نهي أبو الكرامات من واشنطن: يتردد أن الخدمة العسكرية الأمريكية لا تجذب سوى الأشخاص الذين ينتمون للأقليات، وكذلك الرجال والنساء المنحدرين من بيئات متدنية اقتصاديا. كما يعتقد كثيرون أن الجنود ينضمون إلى الجيش لعدم توافر فرص عمل لهم، وليس لأنهم يرغبون في خدمة بلدهم. لكن الدراسات التي أجرتها مؤسسة التراث Heritage Foundation، والتي قامت من خلالها بفحص خلفيات المنضمين للجيش الأمريكي، رفضت هذه الفكرة.
أعد مركز مؤسسة التراث لتحليل البياناتThe Heritage Center For Data Analysis تقريرًا وافيًا بُني على دراسات مؤسسة التراث، استنادًا على منهج يدرس الخصائص الديموجرافية للضباط والجنود الذين انضموا للجيش حديثًا في عامي 2006 و2007. ويوضح التقرير أن هذه الخصائص ليست ذات أهمية كبيرة في الجيش الذي يقدر الشرف والقيادة والتضحية بالنفس والشجاعة وغيرها من القيم، إلا أن هذه الخصائص قد تساعد في معرفة مَنْ مِن الأمريكيين يتطوع لدخول الجيش ولماذا؟.
وقد مد مركز بيانات القوى الدفاعية البشرية The Defense Manpower Data Center مؤسسة التراث The Heritage Foundation بمعلومات عن الجنود والضباط الذين خدموا في الجيش الأمريكي في عامي 2006 و2007 تضمنت الخلفيات الجنسية والعرقية، والمناطق التي تقطنها أسرهم، ومستواهم التعليمي وكذلك المستوى الاجتماعي والمادي.
المستوى الاجتماعي للجنود
تنتمي القوات الأمريكية التي تم تجنيدها في عامي 2006 و2007 إلى طبقتين هما الطبقة المتوسطة والطبقة فوق المتوسطة. أما الجنود الذين ينتمون إلى الطبقة الفقيرة فيمثلون عددًا ضئيلاً من قوات الجيش. ولعدم احتفاظ وزارة الدفاع بالمعلومات الخاصة بمستوى المجند وأسرته المادي، فقد قام مركز مؤسسة التراث لتحليل البيانات The Heritage Center For Data Analysis بذكر أرقام تقريبية لدخل عائلة كل مجند عن طريق معرفة المكان الذي تعيش فيه هذه العائلة. فعلى سبيل المثال فإن عشرة ممن تم تجنيدهم في عام 2006 ينحدرون من المنطقة السكانية رقم 92191 سان دياجو. وعليه فقد تم تحديد الدخل الأسري لكل فرد من هؤلاء الجنود بنحو 57.380 دولار في السنة. أما متوسط الدخل السنوي لجميع القوات في عام 2006 فقد قدر بنحو 54,834 دولار، وبنحو 54,768 دولار للقوات التي تم تجنيدها عام 2007. وبذلك تفوق هذه المبالغ المتوسط القومي والذي يقدر بـ 50.428 دولار.
وتشير الإحصاءات إلى أنه على الرغم من أن الطبقة الفقيرة تمثل 20% من عدد السكان في الولايات المتحدة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18- 24 عامًا، إلا أنهم يمثلون 10.6% فقط من المجندين في عام 2006 و10.7% في عام 2007. أما الطبقتان العليتان فتمثلان 40% من عدد السكان، ولكنهما تمثلان 49.3% من إجمالي عدد القوات التي تم تجنيدها في العامين الماضيين.
وعن المستوي التعليمي للجنود وُجد أن معظم القوات المجندة حاصلة على الشهادة الثانوية، إلا أن هناك نسبة تقدر بـ 1.4% فقط من الذين تم تجنيدهم عام 2007 لم يتخرجوا من المدرسة الثانوية أو يحصلوا على شهادة معادلة لها، وذلك مقارنة بـ 20.8% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 عامًا. وعلى الرغم من أن كثيرًا من المجندين لم يحصلوا على شهادة جامعية نظرًا لالتحاقهم بالجيش قبل الالتحاق بالجامعة، فإنه بإمكانهم أن يحصلوا على المميزات التعليمية التي يقدمها الجيش والمتمثلة في إمكانية أن يلتحق المجند بالجامعة بعد انتهاء خدمته في القوات المسلحة.
طبيعة تكوين الجنود الأمريكيين
وتطرق التقرير إلي طبيعة تكوين جنود الجيش الأمريكي خلال عامي 2006 و2007، فوجد أن الجنود البيض يمثلون 65.3% من إجمالي عدد القوات الأمريكية في عام 2006 و65.5% عام 2007. ووفقًا لحسابات أجرتها Integrated Public Use Microdata Series فإن نحو 62% من الشباب الأمريكي ما بين 18 و24 عامًا صنفوا بيضًا في عام 2006. وكانت نسبة القوات إلى هؤلاء الشباب حوالي 1.05، مما يدل على أن تمثيل البيض في الجيش يساوي أو يعلو قليلاً تمثيلهم بالنسبة لعدد السكان الكلي.
وينطبق الأمر ذاته على الأمريكيين السود، حيث كانت النسبة بين المجندين السود وأقرانهم من المدنيين السود 1.03 في 2006 و1.08 في عام 2007. أما تمثيل الأسيويين والباسيفيك في الجيش فهو أصغر من العدد الذي يمثلونه بالنسبة إلى مجموع الشعب الأمريكي، حيث جاءت النسبة بين الجانبين 0.94 في 2006 و0.93 في 2007. ويعد الأمريكيون الهنود والألسكانيون Alaskan أكثر عددًا في الجيش الأمريكي، كما أن تمثيلهم في الجيش يفوق النسبة التي يمثلونها من مجموع عدد السكان، فيمثلون 2.96 في 2006 و2.68 في 2007. وهناك أيضا الهيسبانيك Hispanics إلا أن تمثيلهم في الجيش قليل. فنسبة تمثيلهم في الجيش إلى نسبتهم في التعداد السكاني كانت 0.64 في عام 2006 و0.65 في 2007.
توصلت الدراسة إلى أن الجنود الذين يقطنون الجنوب هم أكثر عددًا في الجيش الأمريكي وذلك في عامي 2006 و2007. فالجنوبيون، بحسب التقرير، يمثلون 40% من المجندين الجدد في هذين العامين. أما الشماليون الشرقيون فيمثلون عددًا قليلاً 12% فقط، بينما يمثل الجنود المنحدرون من الجزء الغربي والجزء الأوسط الغربي ما بين 21% و22%.
المستوي الاجتماعي للضباط
وعن المستوي الاجتماعي للضباط تقول الدراسة: إن جميعَ الضباط في الجيش الأمريكي حاصلون على مؤهل دراسي عالٍ وينتمون إلى أسر ثرية. والطريقة ذاتها التي تم بها التعرف على المستوى الاجتماعي للجنود تم تحديد المستوى الاجتماعي والمادي للضباط. وتشير الدراسة إلى أن متوسط الضابط المسجل فيReserve Officer Training Corps (ROTC) Army the في مارس 2007 ينحدر من حي يقدر متوسط دخل الأسرة فيه بـ 64.083 دولار، وهو ما يفوق المتوسط القومي. والتناقض يبدو أكثر وضوحًا مع متوسط الضباط الذي تخرجوا في الأكاديمية العسكرية West Point Military Academy، حيث تعيش أسرهم في أحياء متوسط الدخل فيها يبلغ 75.367 دولار. وينحدر 7.8% من خرجي ROTC في 2007 من أحياء فقيرة بينما ينحدر 40% منهم من أكثر الأحياء ثراءً.
يؤكد نظام الترقيات العسكري على أن جميع الضباط حاصلون على تعليم عالٍ. وبشكل عام، فإن 94,9% من مجموع الضباط حاصلون على الأقل على درجة البكالوريوس. وذلك على خلاف نسبة الأمريكيين المدنيين الحاصلين على هذه الدرجة العلمية، حيث إن 25% فقط من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22 و27 عامًا حاصلون على درجة البكالوريوس.
يشكل البيض غالبية ضباط الجيش الأمريكي، حيث يمثلون 73.37% من مجموع الضباط ككل في عام 2004 و71.89% في عام 2007.
ويمثل الأمريكيون السود 12.04% في عام 2007. ويمثل الهيسبانيك نحو 7.98%. يليهم الأمريكيون من أصل آسيوي فيمثلون 4.93% فقط من إجمالي عدد الضباط. وأخيرًا، الأمريكيون من أصل هندي والألسكانيون Alaskan حيث يمثلون 0.59%.
وعن التوزيع الجغرافي للضباط تظهر الدراسة أن 42.5% من ضباط ROTC المسجلين في عام 2006 ينحدرون من الجنوب. كما ينحدر 36.7% من ضباط خريجي أكاديمية west Point من الجنوب أيضا. أما الضباط الذين ينحدرون من الغرب والشمال الشرقي والوسط فهم قلة.
استخلاصات الدراسة
ومن هذا العرض للضباط والجنود الذين انضموا للجيش حديثًا في عامي 2006 و2007، تستخلص الدراسة مجموعة من الحقائق الآتية:
أن الخدمة العسكرية في الولايات المتحدة تجذب جنودًا وضباطًا لا ينتمون إلى بيئات متدنية. وقد أكدت الدراسة أن نوعية القوات المنضمة للجيش ازدادت تحسنًا منذ بداية الحرب على العراق.
عدد القوات الذين يـأتون من الضواحي الثرية أكثر عددًا من هؤلاء الذين ينحدرون من المناطق الفقيرة، حيث أفادت الدراسة أن 11% فقط من القوات التي التحقت بالجيش في عام 2007 جاءوا من أفقر المناطق السكنية، بينما جاء 25% منهم من أكثر المناطق ثراءً.
الجنود الأمريكيون أفضل تعليمًا من أقرانهم المدنيين. فنسبة مَنْ لم يحصلوا على الثانوية العامة تقدر بـ 1%، و95% من الضباط حصلوا على الأقل على درجة البكالوريوس.
وخلاف ما هو متعارف عليه فإن الأقليات لا تمثل عددًا كبيرًا من القوات الأمريكية.
التعليقات