تعاني عدد من المحافظات في مصر من قلة أو انعدام الجسور فوق الأنهار وتزايد استخدام العبارات المفتقدة لشروط الأمان. ويشهد كل عام فقدان لعدد من العابرين أرواحهم غرقاً.


فتحي الشيخ من القاهرة: الجميع كان ينتظر على المرسى، صناديق المياة الغازية على كتف أحدهم، وجوال مليء بـquot;أكواز quot; ذرة خضراء ينقلها آخر استعداد لشّيها. سيارة صغيرة تحمل صناديق كرتونية مربوطة بعناية. وعربة كارو يجرها حمار مريض مثل صاحبه الجالس فوق حمولة العربة من برسيم. وعلى حافة المرسى يقف طالبان يتجادلات في مباراة الأمس وعيونهما معلقة على المعدية التى أقتربت من رصيف المرسى وآخر يمسك في يده حبلاً مربوطاً فيه بقرة في انتظار المعدية.

ببطء أقتربت العبارة، أو المعدية كما تسمى هنا بمصر، لتلقي من فيها على المرسى الصغير في quot;الوراق quot; الحي الشعبي في وسط القاهرة الذى يتم الوصول اليه عن طريق ثلاث قطع، أحدهما حديدية، والباقي خشب عرض كل منها 50 سم، وفى دقائق كانت قد استعدت المعدية لحمل المنتظرون وحاجاتهم، وعندما يطمئن القائمين عليها أنها تحمل الآن ما يزيد عن سعتها تبدأ فى التحرك، ساحبة خلفها مركب صغير محمل بأسطوانات الغاز، حاملة معها ما يزيد عن الـ 100 شخص، معلق فوق روؤسهم عشرة أطواق نجاة سوادء..منتقلة إلى الضفة الأخري فى شبرا الخيمة.


صورة تتكرر، ومعدية تتحول مع الموقع من وسيلة عبور إلى الضفة الاخرى، إلى وسيلة يستخدمها فلاحون وربات بيوت وتلاميذ مداس وموظفون وناس من كل الأعمار والفئات للعبور إلى الحياة الأخرى مع تكرار حوادثها وافتقادها أقل عوامل الامان. وطبقاً للاحصاء الحكومي فأن أكثر من 10 آلاف معدِّية يستخدمها الملايين من أبناء الريف في الوجهين القبلي والبحري في مصر، يعبرون بها النيل والرياحات والترع الكبرى إلى قراهم وحقولهم وإلى أعمالهم ووظائفهم في المدن والبنادر، بسبب عدم كفاية أعداد الجسور المقامة على النهر أو فوق الترع الكبرى.

وما من عام يمر إلا وتقع كارثة كبرى تضيع فيها حياة العشرات من هؤلاء البسطاء غرقاً لسبب واحد يتكرر في كل الجرائم، ترصده تحقيقات النيابة تحت بند الإهمال، لأن معظم المعديات القديمة متهالكة، تفتقد الصيانة، دابت أخشابها تحت وطأة الاستعمال.


وتحمل حقائب نواب الشعب في معظم مدن الصعيد طلبات بغير حصر إلى الحكومة لتمويل إنشاء جسور جديدة تتفادى كوارث غرق المعديات، التي لم تعد تصلح للاستخدام بسبب الزيادة الهائلة في أعداد سكان القرى الذين أصبحوا عبئاً متزايداً على المعدية القديمة. لكن ضيق ذات اليد يحول دون الاستجابة لمعظم هذه الطلبات، التي تظل لعدة سنوات مطلبا ملحا لسكان القرية أوالمنطقة، لأن المعدية هي جسر الوصول إلى الحقل والعمل والسوق والمدرسة والمدينة.

وبالرغم من أن غرق المعديات حادث متكرر في مناطق الدلتا والصعيد، كان آخرها غرق معدية أبو قرقاص التي راح ضحيتها 12 مواطناً، حيث تم إلقاء القبض على المشرف على تشغيل المعدية الذي لم يكن في الحقيقة أكثر من كبش فداء مظلوم، لأن المعدية متهالكة وقديمة وفق روايات كل الشهود، لكنه لم يجد من يساعده على الهرب من طائلة القانون على هذا النحو المؤسف. فإن أحداً من المسؤولين عن التفتيش النهري أو شرطة المسطحات المائية أو المحليات المشرفة على تسيير هذه المعديات لم يسع لاستخلاص العبرة من تكرار هذه الحوادث وإعادة النظر في أوضاع هذه المعديات المتهالكة. وفي المراسي التي يستخدمها الركاب وصولا إلى المعدية، ولو أن وزارة الإدارة المحلية بالتعاون مع هيئة قناة السويس استطاعت تخطيط مشروع قومي لتحديث معديات ومراسي القرى المصرية في إطار خطة يتم تنفيذها على امتداد 20 عاما، لكان ذلك خطوة صحيحة على الطريق، بدلا من انتظار وقوع الكوارث.

وكانا وزيرا النقل والتنمية المحلية المصريان قد رفعا تقارير عن موقف المعديات المنتشرة علي النيلrlm;،rlm; خاصة في الوجه القبليrlm;،rlm; تضمنت الحاجة الي تشديد الرقابة في مجالات التزام المعديات بالأمان والسلامةrlm;،rlm; والحصول علي التراخيص اللازمةrlm;،rlm; وضرورة مراقبة الالتزام بالحمولات،rlm; ووضع خطة لمتابعة التزام المعديات الموجودة والتي تصل اليrlm;89rlm; معدية حاليا بالشروط والتراخيص ومعايير السلامة والأمانrlm;،rlm; وعزم وزارة النقل التعجيل بإنشاءات الكباري المخطط لها علي النيلrlm;،rlm; وإنشاء عدد من المعديات حتي الانتهاء من الكباري أو في الأماكن التي لن تشهد انشاء جسورrlm;.

بساحل يصل الي 150 كيلومتر تطل محافظة المنيا على النيل ولاتملك من الجسور الا واحد لذا اصبحت المنيا تحديدا اكثر محافظات الصعيد تعرضاً لحوداث المعديات، أسباب الحوداث في المنيا تتعد فيرى البعض أن سببها الاهمال مثل اسماعيل ثروت عضو مجلس الشعب بمركز مطاي الذي يؤكد ان تكرار الحوادث سببه الاهمال الشديد في المواصفات الفنية للمعديات والمراسي معا نتيجة عدم عناية المسئولين بحياة الفرد كما ان الانقاذ النهري غير مؤهل وغالبية العاملين فيه من كبار السن. كذلك غير مدربين وليس لديهم القدرة في مثل تلك الحالات.
ويكمل ثروت قائلا quot;يوجد منظومة من الفساد والاهمال في المنيا، فنجد انه يتم تحصيل نصف مليون جنيه سنويا كرسوم من هذه المعديات دون اي اشراف عليها او علي حمولتهاquot;.

و يتفق معه اسامة زين الدشاوي وكيل لجنة النقل بالمجلس المحلي بالمحافظة مطلقا على المعديات quot; معديات إبليسquot; ويكمل : مايساعد علي استمرار هذه الاوضاع أن هذه المعديات يمتلكها اصحاب نفوذ وبالتالي يتم تسييرها حتي لو كانت مخالفة بل انه من الممكن ان تترك المعديات المملوكة للمحليات لا تعمل بسبب اعطال بسيطة من اجل ان تعمل المعديات الاخري، وبالطبع هذه المعديات لاتلتزم باي مواصفات، التي حمولتها من 20 الي 60 فرد تحمل 300 فرد وان الوضع سوف ينصلح فقط اذا حدث ضغط من فوق وبغير ذلك الاوضاع لن تنصلح.

وهو ما يؤكده محمد عبد الرحمن نائب مركز المراغة بسوهاج بمجلس الشعب المصري قائلا ان مركز المراغة بسوهاج لا يوجد به سوي لنش ومعديتان احدهم معطلة دائما وحالة المعديتان غير صالحة للاستعمال فهي تفتقد كل وسائل الامان بالرغم من انها تخدم جزيرة الشارونية التي فيها 14 نجع وفيها اكثر من 30 الف نسمة والذي يذهبوا الي الجانب الاخر لان ليس لديهم اي خدمات، صحيح انه لم يحدث منذ فترة حوداث ولكن نحن نتوقع حدوث كارثة في لحظة او اخري بسبب ان هذه المعدية يركب بها الناس مع العربات الكارو وعربات النقل، وهكذا يظل الكل يطلق صيحات التحذير من النعوش العائمة في نهر النيل ولكن تذهب هذه الصيحات مع الرياح بدون مجيب ويبقى التهديد من حالة المعديات في مصر.