خطر.. ممنوع الاقتراب
فهد الروقي
وضع الله في كل مخلوقاته خاصية فريدة تمكنها من استشعار الخطر قبل وقوعه ولو بأوقات قريبة فالحمير والبغال مثلاً تستطيع تحديد مواعيد حدوث الزلازل والهزات الأرضية ويظهر على تصرفاتها قبل حوادث الكارثة ما يدل على ذلك.
حتى ان أصغر المخلوقات (الحشرات) لديها ما يسمى (قرون الاستشعار) وهي تؤدي بطريقة أو بأخرى ما يشبه أداء (الرادار) في الأجهزة الحديثة.
وفي الكائن الناطق العاقل (الإنسان) هناك ملكة الفكر القادرة على تحديد مواقع الخطر خصوصاً غير المحسوس وهي تختلف من شخص إلى آخر أعلاها عند الحكماء وأدناها لدى من يفتقدون حسن التصرف أو يتعمدون حجب نعمة العقل بممارسات تغيب العقل لهدف المتعة.
ومع ان هناك حالة (وسطى) بين هذه وتلك وتكمن فيمن يسير للخطر على قدميه بارادته وبكامل قواه العقلية - ان كانت هناك قوى - وهم وللأسف الشديد أكثر من غثاء السيل.
هذه المقدمة سقتها لصديق أسر إلي بنجواه وفيها انه لا يهجع الليل ولا يستلذ المطعم والمشرب ليس من علة مزمنة ولا من قصة عشق أرقت مضجعه ولا لأجل (وليف) غائب أتدرون لماذا؟
لأنه (متعلق) بفريق كرة قدم - وهو لو كان شاباً يافعاً - لعذرته لكنه قد قارب أشد العمر وقد نضج الفكر واتضحت الرؤى ويردف (صاحبي) قائلاً: انه قبل المباريات الحاسمة أو نزالات (الديربي) يكاد يخرج عن طوره وتتبدل تصرفاته بل انه وفي كثير من الأحيان يدخل في شجارات حتى مع المقربين له وأهل بيته بل ويزيد على ذلك انه لم يجد حلاً للتخلص من وحشية الطباع الا باعتزال الحياة العامة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً ويتوقف (حبيبنا) عن الحديث برهة ونظره (مشخص) في لهب السمر المتوقد لطرد قارس العاصمة غير المعتاد ثم يخرج زفرة لم تكن (ولهى) ويضيف: قبل ان تدق ساعة الصفر لبدء الملحمة أشعر ان قلبي يكاد يخرج من بين اقفاص الصدر التي تدخل معه في صراع وحرارة في قرارة معدتي وضيق في التنفس وسرعة في نبضات القلب وضغط بين الصعود والهبوط غير المتوازن لا يشبهه سوى مؤشر سوق الأسهم المحلية حتى أنني في بعض لحظات المباراة المثيرة أشعر ان الموت قد دنا مني بدرجة كبيرة فقلت له توقف يا هذا!!
وكنت حينها أرى نفسي طبيباً ولو كان معي سماعة أو مشرط لاستخدمتهما وكان تشخيصي لحالته أنه (متعلق) وهو من جلب لنفسه هذا الداء من خلال شدة المتابعة والاصرار على متابعة تفاصيل التفاصيل وتركه للأولويات لمصلحة (الهوامش) هو من قاده لهذه الحالة المتقدمة والعلاج هين عسير!!
عسير ان استمر على نفس النهج السابق وسهل حين يعطى كل شيء حجمه الطبيعي فكرة القدم وضعت في غالبها للمتعة خصوصاً فئة الجماهير وان تعاملت معها على هذا الأساس فستتحسن حالتك تدريجياً بعد ان تستخدم (بنادول) البعد عن المنغصات قدر الامكان.
في العارضة
1- بسطاء أولئك الذين يبحثون عن الميول وكأنها تهم عليك بنفيها وهي حق مشروع للجميع ولكن ليست في إطار العمل.
2- كل من ينتمي للوسط الرياضي له ميول ان أدخلها في صميم عمله تكون كارثة.
3- محاولة الرقي بالفكر الرياضي تصطدم بعقبة الباحثين عن إثارة الهوامش وكأنها (لب) المسيرة الرياضية.
4- حين استضاف للحديث عن الجوانب الشخصية في حياتي يكون الكشف عن الميول مستساغاً.
عن الرياض بتاريخ7 فبراير 2008
التعليقات