quot;سوبرquot; .. ضرورات المال .. أم أضرار النجاح؟!
عـلي ريـاح
إذا صدقت الأخبار ، وتوقفت أكثر المطبوعات الرياضية العربية أناقة وحضورا ، فان مسمارا آخر يُدق ـ عن عمد وربما تشفٍّ ـ في نعش الإعلام الرياضي العربي الذي صار يستمرئ الغث والسمين الذي تتوفر له عناصر البقاء والنماء ، فيما يكون الانزواء والذبول والتلاشي مصيرا محتما يترصد المطبوعات المحترمة التي تلقى الرواج والقبول لدى المتلقي العربي مهما اختلفت مشاربه واهتماماته!
quot;سوبرquot; الأسبوعية الإماراتية التي تعدّ بالفعل نموذجا للصحافة الرياضية الميدانية المميزة ، ستنهي رحلتها وستتوقف عن الصدور عند نهاية الشهر الحالي ، والمبرر الوحيد الذي سيق لتدبيج قرار قتلها هو أن ميزانية المؤسسة التي تصدرها لم تعد تحتمل النفقات الواسعة الناجمة عن إصدار المجلة بهذا الشكل المتفرد القشيب بما يصحبها من هدايا أسبوعية تكمل المضمون الرصين الذي تتناوله المجلة التي شقت طريقها إلى الأوساط العربية وحظيت بإقبال منقطع النظير ، وهو ما يجعل قرار وقفها استهانة كبرى بالمتلقي العربي في زمن انحسرت فيه المطبوعات المتاحة التي ترتقي بعقلية القارئ ولا تستولي على كل ما في جيبه!
ستتوقف quot;سوبرquot; التي افخر بأنني كنت من أوائل كتابها يوم كانت مجلة شهرية تصدر في دبي وكان رئيس تحريرها محمد بن ثعلوب ويشرف على تحريرها الكاتب والأديب العراقي جاسب عبد المجيد، ثم تركت الكتابة فيها بعد إلحاح شديد للتفرغ من قبل أسرة مجلة quot;الصقرquot; القطرية أشهر المجلات الرياضية العربية وأعرقها والتي أصابها هي الأخرى التوقف قبل سنتين من الآن ، بعد ان كانت شاخصا سامقا لا يُبارى في طول المشهد الإعلامي العربي وعرضه ، بفضل ربانه الكبير سعد الرميحي ومعه خيرة الكفاءات الإعلامية ومنها الأصدقاء الزملاء حسن المستكاوي وظافر الغربي ومبارك عمر سعيد ومحمد بنيس ومجدي زهران وفايز عبد الهادي ومحمد الجزولي وغيرهم ..
كنت أقول للزميل جاسب بعد العدد الأول : quot;هذا الإبهار الشديد الذي تتميز به quot;سوبرquot; ربما سيكون في يوم من الأيام سببا في وقفها .. المجلة تباع بسعر زهيد وكلفتاها عالية جدا ، وعدد صفحات الإعلان فيها محدودquot; .. ولم انتظر رد زميلنا الدمث الذي وقف وراء نجاح إصدارها الأول قبل ان تتحول إلى أبو ظبي وتشهد انطلاقة ساحرة تقف وراءها نخبة من ألمع الصحفيين العرب في مقدمتهم الزملاء أسامة الشيخ وعز الدين الكلاوي وأيمن بدرة وبلال المسلمي فضلا عما استقطبته من الكتاب المرموقين على امتداد الساحة العربية..
لا يعقل ان تكون quot;سوبرquot; ضحية لازمة اقتصادية بدا العالم في التعافي منها شيئا فشيئا ، ولا يصح أن يقال إن ميزانية إصدار المجلة تثقل كواهل مؤسسة كبرى مثل شركة أبو ظبي للإعلام وهي شركة لها امتداداتها وإصداراتها الراقية .. منها اليومي ومنها الأسبوعي .. فيها ما يعني بالسياسة .. وما يتربط بالأسرة .. ومنها ما يتعلق بالطفل ، فهل ستضيق ميزانية الشركة على quot;سوبرquot; الإعلام الرياضي العربي؟!
هل باتت quot;سوبرquot; عالة على الشركة التي تدير النشر فيها عقول أجنبية لا تعرف الحاجة الحقيقية للقارئ العربي ، ويقال إن الشركة تنفق سنويا مبلغ مليار ونصف المليار درهم على إصداراتها المختلفة وبينها جريدة quot;ناشيونالquot; اليومية التي تصدر بالانكليزية وتكلف الشركة ستين مليون درهم شهريا ، بينما لا تكلف quot;سوبرquot; سوى عـُشر هذا المبلغسنوياً بكل ما حققته من سمعة وحضور؟!
ثمة فرصة للتراجع عن قرار إلقاء quot;سوبرquot; في غياهب الضياع بعد كل ما حققته وأنجزته في عمرها القصير نسبيا والحافل بنجاحات لن تجرؤ مطبوعة أخرى حتى على مجرد التفكير فيها .. هل هي الضرورات المالية ؟ أم أن حجم المطبوعة هذه قد نما ، واتسع ، ولم يعد في وسع أحد كبح هذا النجاح وأصحابه إلا باجتثاثه واجتثاثهم من الجذور؟!
المصيبة أن نفكر في الاحتمال الثاني .. فهل يقلق نجاح جارف بهذا الحجم أصحابه وهم أدعى أن يحتفلوا به؟!
لا استطيع أن استوعب الأمر على النحو الذي يبرر quot;قتلquot; أم المجلات الرياضية العربية .. فلا الضرورات المالية تبيحه ، ولا أولويات الربحية المالية تقتضيه .. والذين يملكون قرار الإغلاق مطالبون بالتفاتة ، ولكنها مسؤولة ، ستستغرق برهة قصيرة .. التفاتة إلى هذا القارئ العربي الذي ينال من الفرح نصفه ، فما أن يرى المشاريع الصحفية الكبرى تكبر أمامه حتى يكون اتساعها سببا في هدمها!
التعليقات