لقد مرَ 15 عاماً منذ أن وضع لويس فان غال، مدرب بايرن ميونيخ، يديه للمرة الأولى والأخيرة على كأس دوري أبطال أوروبا عندما جاءت اللحظة الذهبية بفوز اياكس، الذي قاده فان غال إلى كل من المجد الأوروبي والدوري الهولندي خلال فترة ولايته فيه لمدة سبع سنوات، على ميلان 1- صفر في المباراة النهائية بفضل هدف سجله باتريك كلويفرت في الدقيقة الـ85 منها.

ومساء اليوم فإن المدرب الهولندي البالغ الـ58 عاماً سيحذو خطوة أخرى إلى الأمام لإحياء تلك سنوات المجد في تسعينات القرن الماضي، إذا استطاع متصدر بوندسليغا من اقصاء ليون في مباراة الذهاب لمرحلة قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا.

ولم يخف بايرن ميونيخ ndash; الذي يُعرف في بعض الأحيان باسم نادي هوليوود لكرة القدم بسبب عادته للهيمنة على أخبار الصفحات الأولى والرئيسية كما الأخيرة في الصحف الألمانية ndash; رغبته بأن يصبح ملكاً للكرة الأوروبية للمرة الخامسة منذ عام 1974. ومن المحتمل أن يحرز الألقاب على جبهتين أخريتين، لأنه يتصدر الدوري الألماني في الوقت الحاضر وهو أيضاً على موعد مع فيردر بريمن في نهائي كأس المانيا التي ستقام في 15 أيار المقبل، إلا أن هدفه الرئيسي هو الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا بعد أسبوع من مباراة الكأس.

لذا لم يخف أولي هونيس، المدير العام في النادي، أي سر عندما أكد أن بايرن يطمح الفوز بدوري أبطال أوروبا، إذ أنه لا يشعر بالقلق إذا فاز عشر مرات بالدوري الألماني، فهو يريد أن يكون فريقاً أوروبياً ناجحاً ويكون في أعلى القمة.

ويعتقد توني ودكوك، اسطورة انكلترا وارسنال السابق الذي يعتبر مراقباً محنكاً لكرة القدم الألمانية منذ أن حطم الرقم القياسي عندما انتقل في عام 1979 إلى كولونيا بمبلغ 500 ألف جنيه استرليني، بأن فان غال هو المدرب الذي يستطيع تحقيق هذا الهدف، إذ قال لمراسل هيئة الإذاعة البريطانية إن بايرن ميونيخ هو من الأندية الكبيرة في أوروبا وواحد من أفضل الأندية الذي يتعامل باحتراف مع كرة القدم على أرض الملعب وخارجه، فالنادي محتاج إلى مدرب كبير ليستطيع التعامل مع لاعبين كبار في هذا الوقت.

وتأكدت قدرة لويس فان غال على التعامل مع لاعبيه نجوم في مباراة الاياب أمام ليون عندما أظهر نجم المباراة ارين روبن غضبه واستنكاره بعدما استبدله المدرب في الدقيقة الـ69 منها، فبدلاً من استرضاء مواطنه، فإنه أفهمه بعبارات لا لبس فيها على خط تماس الملعب بأن سلوكه كان غير مقبولاً إطلاقاً. إذ أن المدرب وصل إلى النادي مع سمعة جيدة، وأنه يفعل كل شيء من أجل انجاحه بطريقته الخاصة التي يمكن أن يراها المرء مع شعور اللاعبين بذلك، خصوصاً أنهم لا يتجاوزون حدودهم.

وإذا استطاع فان غال من قيادة بايرن ميونيخ للفوزه بلقبه الثاني لدوري أبطال أوروبا الذي فاز فيه للمرة الأولى في 2001 بعد إحرازه كأس أوروبا في الأعوام 1974 و1975 و1976، فإنها ستكون لحظات تحول ملحوظ للمدرب الهولندي عندما بدت أن أفضل أوقاته كان قد تركها وراءه قبل عامين فقط.

فبحلول ذلك الوقت كان قد أمضى فترتين في برشلونة الذي حصل مرتين على لقب الدوري الاسباني، وفشل في قيادة هولندا في نهائيات كأس العالم لعام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان. ولكن بعد المهمة الثانية المضطربة في نوكامب وفترة وجيزة غير ناجحة مديراً تقنياً لاياكس، أصبح فان غال مدرباً في الكمار في عام 2007 ليقود النادي المتعذر فهمه إلى المركز الـ11 في ترتيب الدوري الهولندي. ولكن بعد أن حثه لاعبو الكمار بالبقاء في منصبه بعد تقديم استقالته، فإن اللاعب السابق في سبارتا روتردام ارتد بأسلوب مذهل ليفوز بالدوري الهولندي للمرة الأولى منذ عام 1981. ثم جاءت دعوة بايرن في تموز 2009. وقد سدد ثمرة ايمانهم به بما فيه الكفاية، فهو الآن على خطوة من التأهل إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بعد الفوز على ليون بهدف روبن الوحيد في مباراة الذهاب في quot;اليانز اريناquot;.

ويصر ودكوك على أن اللحظة الكبيرة آتية لا محالة. إذ قال المهاجم السابق الذي أحرز كأس أوروبا مع نوتنغهام فوريست في عام 1979: quot;إذا استطاع النادي من الفوز باللقب الأوروبي، فأنا متأكد أنه سيكون في سوق الانتقالات خلال العامين المقبلين لشراء بعض اللاعبين الدوليين. فقد حصد الدوري الممتاز الانكليزي وسيريا آ ولا ليغا المحاصيل الرئيسية من أفضل اللاعبين في العالم على مدى السنوات القليلة الماضية، ولكن إذا استطاع بايرن ميونيخ أن ينجح قليلاً فإنه سينافس أندية أوروبية كبيرة مثل مانشستر يونايتد وريال مدريد وارسنال في سوق الانتقالاتquot;.

وعلى رغم ذلك، إلا أن كل الأمور لم تكن سهلة بالنسبة إلى فان غال، فقد كان بايرن بعيداً عن صدارة البوندسليغا قبل فوزه المهم في تشرين الثاني الماضي على اينتراخت فرانكفورت عندما سجل المدافع دانيال فان بوتين هدف الفوز بعدما أمره فان غال بالتقدم إلى الأمام لمساعدة خط الهجوم ودعمه. وهي الحركة التي قادت النادي للمنافسة على اللقب المحلي. ونجح بايرن بصعوبة في تخطي مرحلة المجموعات في دوري أبطال أوروبا بعد خسارته مرتين أمام بوردو، فقط ليتأهل إلى مرحلة خروج المغلوب بعدما فاز 4-1 على يوفنتوس في تورينو. وبدا بعد ذلك قاب قوسين أو أدنى من خروجه من البطولة بعدما تأخر في الشوط الأول 3- صفر أمام مانشستر يونايتد في المباراة الثانية من الدور الثماني قبل أن يسجل ايفيتشا أوليتش ويتبعه روبن بتسديدة رائعة هدفي النادي ليتأهل إلى الربع النهائي.

ويشير ودكوك أنه على رغم لقبه بـquot;نادي هوليوودquot;، إلا أنه يعتبر نادراً في كرة القدم العصرية، لأن سماسرة السلطة فيه هم من اللاعبين السابقين وليس رجال أعمال. فقوة نظرهم هي أن لديه أشخاص من خلفية كروية مثل اللاعبون الدوليون السابقون فرانز بيكنباور وأولي هونيس وغيرد مولر وكارل هاينز رومينيغه الذين مارسوا اللعبة على أعلى المستويات ويعرفون ما يريدون. فهم حقاً يريدون دفع تاريخ بايرن ميونيخ إلى الجمهور وإلى أوروبا وإلى العالم، ويريدون له النجاح وأن يكون في القمة الأوروبية.

وللوصول إلى هذه القمة فإنه أولاً يجب على النادي أن يتخطى ليون اليوم من دون الجناح فرانك ريبيري الذي حصل على البطاقة الحمراء في مباراة الاياب بعد ارتكابه خطأ ضد المدافع كريس. ويصر ودكوك على أن غياب الفرنسي الدولي ينبغي ألا يكون عاملاً مؤثراً، لأن لدى بايرن ميونيخ تشكيلة جيدة ويمكنه من تعويض غيابه