فتحي الشيخ من القاهرة: أضاءت الإشارة بلونها الأحمر، و توقفت السيارات، و لثواني هدأ صوت آلات التنيه، و بضفيرة طويلة تلفها شريطة حمراء نزلت وفاء ذات الخمسة عشر عاما، بين السيارات، في يدها فوطة صفراء، عارضة علي قائدوا السيارات مسح الزجاج أثناء انتظارهم في الإشارة.. و بينما تتلقي رفض الكثير أو موافقة احدهم لتبدأ مسح سيارته، تكون عينيها معلقة علي كر تونة علي الرصيف موضوعة في ظل شجرة حتي تتغير الإشارة الي اللون الأخضر لتذهب الي هذه الكرتون تطمئن علي رضيعها الموضوع داخل الكر تونة حتي تتحول الإشارة للون الأحمر من جديد ليتكرر نفس المشهد مرة اخري، وفاء ليست مثل غيرها من أطفال الشوارع فهي تعرف والد ابنها فقد التقت به بعد شهور من هروبها الي الشارع بعد موت والدتها و زواج والدها من امراة اخري كانت تقسو عليها وقابلته مع مجموعة من أطفال الشوارع انضمت اليهم وكانت تتسول معهم في الشوارع او علي الكورنيش وكانت تنام معهم اخر كل يوم وكان منهم ابو الطفل الذي كان ينام معها في احدي الحدائق ولكنه اختفي حتي قبل ان تضع رضيعها.

مشكلة جديدة ظهرت في الشارع المصري خلال الفترة الماضية و تزيد حدتها مع مرور الوقت و هي مشكلة ابناء اطفال الشوارع، اغلب اطفال الشوارع يمارسون الجنس بلا رابط، و في كثير من الاوقات ورقة عرفية تكفي، لممارسته داخل حديقة ليلا او تحت كوبري او في اي بنية تحت الانشاء، و اذا كان البعض يعتبر اطفال الشوارع مشكلة فأن المشكلة الاكبر هي ابنائهم او ما يطلق عليه اساتذة الاجتماع الجيل الثاني من اطفال الشوارع، و الذي يكون امامهم اكثر من سيناريو لحياتهم كل منهم يحمل في جعبته العديد من المشاكل.
اول السيناريوهات هو التخلص من هؤلاء الاطفال quot;بيع الأطفال quot;، ليس في قاموسهم اللغوي و ليس هدفهم، و لكنهم يرون أنه مجرد طريقة للتخلص من طفل جاء إلي الدنيا نتيجة ساعات قضتها الأم مع أحدهم تحت أحد الكباري أو داخل أحد الحدائق ليلا، احسان تركت بيت ابيها بعد ان انفصل عن والدتها وكان يضربها باستمرار هربت الي الشارع لتتعرف علي اطفال مثلها لتعيش معهم منذ اربعة سنوات قائلة نحن مثل العايلة وبنخاف علي بعض و بنسرح سوا وبنام كلنا مع بعض، و بنخاف علي بعض أوي خصوصا إن في مننا عيال ما كملوش عشر سنين quot; و تشير الي ابنها الذي علي يديها وتقول البنات اللي معانا نصوحوني ابيعها عشان اعرف اشوف حالي وانه كمان لو قعد معايا مش هعرف اراعيه وممكن يموت.. وهكذا اصبح هناك سوق رائجة لابناء اطفال الشوارع في مصر بل و هناك سماسرة معروفون للاطفال يكون توجودهم في الغالب بالقرب من المساجد الكبيرة او كباعة سريحة في بعض الميادين.
كريم 19 عام زوج احسان تزوجها عن طريقة ورقة عرفية يقول هذا افضل حل اذا ذهبنا الي مكتب الصحة لن يوافقوا علي اصدار شهادة صحية له، و ايضا ممكن جدا الشرطة تأخذنا في اي وقت بدون سبب ساعاتها الواد ده هيموت ولو خدنها معانا القسم زنا وقلنا انه ابننا هيعملوا لينا قضية.

الدكتور عزة كريم أستاذ علم الاجتماع تؤكد ان هذه النتائج المتوقعة لظاهرة أطفال الشوارع خاصة ان الامهات في هذه الحالات يكون في الغالب مازالوا في سن الطفولة وليس عندهم خبرة كافية بالعناية بالأطفال وكذلك ظروفهم تجعلهم يهملوا فيهم بجانب ان الدولة لا تقدم لهم اي رعاية سواء صحية او مادية ولا يتم استخراج شهادات ميلاد لهم وقد حذرنا من قبل ان ظاهرة اطفال الشوارع في تزايد و ينتج عنها الكثير من الظواهر الكارثية كما حدث من عامان في في قضية اغتصاب اطفال الشوارع وهذه الظاهرة سوف تكون نتائجها الكارثية اكبر في المستقبل طالما هؤلاء الاطفال لايلقوا الرعاية الازمة.

هبة (19 عاما) واحدة أخري من أطفال الشوارع تقول ان البيع هو افضل الحلول لاي بنت اذا كانت هي نفسها بتعيش في الشارع بالعافية، لكن اذا قررت اي واحدة يعيش ابنها معاها لازم تبقي صاحية طول اليوم، انا مرة كنت في جامع السيدة وعيني قفلت غصب عني من التعب صحيت لم اجد ابني وانا الان حامل تاني و اذا كانت بنت سوف اقوم ببيعها حتي لا يحصل لها مثلي و اذا جاء ولد سوف اربيه عشان يحميني لما يكبر
السيناريو الاخر هو عندما يبقي الاطفال الصغار مع اهلهم الاطفال الذي يحتاجوا لرعاية في الاساس و وكيف سيقدر هؤلاء الاطفال علي توفير رعاية لهم، و كيف ينشاء الاطفال في الشارع و علي اي ثقافة ووهذا ما تلخصه الدكتور ضحي المغازي استاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس بقولها انه بلا شك سوف يكون هؤلاء الاطفال عندما يكبروا اعداء للمجتمع.


حل هذه المشكلة تحددها الدكتورة نادية رضوان استاذ علم الاجتماع بكلية الاداب جامعة قناة السويس في علاج ظاهرة اطفال الشوارع من الاساس ويتم ذلك علي خطوات اولها النزول اليهم في مكان تجمع هؤلاء الاطفال، وتقديم الخدمة الصحية و الغذائية والرعاية الاجتماعية، و أن تتم هذه الزيارات بصفة دورية بين مؤسسة الاغاثة و الاطفال حتي يكسب الاخصائي الاجتماعي ثقة هؤلاء الاطفال و يتم خلال ذلك دراسة حالة كل طفل علي حدة ويمكن تأهيل هؤلاء الاطفال في اماكن تجمعهم واستقطاب بعضهم في مراكز ايواء وتعليمهم مهن مختلفة او الحاقهم بمدارس مفتوحة وفقا لاهوائهم ومزاجهم الخاص لانه لا يمكن ان يثق هؤلاء في المجتمع مرة واحدة لانهم عاشوا في عزلة اجتماعية لعدة سنوات و لا يمكن إعادته فجأة وإجباره علي الاقامة في مركز ايواء مرة واحدة.

واضافت الدكتورة نادية كحل سريع لهؤلاء الاطفال من الممكن ان يكون هناك مركز ايوء لابناء اطفال الشوارع يتم ايداع الاطفال فيه مع السماح لاهلهم بزيارتهم و ان تقدم في هذه المراكز العناية الصحية والاجتماعية اللازمة لهؤلاء الاطفال.