ألمانيا تدق ناقوس الخطر.. ماذا لو اندلعت الحرب غدًا؟ لم تعد التحذيرات مقتصرة على الخبراء العسكريين، بل وصلت إلى وزيرة الصحة البافارية التي دعت إلى إعداد المستشفيات لمواجهة ضربات محتملة وأزمات غير مسبوقة.

إيلاف من برلين: دعت وزيرة الصحة البافارية يوديت غيرلاخ إلى تهيئة النظام الصحي الألماني لمواجهة حرب محتملة، محذرة من أن أوروبا تواجه تهديدًا عسكريًا خطيرًا من روسيا، وأن انسحابًا أميركيًا محتملًا من التزاماتها الأمنية، في حال فوز دونالد ترامب بالانتخابات، قد يترك القارة مكشوفة عسكريًا.

وقالت غيرلاخ، في تصريحات لصحيفة "أوغسبورغ ألغماينه" الألمانية: "علينا الاستعداد لأسوأ السيناريوهات، لا يكفي تجهيز الجيش، بل يجب أن يكون نظامنا الصحي قادرًا على التعامل مع تداعيات أي هجوم محتمل"، مؤكدة أن هذا الملف لا يخص القطاع الصحي فقط، بل المجتمع المدني بأسره.

خطة طوارئ مدنية
طالبت الوزيرة بوضع "خطة عمليات مدنية شاملة" تشمل جميع الولايات الألمانية، مشيرة إلى أن النظام الصحي يجب أن يكون جاهزًا لجميع أنواع الأزمات، بما في ذلك هجمات حربية بكافة أشكالها. وأضافت: "الرعاية الصحية السليمة ليست أقل أهمية من القوة العسكرية عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن البلاد".

وأشارت إلى ضرورة رفع قدرة المستشفيات على استيعاب أعداد كبيرة من المصابين، مقارنة بالمعايير الحالية في أوقات السلم، مؤكدة أن الدولة بحاجة إلى إصدار لوائح واضحة لتحديد الأولويات الطبية في حالات نقص الإمدادات.

خطة لزمن الحرب
أشارت غيرلاخ إلى أن ألمانيا يجب أن تكون مستعدة لاتخاذ قرارات صعبة، من بينها تحديد ما يمكن الاستغناء عنه خلال الأزمات الحادة، موضحة أن ذلك يشمل ضبط آليات الإبلاغ، وإعادة تقييم المعايير الطبية، وتحديد الأولويات في توزيع الموارد البشرية.

وحذرت من أن عدم وجود خطة واضحة قد يؤدي إلى انهيار النظام الصحي في حال حدوث هجوم أو أزمة كبرى، مضيفة: "علينا ضمان توفر الأدوية والمستلزمات الطبية، وتأمين سلاسل الإمداد، حتى لا نجد أنفسنا في وضع كارثي".

خدمة مدنية إلزامية
لم تتوقف الوزيرة عند تجهيز المستشفيات والمستلزمات الطبية فقط، بل دعت إلى النظر في فرض خدمة مدنية إلزامية، إلى جانب النقاش الدائر حول إعادة الخدمة العسكرية الإلزامية، معتبرة أن هناك قطاعات حيوية مثل الصحة تعاني من نقص حاد في الكوادر، ويجب التفكير في طرق لسد هذه الفجوة خلال الأزمات الكبرى.

وأكدت أن هذه القرارات يجب أن تؤخذ على مستوى الحكومة الاتحادية والاتحاد الأوروبي ككل، وليس فقط على مستوى الولايات الألمانية، لأن أي صراع عسكري سيكون له تداعيات إقليمية واسعة.

الاستعداد للأسوأ
تصريحات غيرلاخ جاءت في وقت يشهد تصاعدًا في التوترات العسكرية في أوروبا، مع تزايد المخاوف من تحرك روسي عسكري في مناطق جديدة، بالإضافة إلى قلق متزايد من احتمال انسحاب واشنطن من التزاماتها الأمنية في القارة الأوروبية، مما يجعل مسألة تعزيز الدفاعات الداخلية - سواء عسكريًا أو صحيًا - أمرًا بالغ الأهمية.

المخاوف التي طرحتها وزيرة الصحة لا تبدو مجرد افتراضات، بل قد تكون مؤشرًا على توجه جديد داخل ألمانيا، حيث بدأ الحديث عن سيناريوهات لم يكن يتخيلها أحد قبل سنوات قليلة. فهل تستعد برلين حقًا لزمن الحرب؟