ماجد شاكر من بغداد: تعددت أسبابظاهرة انتحار الفتيات والنساء واختلف كثيرون حول دوافعها لكن الجميع يتفق على إنها بدأت تزداد في الآونة الأخيرة لاسيما في العاصمة بغداد. وترصد إحصائيات غير رسمية، مصدرها الشارع العراقي أن حوالي عشرة نساء انتحرن في الشهرين الماضيين في بغداد وحدها.

وبينما يرجع البعض الأمر إلى دوافع داخلية نفسية بسبب طبيعة المرأة الانفعالية والعاطفية فان آخرين لا يجدون في ذلك سببا كافيا بل يرجعوه الى مجمل الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها العراق.

وتتنوع طرق انتحار المرأة في العراق، لكن اغلبها يكون بتناول الحبوب بكميات كبيرة، أو إلقاء النفس من بناية عالية أو الحرق.

وأقدمت طالبة جامعية على الانتحار بتناول كميات كبيرة من حبوب الباراستيمول لتنقل إلى المستشفى حيث لفظت أنفاسها الأخيرة.

و لا يمكن التكهن بحقيقة الدوافع سوى ان جيران الفتاة نقلوا لإيلاف ما مفاده إن السبب يعود إلى اكتشاف أمر حملها السري من شخص تحبه، وأنها انتحرت بعد أن هددها أخوها بالقتل.

كما انتحرت امرأة في مدينة المحمودية جنوب بغداد بسبب الضائقة الاقتصادية حيث قطعت شريان يدها، لكن آخرين فسروا الأمر بسبب تخلي زوجها عنها واقترانه بصديقتها.

لكن مدرس علم النفس حاتم كاظم يعزي ارتفاع نسبة الانتحار في أوساط النساء العراقيات إلى الأزمات السياسية والاقتصادية وانهيار النسق الاجتماعي العراقي بعد 2003، فاذا ما كتشفنا ان الطبقة الحاكمة البرجوازية المتنفذة قد صارت هي الطبقة المهددة والمحاصرة ومقابل ذلك صعود طبقة اجتماعية جديدة اغلب أفرادها من الفقراء والطبقة المتوسطة ممن قضوا شطرا من حياتهم خارج العراق، إضافة إلى تشكل طبقة برجوازية جديدة مصدر ثرواتها مشكوك فيه.

كل ذلك يفسر لنا التناقض النفسي اليوم في الذات العراقية وعدم قدرتها على الانسجام مع الاطمئنان والاستقرار اذا توفر لأنها تعودت على التغيرات الطارئة بسبب الحروب والانقلابات.

ويشير كاظم إلى أن وسائل الانتحار الشائعة في العراق حسب دراسة أعدها، تناول المواد السامة أو الحرق أو الشنق.

ويضيف أن الوازع الديني لم يقف عائقا أمام رغبة البعض في إنهاء حياته بطريقة مأساوية.

مبينا أنه لا يمكن الجزم بمقاربة أكثر دقة وموضوعية عن عدد المنتحرات والأسباب العلمية لذلك حيث لا تتوفر دراسة بهذا الأمر.

الجدير بالذكر أن منظمات تعنى بالدفاع عن حقوق المرأة في كردستان بالعراق طالبت بعقد مؤتمر يناقش مشاكل تواجه النساء في مجتمع إقليم كردستان العراق مثل الانتحار وجرائم الشرف والطلاق، وأكدت على ضرورة التصدي لظواهر غير حضارية في المجتمع، من خلال عقد مؤتمر متخصص.

وتشير الباحثة الاجتماعية هيفاء الجبوري التي تعنى بدراسات عن المرأة العراقية أن العنف تجاه الذات ناتج عن الإحباط الشديد من المحيط الاجتماعي للمرأة، والتفكير السلبي بأن المشاكل لا تحل.

لكن الشيخ حسين الطائي يفسر اللجوء إلى الانتحار إلى ضعف الوازع الديني حيث لا يشعر المرء أن الله قادر على تفريج الكرب.

ويشير الدكتور حاتم كاظم إلى سمات مرضية مشتركة للمنتحرين، مثل السوداوية والمبالغة والعجز عن اتخاذ القرار، وضعف التفكير التحليلي.

ويضيف أن حالات الانتحار تحتاج إلى اكتشاف مبكر للحالة ومعالجتها حتى لا تتحول إلى يأس قاتل لدى الفرد.

ويؤكد الدكتور كاظم إلى أن هناك معادلة بسيطة فيها عاملين، هما الأمل واليأس وإذا مالت كفة اليأس لسبب أو اخر حيث تتساوى فيها قيمة الحياة والموت فان ذلك يعني أن الانتحار واقع في اغلب الأحيان.

ويوضح كريم اللامي وهو محقق في الجرائم في بغداد أن ثمة حالات قتل يعتقد إنها حالات انتحار يعمد فيها المتورطون إلى حرق المرأة او اغراقها واخفاء الجريمة ومعالمها وتكون اكثر طرائق الانتحار شيوعا هي الحرق حيث تختفي معالم الجريمة وتصنف على إنها حالة انتحار، لكن التحقيقات تثبت عكس ذلك في بعض الأحيان.

تقول أم شيماء.. ابنتي (25 سنة) كانت متزوجة من ابن عمها ولديها طفلان وفي احد الايام نشب خلاف بينهما وفي ثورة غضب أخذت تسب زوجها فقال لها اذهبي إلى بيت اهلك، وأخذت تعتذر له وتقبل يده وقدميه أمام جميع أفراد أهله، لكن الزوج أصر على ذهابها الى بيت ابيها الذي كان قاسي الطباع فما كان منها الا الذهاب إلى غرفتها بحجة انها تريد حزم اغراضها لكنها احرقت نفسها وبعد ايام من الحادث توفيت...

ومنى عمرها 21 عام تقول اختها انها تخرجت للتو في كلية الهندسة ولم يتبق على زواجها من خطيبها الذي كان معها في الجامعة الا أسابيع قليلة.
وفي يوم من الايام نشب عراك بينها وبين اخيها الاكبر لأنه رفض طلبها في الخروج مع خطيبها وبعد تطور الخلاف قام أخوها بجلب إناء يحتوي على التيزاب والقاه عليها فاحترقت بالكامل. وبعد أيام من رقودها في المستشفى توفيت وفسر الأمر على انه انتحار.

يرجع الدكتور (عباس نور ) أخصائي علم النفس والطب النفسي في مستشفى الديوانية للأمراض النفسية ازدياد حالات الانتحار في الآونة الأخيرة وخاصة من النساء إلى حدوث حالة من الاكتئاب الشديد لدى المنتحر سببها الشعور باليأس والقنوط الشديد.

وبرأيه فأن المرأة على وجه الخصوص، تلجا الى انهاء حياتها لعدم وجود من يساعدها في أزمتها التي تعيشها والتغلب على آلامها ومعاناتها ويعيد لديها الرغبة في الحياة.

أما صبا فعمرها 18 سنة تقول اختها انها تزوجت من ابن خالتي وبسبب مشاكل مع اهل الزوج انتقلت للعيش وحدها حتى دخلت ذات يوم غرفتها وأحرقت نفسها وبعد ايام توفيت......

وهدى عمرها 33 سنة كانت تسكن هي وزوجها مع اخيها وزوجته وأطفالهم وفي احد الايام تشاجرت مع اخيها الذي كان يتعاطى الحبوب المخدرة فما كان منه إلا أن أطلق عليها النار من بندقيته لكن الشرطة سجلت الحادث على انه انتحار.

أن ما يثير قلق المختصين، هو تزايد إقدام النساء المتزوجات على الانتحار أيضا مقارنة بالرجال في مجتمع محافظ مثل العراق، ويواجه الباحثون صعوبة تدقيق المعلومات الخاصة بالانتحار، بسبب السرية الشديدة التي تحاط بها مثل هذه الحوادث.

على أن البعض لا يعدها ظاهرة بل هي حوادث فردية تحدث هنا وهناك، ويرجع البعض تزايد أعداد المنتحرات إلى عوامل تتعلق بالكبت وتجاهل رأي المرأة وعاطفتها، وتسلط الرجل عليها وتحكمه بمصيرها، إضافة إلى العوامل الاقتصادية.


و إخلاص (27 سنة) بعد طلاقها من زوجها ظلت في بيت ابيها ثلاث سنوات، ولأنها مطلقة كانوا يمنعونها من الخروج، وكانوا يوجهون لها التهم في طلاقها من زوجها فقامت بحرق نفسها في لحظة يأس.

دينيا يرى الشيخ كريم العيساوي هو إمام جامع أن الإسلام يحرم قتل النفس بقول الله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق). ويعتبر الإسلام حياة الإنسان أمانة لديه، ليس له الحق في إنهائها بل عليه المحافظة عليها حتى يستردها صاحبها وهو الله عز وجل..

أما سعاد ( 25 سنة) فأحبت ابن الجيران وعند افتضاح أمرها لجأت إلى أمها وأخبرتها إنها حامل من ابن الجيران فخيرتها امها وبكل قساوة وصرامة اما ان تخبر اخوتها لكي يقوموا بقتلها او ان تنتحر هي وتذهب بعارها دون ان يعرف اخوتها بالامر ولم تحاول الام مساعدتها بل قامت بجلب قنينة من النفط وعلبة كبريت وسلمتها الى البنت فاستسلمت البنت الى امرها واحرقت نفسها مما ادى الى وفاتها فورا حال نقلها الى المستشفى.

و إيمان ( 24 سنة) فتقول عمتها أم زوجها كانت ايمان متزوجة من ابني ولديها (5) اطفال ومستقرة في حياتها وكانت هي نعم الزوجة وفي احد الايام اخبرها زوجها انه يريد ان يتزوج من أمراة اخرى وانه سوف يصطحبها معه الى المحكمه لاخذ موافقتها امام القاضي وفي صباح اليوم التالي قامت بتوديع زوجها الى عمله وأطفالها الى مدارسهم وقامت بحرق نفسها لتموت على الفور.

واسيا عمرها 25 سنة تقول اختها: ان ابن خالي كان يريد الزواج من اسيا لكنها كانت لا تحبه وترفض الزواج منه حيث كان ابن خالها يسكن محافظه الديوانية وهي لاتريد الابتعاد عن امها المريضة لكن ابن خالها أصر على الزواج منها مما ادى ذلك على ان اسيا قامت بحرق نفسها مما أدى إلى وفاتها.