التدريب على النقد وتقبل النقد

يوسف القبلان
من أهم عوامل النجاح الاعتراف بالأخطاء، ووجود المشكلات، وتقبل النقد، ويجب أن نفرق بين ردود الأفعال تجاه النقد فالذي يبرر ويسقط الأسباب على غيره يختلف عن الذي يقدم معلومات للتوضيح قد تغير رأي صاحب النقد عندما يتضح له أن معلوماته لم تكن دقيقة أو كانت ناقصة.
وفي نفس السياق يحصل أحياناً أن المسؤول الذي يرد على كتابة ناقدة يسارع بالرد، وبرد الفعل والدفاع والتبرير، ثم يتضح له فيما بعد أن معلومات الكاتب أفضل وأدق من معلوماته فيضع نفسه في موقف حرج.

وهكذا فعندما نتأمل في علاقة الصحافة بقطاعات العمل المختلفة فإن المحور الأساسي فيها هو المعلومة الصحيحة.

المسؤول الذي لا تتوفر لديه المعلومة الصحيحة هو مسؤول بعيد عن عمله.

الكاتب الذي يكتب بدون بحث وتقصي هو كاتب كسول ويفتقد للمصداقية.

المسؤول الذي يتسرع بالرد على النقد وينفي ويدافع هو مسؤول لا يبحث عن الأفضل ولا يريد كشف الأخطاء ويظن أو ينقل إليه أن كل شيء على ما يرام والكاتب الذي ينحاز إلى نفسه ونرجسيته أكثر من الانحياز للحقائق هو كاتب لا يحترم القارئ ولا يخدم ثقة المطبوعة التي يعمل بها ولا يلتزم بالمسؤولية وأمانة القلم.

المسؤول يثق بمن يعمل معه فيكتشف أنهم يزودونه بمعلومات غير صحيحة والمطبوعة تثق بالكاتب فتكتشف أنه يخطف الأخبار والإشاعات ويحولها إلى حقائق ويصيغها بطريقة بطولية.

الشيء المؤكد أن الحقيقة هي التي تنتصر في نهاية المطاف والمعلومة الصحيحة قد تكون مختفية بعض الوقت ولكنها لا بد أن تظهر والفجوة التي تقود إلى الجفوة بين قطاعات العمل وبين أفراد المجتمع هي بسبب غياب المعلومة والأمثلة أكثر من أن تحصى، ومن أبرزها المشاريع الوطنية الكبرى التي يكون لها توقعات عالية ومساحات إعلامية، فهذه المشاريع عندما يتأخر إنجازها أو تتوقف تتوقع أو تتجه إلى مسار آخر، فإن المعلومة تكون مفقودة وفي هذه الحالة فقد يجتهد الكاتب ويكتب لكنه لن يتعرض للنقد لأن كتابته لن يرد عليها والجهاز المسؤول سيختار مبدأ الصمت، وهذا سيؤدي تلقائياً إلى صمت الكاتب لكنه لن يؤدي إلى صمت الأجهزة المعنية بالرقابة والمتابعة والمحاسبة؟ فهذه الأجهزة يتطلب عملها طلب تقارير وملفات ومعلومات ووثائق، وهي أجهزة لا تتسم بالنرجسية ولا تبحث عن مجد شخص وإنما هي تقوم بمسؤولياتها.

إننا بحاجة إلى التدريب على تقبل النقد، وأن نملك الشجاعة على التعرف على الأخطاء والقصور في الأداء بحثاً عن الأفضل.

فالإنسان مهما كانت قدراته ومواهبه يظل بحاجة لفكر وآراء الآخرين والذي يتعامل مع النقد والملاحظات بفوقية سوف يخسر في نهاية المطاف استثمار أفكار الآخرين واستثمار قدراتهم معتقداً أنه الوحيد الذي يمتلك مقومات الفهم لمجرد أنه يملك صلاحية اتخاذ القرار.

نقلا عن جريدة الرياض بتاريخ 14 أغسطس 2007