حلّ الوحدات والفيصلي ...

بقلم : حبيب زعبلاوي
[email protected]


عندما كتبت مقالي السابق والذي كان بعنوان quot;إلى من يهمه الأمرquot; انهالت علي الرسائل عبر بريدي الإلكتروني ، فهناك قراء هاجموني وبقسوة وهناك من أيّدني وبقوة وبقية القراء قدّموا مقترحات وأفكارا منها ما فاجأني ولكنها تستحق أن نقف عندها ونتمعن بها وبمحتواها ولو للحظات ..

القارئ العزيز أمجد الحوامدة كان غاضبا جدا لحال انديتنا وجمهورنا . هذا الغضب دفعه لأن يتمنى حلّ فريقي الوحدات والفيصلي .. وعندما سألته عن السبب قال بأن ذلك سيحافظ على الوحدة الوطنية .. اقتراح غريب جدا ولا أظن بانه منطقي ولكنني أعذر أخي أمجد فحال كرتنا من جمهور ولاعبين ومسؤولين وإعلاميين أصبح لا يطاق !

في مقالي السابق كنت قد كتبت عن نية اتحاد الكرة إجراء لقاء نصف نهائي كأس الأردن بين فريقي الوحدات والفيصلي دون حضور جمهور .. وهذا ما حدث فعلا . ولكن للأسف ما اكتشفته هو أن غياب الجمهور لن يغيب العنف والشغب في ملاعبنا وحتى خارجها ! كما وتأكدت أيضا بأن مصدر الشغب لي بالضرورة أن يكون الجمهور نفسه .. إن كان الجمهور هو من يشحن اللاعبين فمن شحنهم في لقاء يخلو تماما من الحضور الجماهيري ؟ في الحقيقة فإن جمهورنا أصبح في وضع لا يحسد عليه .. غُيبَ عن القمة فأصبحت القمة نقمة .. وأعترف وبحكم متابعتي لتسعين دقيقة كاملة بأن اللقاء كان من أجمل اللقاءات التي جمعت الفريقين quot;فنياquot; خصوصا من قبل فريق البلوز الفيصلي .. ولكن ما قيمة ذلك بدون حضور اللاعب رقم اثني عشر والذي أعتبره وبدون مبالغة اللاعب رقم واحد ..

تغييب الجمهور عن المدرجات كشف لي العديد من الحقائق التي سأتحدث عنها .. ولكن قبل ذلك أوجه السؤال لاتحاد الكرة .. هل بهذه الخطوة يكون الجمهور قد عُوقب لدرجة أننا في القمة المقبلة لن نشاهد أعمال شغب او نستمع لهتافات عنصرية تخدش الوحدة الوطنية ؟ أنا متأكد بأن ذلك لن يحدث بتاتا! لأن المسألة لا يعقل ولا يمكن حلها بهذه الطريقة ..
فوجئت كثيرا عندما شاهدت صور أحداث الشغب التي انتقلت من داخل المدرجات إلى مدننا الأردنية .. عبدون والزرقاء وغيرها .. كنت أتمنى ان يبقى الشغب داخل الملعب ولكن هذه هي نتيجة القرار غير الصائب لاتحاد الكرة ..
كنت أتمنى أن أشاهد رجال الأمن يحكمون السيطرة على محدثي الشغب في المدرجات التي كانت ستمتلئ لا محالة لو يتم اتخاذ القرار الجائر بحق جمهورنا ويعاقبون المندسين .. ولكن وللأسف أيضا يبدو أن جهازنا الأمني غير قادر على الحفاظ على الأمن في ملعب لا يتسع لاكثر من 15 ألف مشجع ! وهذا العدد يشكل ما نسبته 20% من الحضور الجماهيري لديربي الكرة الليبية في نفس اليوم بين الاتحاد والأهلي المتصدريْن اليوم والذي انتهى بهدفين لكل فريق ولم نشاهد أحداث شغب ! للأسف يا اتحاد الكرة .. شاءت الأقدار أن يكون الديربيان في ذات اليوم .. لنقارن ونقارن ونقارن .. وعذرا فالجمهور الليبي معروف عنه تعصبه وإدمانه الكرة اكثر بمراحل من جمهورنا ..

تجربة تأكدت بأنها فاشلة ولم نخرج من خلالها بأية فائدة فلا الجمهور تعلّم ولا اللاعبون اتسموا جميعهم بالروح الرياضية ولا حتى رجال الصحافة التزموا الحياد في المنصة الخاصة بالصحفيين ndash;واتحدث هنا عن البعض- .. فكيف يمكن لصحفي أن يحتفل بهدف لفريق محلي يدك شباك فريق محلي آخر وهو من يكتب أخبار الفريقين لصحيفة يفترض بأن تكون حيادية ؟ إذن المشكلة كبيرة يا اتحاد الكرة وأعتقد بأن العذر كان أقبح من الذنب .. هل بهذه الطريقة حافظنا على الوحدة الوطنية في المدرجات ؟ وماذا عن عبدون والزرقاء ؟ وبالتاكيد هناك أحداث مماثلة في مناطق أردنية أخرى ؟! المشكلة متجذرة يا اتحاد الكرة وهي أكبر من ذلك بكثير .. وسأقولها وللمرة الأولى و quot;أمري على اللهquot; .. عندما نرى أحدنا يشجع فريقا بعيدا عن أصوله ومنابتها ويشجعه فقط لأنه يستحق التشجيع سأقول نحن بخير! .. عندما أشاهد من هو عكس ذلك يشجع الوحدات لأنه يحب الفريق الفلاني لحبه لهذا الفريق وليس لهدف آخر مشبوه ! .. المشكلة يا اتحادنا بدأت من داخل البيوت ولم تبدأ في المدرجات .. كم كنت أتمنى ان أشاهد عائلة فيها من يشجع الوحدات وآخر يشجع الفيصلي وثالث يشجع الحسين إربد .. هنا في الأردن وبكل بساطة تستطيع معرفة ميول 99.99% من جمهورنا فقط إذا تعرفت على أسماء عائلات المشجعين ! وهذه حقيقة مؤلمة .. أعرف بل ومتأكد تماما بأن ما أكتبه سيضعني موضع اتهام بأنني أسيء للوحدة الوطنية خصوصا من أصحاب العقول الصغيرة الذين لا يعرفون معنى وقيمة الوحدة الوطنية الحقيقية ! تساؤل آخر خطر ببالي .. إذا قرر النادي الفيصلي مقاطعة قنوات ART الرياضية فلماذا شاهدنا لاعبين تجرى معهم لقاءات عبر شاشتها ؟ هل هي نشوة الفوز أم ماذا ؟ هل لو خسر الفيصلي كنا سنرى حسونة او عقل أو أبو كشك في لقاء مع مراسل Art ؟

الخلاصة .. أننا خرجنا من هذه التجربة وأعني تجربة quot;إقامة قمة أو نقمة الكرة الأردنية من دون جمهورquot; بعدة نقاط .. فهناك فائزون ما أقلهم وهناك خاسرون وما أكثرهم ..

الفائزون هم ..

bull;ART التي انفردت بنقل اللقاء .. فمصائب قوم عند قوم فوائد ..
bull;رأفت علي الذي قدم مثالا رائعا للوحدة الوطنية بمصافحته لاعبي الفيصلي واعتذاره لأكثر من لاعب كان قد أعاقه ..
bull;عدنان حمد المدرب العراقي الذي تحامل على جرحه وحقق فوزا غاليا
bull;أهل غزة المحاصرون الذين وعدوا بان سنالوا مكافآت الفوز التي كانت ستمنح للاعبي النادي الفيصلي حتى وغن كان الهدف فقط إثارة الوحدات .. إلا أن النتيجة في مصلحة أهلنا في غزة

أما الخاسرون فحدث ولا حرج ..

bull;اتحاد الكرة الذي أقام اللقاء من دون حضور جمهور ولم يخرج بفائدة!
bull;حسونة الشيخ الذي أساء لنفسه قبل أن يسيء لفريق الوحدات عندما قال بالحرف الواحد quot;في فرق ما ابتسوى شيء بدون جمهورها واللي صار مع الوحدات أكبر مثالquot; .. وما العيب في ذلك يا حسونة حتى وإن كان كلامك صحيح ؟؟ وإن كان كلامك صحيح فلماذذا يخسر الفيصلي على أرضه وينتصؤ خارجها ؟ هل نسيت هزيمة الوداد ؟
bull;الأمن العام الذي طالما رفعنا له القبعات في حفاظه على الأمن ولكنه أكد بأنه لم يكن بمقدوره الحفاظ عليه هذه المرة !
bull;التحكيم الأردني الذي غاب عن لقاء القمة .. وللأسف فإن اللقاء لم يخل من اخطاء تحكيمية مصيرية وحساسة ارتكبها طاقم التحكيم التونسي ..
bull;المدرب الأردني الذي لم يكن حاضرا في الديربي ولن يكون حتى في نهائي الكأس !
bull;وأخيرا الخاسر الأكبر .. جمهورنا الحبيب .. الذي وإن ضمّ قليلا من المندسين .. فما ذنب الفئة المثقفة والواعية التي تحب كرة القدم لأجل كرة القدم ..

عذرا يا اتحاد الكرة .. فالتجربة فشلت وبجدارة .. والخاسر الأكبر .. هو فاكهة كرة القدم .. الجمهور .. الذي سيعود ويعود ويعود ..