وفاء لالا من اللاذقية: تعتبر الحيتان والدلافين من الكائنات البحرية التي تسهم في تحقيق التوازن البيئي البحري وتحتل قمة الهرم الغذائي في قائمة الاغذية البحرية المتنوعة ويشكل وجودها عنصر هاما في التنوع الحيوي للكائنات البحرية الفونا وفي المخزون الوراثي للأنواع الحية البحرية.
ويشير الدكتور أديب سعد رئيس مخبر علوم البحار والبيئة المائية في جامعة تشرين في محاضرة قدمها في جمعية العاديات إلى أهمية البحث السوري التركي اللبناني المشترك الذي تم تنفيذه على متن سفينة البحوث التركية يونس أس خلال شهر تموز الماضي الذي يعتبر دراسة أولية من اجل فهم تجمعات لحيتان وتركيبها النوعي وسلوكها وطبيعة عيشها في منطقة شرق البحر المتوسط تساهم في وضع الخطط المناسبة لحماية الثدييات البحرية من التأثيرات السلبية للنشاطات البشرية المختلفة التي تهدد وجودها بشكل خاص والتنوع الحيوي البحري بشكل عام.
وأظهرت نتائج البحث وجود نقص في المعرفة عن الحوتيات في المنطقة الشرقية للبحر المتوسط وخاصة فيما يتعلق بالتركيب النوعي للحيتان والدلافين والأماكن لتي تعيش فيها ومواسم تكاثرها وتمييز الأنواع الزائرة عن الأنواع المقيمة باستمرار وقد تمت الدراسة الميدانية عن طريق المراقبة بأجهزة الرصد بالصدى وبالمناظير والأجهزة البصرية والتصويرية وتم الحصول على مشاهدات لثمانية من كائنات حوت عنبر في موقع واحد و 53 من الدلفين المخطط في خمسة مواقع ورصد اثنين من دلفين غريسوس في موقع واحد.
ويبين سعد أن الحيتان والدلافين ذات الأسنان تتميز بنظام سونار مثير جدا بحيث يتمكن بعضها على سبيل المثال من تمييز الأشكال المتشابهة من على مساحات تكون فيها الرؤية معدومة كما تستطيع التخاطب مع الدلافين الأخرى وتحديد موقعها بالصدى في الوقت نفسه بل وحتى مع أهداف متعددة بعيدة وقريبة معا أو تحديد الزوايا الصحيحة من الحزمة الأساسية لتحديد الموقع بالصدى وحتى الآن لا يوجد أي نظام سونار صنعه الإنسان قادر على تحقيق إنجاز يقترب من هذه الإمكانات مجرد اقتراب ولمعالجة وتحليل هذا القدر من المعلومات فان لدى الكثير من الدلافين أدمغة كبيرة الحجم داخل جماجمها بصلية الشكل.
ويوضح سعد أن هناك ستة أنواع من حيتان البالين العديمة الأسنان في المنطقة والبالين هو اسم فك الحوت الذي تتميز به هذه الحيتان يتكون من مئات من الصفائح الفردية التي تشبه المشط وتمتد من حافة الفك العلوي كل صفيحة منها لها عدد كبير من الشعيرات القاسية التي تشكل مع بعضها بنية شبيهة بالغربال لتقوم بترشيح الماء من الأسماك الصغيرة والقشريات.إن أكبر هذه الحيتان هو الحوت الأزرق الذي يصل طوله إلى 30 مترا ويزن اكثر من 140 طنا أما اضخم حوت جرى تسجيل وزنه حتى الآن فكان أنثى حوت ازرق تزن 190 طنا ما يعادل 90 فيلا ما يجعل منها اضخم مخلوق عاش على كوكب الأرض حتى يومنا كما أن مولود هذه المخلوقات يبلغ طوله سبعة أمتار ووزنه 500 كيلو غرام ويحتاج إلى 190 ليترا من الحليب يوميا ما يجعل وزنه يزيد بمعدل 600 كيلو غرام أسبوعيا ويأكل الحوت الأزرق البالغ بحدود 4000 كيلو غرام من القشريات يوميا وتعيش هذه الحيوانات فرادى أو أزواجا وربما يعود ذلك لحاجتها إلى مساحات كبيرة لتحصل على غذاء كاف وقد كانت ضحية عمليات صيد لاترحم من جانب صيادي الحيتان.
ويذكر الدكتور سعد أن هناك انخفاضا بعدد هذه الكائنات في المياه البحرية السورية نتيجة التغيرات البيئية كالتلوث وقيام الصيادين بصيدها بشكل عشوائي مشيرا إلى ضرورة التوعية لهذا الأمر كون هذه الكائنات تشكل ثروة اقتصادية في حال استثمرت سياحياً وذلك من خلال إقامة محميات طبيعية وبالفعل فقد انضمت سورية مؤخراً إلى قائمة الدول التي وقعت على قانون حماية الحيتان والدلافين بهدف الحفاظ على بيئة مستدامة للأجيال القادمة.
التعليقات