرة.

لكن عبوة لم تنجح مفرزة بريطانية من تفكيكها فانفجرت على عدد من عناصرها، وتكتم الجيش البريطاني على حصيلة الانفجار الذي وقع في بلدة الزبير غرب البصرة مساء اول ايام ذكرى الحرب على العراق، الاربعاء الماضي.

مصدر مسؤول في قيادة شرطة البصرة قاللـ quot;إيلافquot; في اتصال هاتفي، ان الحرب مع الميليشيات والجماعات المسلحة بدات تأخذ منحى جديدًا وطرقًا غير متوقعة، لم نتوقع ان تستخدم الجماعات المسلحة في البصرة اساليب القاعدة نفسها، الامر يبدو مخيفًا للغايةquot;.

يضيف quot;الصراع بين الميليشيات والشرطة منذ 5 اعوام يأخذ طابعًا تقليديًا للغاية، وان تطور الامر فهو لن يخرج من نطاق حدوث مناوشات بالاسلحة الخفيفة بين الطرفين، وينتهي الامر بوساطة او بتراجع احد الطرفين، لكن ان يتحول الصراع الى حرب عبوات ناسفة وربما يتطور الى سيارات ملغمة، فهذا امر اكبر من خطرquot;.

وإكتفى نائب في حكومة البصرة المحلية بوصف الظاهرة لـ quot;إيلافquot; عبر الهاتف: quot;هناك الكثير ممن يسعى الى خلخلة الامن والاستقرار في البصرة لتنفيذ اجندات خارجية وتخريبية، لكننا نعمل من اجل الحيلولة دون ذلكquot;!!.