الصابئة المندائيون أقلية تخشى الإنقراض في العراق

صباح الخفاجي من بغداد: تعتبر الديانة المندائية من أقدم الديانات التي ما زال معتنقوها أحياءً في العراق، وينظر المندائيون لبلاد الرافدين كموطنهم الأصلي حيث تقدس مياه نهري دجلة والفرات كما ورد في بعض نصوصهم الدينية. وقد عاش الصابئة المندائيون بين العراقيين خاصة في الجنوب. وعرف عنهم مسالمتهم واندماجهم بين العراقيين من بقية الديانات. لكن منذ بداية التسعينات وإقرار الحصار الدولي على العراق من قبل الامم المتحدة هاجر عدد كبير من أبناء الديانة المندائية خارج العراق. ثم أجبرت العمليات العسكرية منذ عام 2003 والحرب الطائفية التي اشتدت عامي 2005 و 2006 وطالت معظم العراقيين خاصة غير المسلمين الى هجرة أعداد اخرى منهم للخارج. لكن بعد تحسن الوضع الامني في العراق منذ منتصف العام الماضي عادت أعداد من المندائيين للعراق. غير أن عودة العمليات المسلحة مؤخراً للعراق وما تخللها من هجوم على محلات لصاغة الذهب في منطقة الكاظمية بكرخ بغداد الاسبوع الماضي راح ضحيتها خمسة من صاغة الذهب بينهم إثنان من المسلمين الشيعة وثلاثة من الصابئة المندائيين وهجوم آخر في الرصافة أثار الخوف في صفوف الاقليات وخاصة الصابئة فعاد بعضهم لخارج العراق وآثر بعضهم البقاء في الخارج بعد أن كان ينوي العودة للعراق.

إيلاف التقت بنزار ياسر الحيدر رئيس مجلس الأقليات القومية في بغداد وسالته عن واقع الصابئة المندائيين في العراق، حيث حمّلالمرجعيات الدينية مسؤولية التقتيل وهجرة المندائيين الصابئة من العراق لسكوتهم عن الظلم الذي يتعرض له الصابئة وعدم إصدار فتاوى تحرم قتل المندائيين.

ولام رئيس مجلس الأقليات القومية، وهو من الديانة المندائية، الأجهزة الأمنية الحكومية على عدم تحمل ومسؤوليتها وفتح الطريق للعصابات الإجرامية في إتمام جرائهم بدم بارد دون أن تتولى الأجهزة الأمنية المقصودة مسؤوليتها في حماية المغدورين أو ملاحقة المجرمين خصوصا وان عمليات الاغتيال جرت في مناطق شعبية وفي أسواق تنتشر فيها دوريات للشرطة والجيش.

وتحدث رئيس الأقليات القومية بأسى وحزن عن صمت المراجع الدينية في العراق بخصوص استهداف أبناء طائفته الذين لم يتبق منهم في العراق إلا حوالى 600 مندائي من أصل 60 ألف منهم هاجروا إلى بلدان عربية كمحطة اولى ينطلقون منها إلى دول أوربية التحاقا بذويهم في كندا وبريطانيا واستراليا والولايات المتحدة وألمانيا وغيرها.

إيلاف التقت نزار الحيدر قبيل ساعات قليلة من نزوحه ا إلى مدينة اربيل مع عائلته بحثا عن الأمان والسلامة..


-ماهو عدد المندائيين في العالم..؟

-يقارب عدد المندائيين الصابئة 600 الف نسمة..

-وعددهم في العراق..؟

-60 الف مندائي.. لكنهم بسب الهجرة لم يتبق منهم سوى 6 إلى 7 ألاف؟


-معلوماتنا تفيد ان هجرة المندائيين العراقيين قد ابتدأت منذ التسعينات ما هو تعليقكم؟


-هذا صحيح فقد ابتدأت الهجرة الكبيرة منذ بداية حرب الكويت تحديدا وبعد فرض الحصار الاقتصادي على العراق الذي أدى الى الانهيار الاقتصادي التام وانهيار العملة وتضيق سبل العيش أو انعدامها وهو ما دفع بالمئات من أبناء طائفتنا للهجرة الى دول سوريا الأردن ومنها إلى دول أوربا واستمرت بعد 2003 وزادت بعد اضطراب الوضع ألامني لكن الهجرة تضاعفت بعد 2003 وخصوصا في الفترة المحصورة بين 2005 الى يومنا هذا.؟

-هل تقصدون هجرة المندائيين من بغداد..؟


-من كل محافظات العراق فمثلا كانت لدينا 4 آلاف عائلة في العمارة لم تبق منها سوى 300 عائلة لان الميليشيات المسيطرة هناك مارست حربا شرسة ضدنا سواء بالتقتيل أو محاربة النساء والرجال والتدخل حتى في تفاصيل العمل-مارسوا حربا خفية ومعلنة وهذا أمر مخزي ومؤسف


-لكن الوضع الأمني تحسن قبل أشهر الم يساعدكم هذا على البقاء؟


-نعم لقد تخلى الكثير من المندائيين عن فكرة الهجرة بسبب تحسن الوضع الأمني بل وقد عاد الكثير منهم الى العراق وكان الأغلبية من أبناء الطائفة يفكرون بالعودة لكن بعد عودة الاغتيالات والتقتيل قرروا عدم العودة بل وأصر الغالبية على الالتحاق بذويهم في اوربا وهو أمر يحزننا كثيرا-اذ يؤلمنا تشرذم وتشتت طائفتنا في دول العالم.. العراق بلدنا الأصلي ونحن من سكانه الأصليين فلا يجوز أن نعامل بهذه الطريقة البشعة واللاانسانية..


-ولكن عودة العنف تستهدف جميع العراقيين ولستم وحدكم تعانون من ذلك..؟


- سيدتي نحن لا نقول بغير هذا لكننا نشعر أننا مستهدفون أكثر من غيرنا.. وإلا بماذا تفسرين عدم تدخل

الشرطة او وحدات الجيش عندما دخلت عصابة في التاسعة والنصف صباحا وقتلت ثلاثة من أبنائنا ونهبت أموالهم...مع احترامي لكل الأجهزة الأمنية لكن لماذا لم يطاردوا السيارات الثلاثة التي قامت بالاغتيال والتي مرت بالقرب من السيطرات العسكرية؟ ولماذا لم تتحرك الأجهزة الأمنية في مدينة الشعب لفتح تحقيق في اغتيال ثلاثة من أبناء طائفتنا قتلوا بعد يومين من حادث الطوبجي.. وقبل شهرين قتلت الميليشيات عائلة كاملة في الكوت..حوادث القتل والنهب والسلب التي تمارس ضد أبناء طائفتنا تجعلنا نشعر أننا مستهدفون أكثر من غيرنا.خذي مثلا انتخابات مجالس المحافظات لم يمحوا لنا بالترشيح ولو بمقعد واحد في محافظات الناصرية والكوت والبصرة والعمارة.أعطونا مقعدا واحدا ومنوا به علينا..

ويواصل الحيدر: هذا لا يجوز نحن نمتلك كوادر وشخصيات مثقفة وناجحة ولنا عمق وامتداد ووجود وحق في هذا العراق..لكنهم ضربونا في كل المحافظات البصرة،الكوت، العمارة،الناصرية ومن ثم بغداد


-مستهدفون من من ولماذا.؟

-الصابئة هم بيضة ألقبان في الميزان-ونحن نشعر إن تصفيتنا وإجبارنا على الهجرة هو مخطط لإبقاء العراق مقتصرا على ديانة واحدة هي الديانة الإسلامية.. نحن نعلم ان تعدادنا 7 ألاف نسمة لا يشكل شيئا في الخريطة السكانية العراقية لكنهم يريدون القضاء علينا وهذه أجندة خارجية قررتها دول الجوار لجعل العراق دولة على غرار أفغانستان أو إيران..وهذا تصرف لأحزاب متطرفة وإلا ما هو معنى الديمقراطية واين هي الديمقراطية بدون حماية واحقاق حقوق الأقليات.؟

-من تقصد بدول الجوار الدول السنية أم الشيعية..؟

-الاثنتان الشيعية والسنية لا تريد لنا البقاء في موطننا الأصلي يريدون محو حقيقة أننا سكان وادي الرافدين الأصليين ndash;نحن موجودون هنا عندما دخلت النصرانية ومن بعدها اليهودية ومن بعدها الديانة الإسلامية نحن سبقنا الديانات الثلاث بوجودنا في العراق لكنهم يريدون تغيير التاريخ والجغرافيا..

وقبل إنهاء المقابلة ناشد نزار الحيدر رئيس الأقليات القومية والمشرف على ترجمة كتاب( كنز ربه) المرجعيات الدينية العراقية السنية منها والشيعية على حد سواء بالقول: إننا نعيش منذ 1400 سنة في العراق معتمدين على سماحة الإسلام ورقيه في التعامل الإنساني..ونحن لم نأت من الشارع وسكنا بغداد..كنا موجودين عندما دخل الإسلام العراق وكنا هنا عندما دخل اليهود والمسيحيين..نحن أصحاب ديانة موحدة وتهجيرنا خارج العراق يؤذي طائفتنا كثيرا مضيفاً ان لرجال الدين دور أساسي في درء الفتنة وإيقاف نزيف الدم عليهم أن يتحركوا لحماية الأقليات وحمايتنا وحماية العراق اجمعه بمقدورهم إيقاف نزيف الدم لو أرادوا

الديانة المندائية وأركان العبادة الخمسة

يعتبر كتاب (كنز ربه) الكتاب المقدس عند المندائيين وقد تمكنوا من ترجمته الى العربية في عام 2001 وبذلك اتضحت اسرار هذه الديانة التي كانت غامضة حتى على المندائيين انفسهم قبل غيرهم اذ كان فهم نصوص (كنز ربه) ونصوصها مقتصرا على الكهان دون غيرهم ومازالت البحوث حول المعتقد المندائي متتابعة للكشف عن أسراره وعلاقته بالأديان الأخرى. وتدعو المندائية للإيمان بالله و وحدانيته و يسمى بالحي العظيم أو الحي الأزلي حيث جاء في كتاب المندائيين المقدس كنزا ربا أن الحي العظيم أنبعث من ذاته و بأمره و كلمته تكونت جميع المخلوقات و الملائكة التي تمجده و تسبحه في عالمها النوراني كذلك بأمره تم خلق آدم وحواء من الصلصال عارفين بتعاليم الدين المندائي و قد أمر الله آدم بتعليم هذا الدين لذريته لينشروه من بعده. ان الصابئة قوم موحدون، يؤمنون بالله واليوم الأخر.والمندائية هي أول ديانة توحيدية في التاريخ، حيث يعود اصلها إلى نبي الله آدم كما هو مذكور في كتبهم المقدسة، أما ياقوت الحموي فقال عنهم بأنهم ملة يصل عمقها إلى شيت بن آدم. ويرجع ابن الوردي تاريخهم إلى النبي شيت بن آدم والنبي إدريس (هرمس) (عليه السلام).. ويقول الفرحاني ان الصابئة أصحاب ديانة قديمة ولعلها أقدم ديانة موحدة عرفتها البشرية. ويؤمن المندائيون بعدد من الأنبياء وان الله قد أوحى لهؤلاء الأنبياء بتعاليم المندائية والأنبياء هم آدم، شيت بن آدم (شيتل)، سام بن نوح، يحيى بن زكريا (يهيا يوهنا).

ولكن اسمهم ارتبط النبي إبراهيم الخليل الذي عاش في مدينة اور السومرية ـ مدينة الهة القمر إنانا ـ منتصف الالف الثالث قبل الميلاد، وكان إبراهيم أول من نبذ الأصنام ودعا لرب واحد عظيم القدرة أطلق عليه السومريون اسم [ لوگـال ـ ديمير ـ آن ـ كي ـ آ ] ملك الهة ما هو فوق وما هو تحت [ رب السماوات والأرض]. آمن الصابئة المندائيون بتعاليم إبراهيم واحتفظوا بصحفه ومارسوا طقوس التعميد التي سنها لهم واستمروا عليها إلى يومنا هذا. وقد هاجر قسم منهم مع النبي إبراهيم إلى حران والقسم الآخر بقي في العراق، وقد عرفـوا فيما بعد بـ [ ناصورايي اد كوشطا ] اي حراس العهد الذين أسسوا بيوت النور والحكمة [أي ـ كاشونمال ] ـ بيت مندا او (بيت المعرفة) فيما بعد ـ على ضفاف الانهار في وادي الرافدين لعبادة مار اد ربوثا ( الله ـ رب العظمة)، واتخذوا من الشمال (اباثر) الذي دعاه السومريون (( نيبورو )) قبلة لهم لوجود عالم النور ( الجنة). المندائية او الصابئة المندائية هي من أقدم الديانات الموحدة. كانت منتشرة في بلاد الرافدين و فلسطين ما قبل المسيحية و لا يزال بعض من أتباعها موجودين في العراق و اقليم الأحواز في ايران إلى الآن و يطلق عليهم في اللهجة العراقية quot;الصبّةquot; كما يسمون بالمندائيين أو الصابئة المندائيين حيث اشتقت كلمة المندائيين من الجذر (مندا) و الذي يعني بلغتهم المندائية المعرفة أو العلم أما كلمة الصابئة فهي مشتقة من الجذر (صبا) و الذي يعني باللغة المندائية اصطبغ، تعمد، غط أو غطس في الماء و هي من أهم شعائرهم الدينية و بذلك يكون معنى الصابئة المندائيين أي المصطبغين أو المتعمدين العارفين لدين الحق أو العارفين بوجود الخالق الأوحد الأزلي.

بعض علماء اللغة اختلف في أصل كلمة الصابئة و أرجعها إلى الجذر العربي (صبأ) و الذي يعني خرج و غير حالته في حين يدعم البعض نظرية الأصل الآرامي المندائي نظرا للعثور على آثار مندائية قديمة.

أما أركان الديانة المندائية فهي التوحيد والتعميد والصيام والصلاة والصدقة.فالتعميد أساسي لكل مندائي و للإنسان حرية تكرار التعميد متى يشاء حيث يمارس في أيام الآحاد و المناسبات الدينية و عند الولادة و الزواج أو عند تكريس رجل دين جديد. وقد حافظ طقس التعميد على أصوله القديمة حيث يعتقد بأنه هو نفسه الذي ناله عيسى بن مريم ( المسيح) عند تعميده من قبل يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان). يتم التعميد بالماء الجاري وأكاليل من نبات( ألآس) تضع فوق رؤوس المعمدين.والتعميد هو ركن العبادة الأول للمندائيين ويمارس في الماء الجاري شرطا.ويجب تعميد الطفل المندائي بعد مرور 45 يومًا على ولادته وعلى العرسان التعمد ليتم الزواج كما تعمد المرأة بعد الولادة لاكتساب وإدامة الطهارة.. اما الصلاة فهي فرض واجب على كل فرد مؤمن يؤدى ثلاث مرات يوميا ( صباحا و ظهرا و عصرا) و غايته التقرب من الله. حيث ورد في كتابهم المقدس {و أمرناكم أن اسمعوا صوت الرب في قيامكم و قعودكم و ذهابكم و مجيئكم و في ضجعتكم و راحتكم و في جميع الأعمال التي تعملون } و يسبق الصلاة نوع من طقوس الاغتسال يدعى (الرشما) و هو مشابه للوضوء عند المسلمين حيث يتم غسل أعضاء الجسم الرئيسية في الماء الجاري و يرافق ذلك ترتيل بعض المقاطع الدينية الصغيرة. فمثلا عند غسل الفم يتم ترتيل ( ليمتلئ فمي بالصلوات و التسبيحات) أو عند غسل الأذنين (أذناي تصغيان لأقوال الحي) يتجه الصابئة المندائيون في صلاتهم و لدى ممارستهم لشعائرهم الدينية نحو جهة الشمال لاعتقادهم بأن عالم الأنوار (الجنة) يقع في ذلك المكان المقدس من الكون الذي تعرج إليه النفوس في النهاية لتنعم بالخلود إلى جوار ربها، ويستدل على اتجاه الشمال بواسطة النجم القطبي. والصيام نوعان الصيام الكبير (صوما ربا) و هو الامتناع عن كل الفواحش والمحرمات و كل ما يسيء إلى علاقة الإنسان بربه و يدوم طوال حياة الإنسان. حيث جاء في كتابهم { صوموا الصوم العظيم و لا تقطعوه إلى أن تغادر أجسادكم، صوما صوما كثيرا لا عن مآكل و مشرب هذه الدنيا.. صوموا صوم العقل و القلب و الضمير}. والصيام الصغير و هو الامتناع عن تناول لحوم الحيوانات و ذبحها خلال أيام محددة من السنة تصل إلى 36 يوما لاعتقادهم بأن أبواب الشر مفتوحة على مصراعيها فتقوى فيها الشياطين و قوى الشر لذلك يسمونها بالأيام المبطلة. اما الركن الخامس فهو الصدقة (زدقا) و يشترط فيها السر و عدم الإعلان عنها لأن في ذلك إفساد لثوابها و هي من أخلاق المؤمن و واجباته اتجاه أخيه الإنسان. حيث جاء في كتابهم {أعطوا الصدقات للفقراء و اشبعوا الجائعين و اسقوا الظمآن و اكسوا العراة لان من يعطي يستلم ومن يقرض يرجع له القرض} كما جاء أيضا { إن وهبتم صدقة أيها المؤمنون، فلا تجاهروا إن وهبتم بيمينكم فلا تخبروا شمالكم، و إن وهبتم بشمالكم فلا تخبروا يمينكم كل من وهبة صدقة وتحدث عنها كافر لا ثواب له}.


الأعياد المندائية

-البر ونايا - البنجة - عيد الخليقة العلوي ويقع في آذار وهي ذكرى الخلق وتكوين عوالم النور والأرواح الأثيرية الأولى وفيها تفتح بوابات النور وتنزل الملائكة والأرواح الطاهرة فيعم نورها الأرض لتصبح جزءا من عالم النور.
وتعتبر الخمسة (الأيام البيض) أسرار البداية المقدسة وفجر الحياة الأولى التي أوجدها الحي العظيم.
وعلى الصعيد الدنيوي فهو يمثل اكتمال النبتة التي تعطي ثمارها في الصيف.
-العيد الكبير ndash; عيد الخليقة المادي.. (دهواربا) وفيه نجدت الكواكب في السماء والشمس والقمر، وجمدت الأرض ويستمر ثلاثة ايام، وتسبقه (الكرصة) اي التجاء المندائيين الى الانزواء في بيوتهم وعدم الخروج منها لمدة (36) ساعة.. حيث يتقرر خلالها مصير الإنسان وانتصار قوى النور على قوى الظلام والشر - يخرجون بعدها فرحين بهذا الانتصار الكبير..
ويعتبر العيد الكبير بداية السنة المندائية ويقع في شهر تموز من العام.ويعقبه مباشرة (عيد شيشلام) يوم واحد وهو ذكرى حلول السلام والمحبة على الأرض.

- العيد الصغير هو عيد الازدهار وموعده في شهر تشرين الثاني من كل عام ويسميه الصابئة المندائيون هيبة الله الصغرى (دهوا هنينة) وهو ذكرى عودة الملاك جبريل وصعوده..وقد نزل الى الأرض بأمر الله تعالى، ثم عاد الى السماء مبشرا بازدهار الكروم وانتشار النور واندحار الظلام.وفي المفهوم الدنيوي فيتمثل بنزول القطرة الأولى من المطر وبتكوين النطفة في رحم الام.
4- عيد التعميد الذهبي: وهو هبة الله سبحانه وتعالى للملائكة حيث تعمدوا في عالم النور وأهديت لأدم وذريته من بعده.. حيث عمده الملاك جبريل الرسول وأيضا تعمد النبي يحيى(ع) وتوهب فيه الهدايا والعطايا للمحتاجين ويقع في نهاية تشرين الأول من كل عام وكل طفل مولود يجب ان يعمد في هذا اليوم.

تقديس نهري دجلة والفرات

تعتبر الديانة المندائية ديانة مائية لأن من شروطها السكن قرب انهار لماء جار. وارتبطت طقوس المندائيين الصابئة وخصوصا طقوس التعميد، بمياه الرافدين فاعتبروا نهريها ادگـلات وپـورانون (دجلة والفرات) انهارا مقدسة تطهر الأرواح والأجساد فاصطبغوا في مياهها كي تنال نفوسهم النقاء والطهارة والبهاء الذي يغمر آلما د نهورا (عالم النور) الذي اليه يعودون.وقد ورد مفهوم الاغتسال و التعميد في العديد من النصوص المسمارية.. ويستعمل الماء في كل شعائر المندائيين وعند الزواج والموت لانهم يقدسون الماء الحي الجاري دون سواه.

طقوس الزواج

لا يعتبر الزواج شرعيًا ومقبولاً من العوائل المندائية الا بعد إجراء الطقوس الدينية الخاصة به.. ويقوم رجل دين بدرجة (كنزفرا) او (ترميذا (بشعائر الزواج ويكون بالقرب من النهر حيث وجوب وجود الماء الجاري لعملية الزواج. يقوم رجل الدين بطقس التعميد للخطيبين في الماء الجاري ويجب ان يكون الخطيبان طاهرين نظيفين. ويلبس كل من الخطيبين ملابس بيض تسمى (الرستة) وتهيأ مسبقا من رجل الدين وبمواصفات خاصة وهي تشمل القميص وسراويل ومنطقة وعمامة وجزءاً اخر يسمى نصيقة وهي قطعة قماش توضع حول المنطقة والتاج او الاكليل الذي يضعه رجل الدين على رأسه تجلس العروس داخل(الكلة او الناموسية) اما العريس فيذهب مع والد العروس و رجال الدين الى بيت من القصب وفي بيت القصب هذا يأخذ ابو العروس عهدا من العريس بان يحافظ على زوجته ويرعاها.. ويحضر هذا العهد مجموعة من الشهود ويترنم رجل الدين من كتاب (كنز اربا) ترانيم خاصة بمراسيم العرس.

ثم يقدم لكل من العروسين شرابا مقدسا يسمى (همرا) دلالة الإخصاب.. ثم يؤدي العريس قسمًا أمام أبو العروس ورجال الدين. بانه يعطي لعروسته صداقها الكامل كما هو مقرر ثم يعطي ابو العريس خاتمين من الذهب احدهما ذو حجر احمر (ياقوت) والآخر ذو حجر ازرق او اخضر.. وهذا تأكيد لإعطاء الصداق إلى الزوجة..

ويذهب العريس الى كلة العروس بصحبة رجل الدين ويقرأ ترانيم مقدسة تمجد أسماء الخالق.ثم تحضر جرتان تكسر الأولى أمام باب العريس ثم تكسر الجرة الثانية أمام باب العروس (الكلة) ويجلس العريس ظهرا الى ظهر مع العروس ويواصل رجل الدين قراة ترانيمه وبعد إتمامها يقوم بطق رأسي العروسين ثلاث مرات دلالة على اتحاد الأفكار والحياة المشتركة..
ثم يرش رجل الدين الورد الجوري على العريسين تصاحبه الزغاريد والغناء. وتحوي مائدة طقس الزواج المندائية مائدة رمزية ثابتة تحتوي على الخبز والملح وبعض الثمار والتمر والزبيب والجوز واللوز وقناني من ماء النهر وتكون في أطباق تسمى (الطرايين) يعملها رجل الدين من الطين الحري وهي ترمز الى طيبات الأرض او الحياة..

شعائر الموت

شعائر الموت: يعتقد المندائيون بان الجسد وعاء النفس وانها نسمة من الله تعالى.
وانها لابد عائدة اليه.. لذا فهم يحرصون على تطهير الجسد وغسله قبل الموت وتطهير ملابسه الخاصة ووجوب حضور احد رجال الدين لتلاوة الصلوات عليه.ويوضع الميت على (شريحة) مكونة من البردى وتخت معمول من القصب (28) قصبة وهي تمثل الأيام الأولى لتشكيل الجنين في رحم الام.وفي مقدمة بيت الميت توضع (المندلثا) وهي مكونة من عيدان القصب وبثلاثة أجزاء تمثل ارتباط الروح مع الجسد مع النفس.وبعد الدفن يقوم رجل دين بتلاوة الفاتحة ويختم الغبر (بالسكين اولا) وهي قرص معدني منقوش عليه صورة اسد، وزنبور - الحية - والعقرب وتمثل عناصر الحياة الأربعة -
وهذه العملية هي بمثابة حماية الميت من الشرور وعوالم الظلام.وبعد الانتهاء يقوم رجل الدين بقراءة الفاتحة بصوت عال يردده الموجودون معه، ونص الفاتحة هي بسم الحي العظيم.. الرحمة والراحة. الهية وغفران الخطايا لـ(فلان) ويذكر الاسم الديني أي الملواشة).لكن المندائي الذي يموت فجأة فيجرى له طقس تطهيري في ايام معدودة لاحقا.

مهن المندائيين
اشتهر المندائيون الصابئة منذ القدم، بالنتاجات الأدبية والعلمية وبرز فيما بينهم الكثير من الأطباء والمهندسين والمعلمين والشعراء والأدباء.

كما امتازوا وعرفوا بإتقان مهنة الصياغة التي يعشقونها وكأنها سارية في عروقهم توارثوها أب عن جد، وبرعوا فيها. ولازالت أسواقهم ومحلاتهم في شارع النهر وخان الشابندر وفي الكاظمية و الطوبجي في بغداد وفي جميع المحافظات العراقية وفي الأهواز في إيران.كما وتنشر محلاتهم في أستراليا وأوروبا وأمريكا وكندا أيضا.. ولا زالت أعمال صياغة الذهب والفضة، والنقش على الفضة بمادة laquo;المينةraquo; هي من إبداعاتهم.

كانت أعمالهم محط إعجاب الرؤساء والملوك والقادة العسكريين والمدنيين إضافة إلى السياح والرحالة الأجانب الذين كانوا يبتهجون عند اقتناءهم مثلا علبة سجائر منقوشة عليها صورتهم بكل دقة وروعة ومطعمة بمادة المينة السوداء التي يدعوها((بالمحرك)) أو منقوش عليها أسد بابل أو الدلة العربية أو النخلة العراقية.