عبد الله الشيخ: تشتهر حماة بزراعة وإنتاج الملوخية على نطاق واسع وتعد من أهم أسواقها في سورية حيث تزرع على مساحات واسعة تحت الأشجار المثمرة وفي الحقول والأراضي الزراعية الواقعة في محيط مدينة حماة على ضفاف نهر العاصي ولاسيما في بساتين الضاهرية والجاجية وخطاب والشيحة وكازو وقمحانة وسريحين والتي تعتبر مناسبة جداً لزراعاتها بسبب توافر المياه في جميع مراحل نموها.

وأوضح المهندس محمد سعيد كنيفيد رئيس دائرة الإنتاج الزراعي في زراعة حماة أن المساحة المخططة لزراعة محصول الملوخية لهذا العام هي 162 هكتاراً تم تنفيذ 249 هكتاراً أي بزيادة قدرها 87 هكتاراً عن الخطة ومن المتوقع أن تنتج نحو 3240 طناً من أوراق الملوخية الخضراء مشيراً إلى أن الملوخية عشبة حولية تصنف ضمن الخضراوات الورقية وتنتمي إلى الفصيلة الزيزفونية و يبلغ طول النبات من 60 إلى90 سم والأوراق بسيطة غير مفصصة بيضاوية إلى رمحية الشكل منشارية الحافة وساق النبات طويل ورفيع وتنجح زراعتها في المناطق المعتدلة الدافئة التي تتراوح درجة حرارتها بين 17 و30 درجة مئوية.

وأضاف كنيفيد يمكن زراعتها في جميع أنواع التربة لكنها تجود في التربة الطينية الخصبة وهي نبات صيفي تتم زراعته في الأرض بالبذار مباشرة في شهر آذار ويبدأ حصادها ابتداء من شهر أيار ويجنى المحصول من 4 إلى 6 مرات في الموسم حيث يتم ربط ساق الملوخية في حزم كبيرة تمهيداً لتسويقها ولتجفيف أوراق الملوخية يتم اختيار النبتة الطازجة السليمة الخالية من الإصابات الحشرية0

وقال خالد حديد أحد بائعي الملوخية في حماة إنه يبيع الكثير من الملوخية خلال هذه الفترة من السنة لتجفيفها كمؤونة لفصل الشتاء ليس من قبل أهالي المحافظة فحسب بل من قبل الكثير من أهالي المحافظات الأخرى والمغتربين السوريين في دول الخليج العربي والسعودية وحتى في أوروبا الذين دأبوا على شراء الملوخية وبكثرة وتجفيفها خلال فترة إجازتهم الصيفية في حماة وشحنها معهم خلال سفرهم نظراً للسمعة الطيبة والمذاق اللذيذ للملوخية الحموية التي كان يطلق عليها قديماً الملوكية كناية عن أن الملوخية كانت طعام الملوك والعائلات المرموقة والمترفة.

وأضاف أن الملوخية تدخل المطبخ الحموي من أوسع أبوابه لطعمها الشهي وقيمتها الغذائية العالية ويتم تحضيرها إما مع لحم الدجاج أو مع لحم الغنم مشيرا الى ان طريقة التحضير والطبخ تختلف من بلد لاخر حيث يتم تحضيرها في مصر ودول الخليج كشوربة بعد طحنها إذ يتم تناولها مع أصناف أخرى من الأطعمة وفي سورية تنقسم طريقة طبخ الملوخية إلى نوعين الأول وهي ناعمة وتحضر كشوربة وهي تنتشر في حلب حصرياً والثاني تطبخ بأوراقها الخشنة وتنتشر في حماة ودمشق وفي كلتا الطرقيتين تطبخ مع لحم الجاج أو الغنم بعد تخليصه من العظم وتقطيعه حسب الرغبة مع إضافة السمن البلدي و أوراق الغار والبهارات لكي يصبح طبق الملوخية ذا رائحة زكية.

وأوضح الدكتور أنس الناعم الأستاذ في كلية الطب البشري في جامعة البعث إن نبات الملوخية يحتوى على العديد من العناصر الغذائية الهامة لصحة وسلامة الجسم وأهمها الحديد وهو مفيد لمرضى فقر الدم ولاسيما لدى النساء خلال فترة الحمل وخاصة في الشهور الأولى منه كما أن المادة اللزجة فيها تساعد على البناء السليم للغضاريف في الركبتين والمفاصل وخفض الكوليسترول السيئ في الكبد ومصل الدم والمساعدة على الهضم والوقاية من أمراض الجهاز الهضمي باعتبار أن الملوخية تحوي نسباً عالية من الألياف التي تفيد الجهاز الهضمي وتقلل من امتصاص الدهون.

وأضاف الناعم أن الملوخية تحتوي على فيتامين أ الذي يقوي جهاز المناعة وحاسة البصر ويحافظ على أغشية الكثير من الأعضاء ويحميها من الشيخوخة المبكرة والتآكل فضلاً عن دوره في تحسين أداء الموصلات العصبية بالجسم لاحتوائه على مادتي الكاروتين والبيتاكاروتين اللتين تساعدان أيضا على إفراز هرمون السيرتونين الذي يحسن من الصحة النفسية ويقاوم الاكتئاب والتوتر والاضطرابات العصبية التي تصيب الإنسان بسبب ضغوط الحياة وفي حالات التعرض لأزمات نفسية.

وأشار الناعم إلى أن الملوخية تحتوي أيضاً على فيتامين ب بالإضافة إلى وجود عنصر الفوسفور الذي يحافظ على خلايا الدماغ ويجدد الذاكرة وينشط القدرات الذهنية وكذلك عنصر الكالسيوم المهم في تكوين العظام وخاصة عند كبار السن والمغنزيوم المفيد في ضبط مقدار سكر الدم وإبعاد شبح العقم والغليكوزيدات والتي تحمي الجسم بما يعرف حالياً بتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم وتشكل الجلطات الدموية واضطراب نبضات القلب وفي بعض الأحيان التعرض لازمات قلبية ناهيك عن أن تناول الملوخية يفيد في مواجهة حالات تشكل الحصيات البولية والوقاية من النوبات المرضية للمجاري البولية.

وتشير الروايات التاريخية إلى أن المصريين القدماء هم أول من اكتشف نبتة الملوخية على ضفاف النيل منذ القدم و استخدموا أوراقها سواء جافة أو طازجة وصنعوا منها أشهى المأكولات قبل أن تنتشر زراعتها بعد ذلك إلى معظم الدول العربية ودول الشرق الأقصى كالهند والصين واليابان ويقال إن اسمها الأصلي كان الملوكية ومرد هذه التسمية إصدار الخليفة الحاكم بأمر الله أمرا منع فيه أكل تلك النبتة على عامة الناس وجعلها حكرا على الأمراء والملوك في مصر فسميت آنذاك بالملوكية وهناك رواية أخرى تقول إن أول معرفة العرب لها كان في زمن المعز لدين الله الفاطمي حيث أصيب بمغص حاد فى أمعائه فنصحه أطباؤه بتناول أوراق الملوخية وبعد أن أكلها شفى من المرض فقرر احتكارها لنفسه وللمقربين منه ومن شدة إعجابه بها أطلق عليها اسم الملوكية أي طعام الملوك والأمراء.