كما يعلم الجميع أن اسبانيا هي بطلة أوروبا بكرة القدم، وربما الفريق الوطني الأكثر موهبة في العالم، على رغم أن لدى البرازيل والأرجنتين شيئاً ما يقولونه عن ذلك. ولكن هؤلاء اللاعبين الذين قفزوا إلى عربة اسبانيا في وقت مبكر قد يخيبون أنفسهم في غضون شهر.

فقد سبق أن شاهدنا أن المنتخبات المرشحة نادراً ما تفوز بكأس العالم. ولا، في هذه المسألة، أفضل فريق في البطولة، فعلى مدى السنوات الـ40 الماضية، وبصرف النظر عن البرازيل في عامي 1970 و2002، فإنه في أكثر المرات لم تصبح الفرق الأكثر إثارة للإعجاب بطلة للعالم.

في الواقع، ومع اقتراب موعد انطلاق البطولة في جنوب افريقيا، فإن اسبانيا تبدو على نحو متزايد مثل هذا النوع من الفرق الرائعة التي لا تنجح في نهائيات كأس العالم. فليس طرح السؤال كثيراً عن المواهب الموجودة في الفريق وتناسب هؤلاء اللاعبين مع بعضهم بعضاً، وإنما في البداية هذا هو فريق صغير الحجم، مع جيرارد بيكيه فقط الذي بالكاد يبلغ طوله 6 أقدام. ويمكن للمدرب فيسنتي ديل بوسكي أن يضيف بعض اللاعبين الأكثر طولاً بمشاركة سيرجيو بوسكيتس أمام رباعي خط الدفاع، الأمر الذي سيجعل للناحية التكيتيكية معنى، وهو ما فعله في المباراة الودية السبت الماضي أمام السعودية في انسبروك في النمسا، ولكن هذا يعني أن عليه أن يختار واحداً من نجميه الموهوبين في الهجوم ديفيد فيا أو فرناندو توريس.

وإذا اعتقدنا بأن الحجم ليس ضرورياً ولا يهم، فإن المنتخبات الستة التي وصلت إلى المباراة النهائية في كأس العالم سابقاً كان لديها على الأقل ثلاثة لاعبين أطول من 6 أقدام. وعلى رغم أن المهارة في منتخب اسبانيا شيء جذاب ورائع قبل كل شيء، إلا أن الفريق يحتاج في بعض الأحيان إلى العضلات. وانه لم يكن من قبيل المصادفة أن هدف الفوز في الوقت بدل الضائع في مباراة 3-2 يوم السبت الماضي ضد السعودية جاء مجاملة من المهاجم فرناندو لورينتي، اللاعب الذي يبلغ طوله 6 أقدام و5 بوصات، الذي دخل بديلاً وسجل هدفه برأسية قوية من ركلة ركنية.

وفي حين أن مهاجم اتلتيك بلباو ليس مفضلاً من قبل الأصوليين، فإنه قد لا يقدر بثمن في جنوب افريقيا، فقط بسبب أنه الخيار الواقعي الوحيد.

ولجميع المواهب التي هي تحت تصرف ديل بوسكي، فإن لديه مشكلتان ينبغي عليه حلهما: الأولى، هي في خط الهجوم، حيث أن الشراكة بين فيا وتوريس هي أقل بكثير من مستواها المطلوب. والأرقام تدل على ذلك. فعلى رغم أن اسبانيا تدحرجت خلال مرحلة التأهيلات بفوزها بعشرة من مجموع عشر مباريات، إلا أن فارق الأهداف بوجود فيا وتوريس على أرض الملعب معاً كان +4، أما إذا كان أحدهما يشارك كرأس الحربة أو بدون مشاركتهما فإن فارق الأهداف كان +19.

أما إذا نظرنا إلى بطولة كأس القارات التي اقيمت في جنوب افريقيا الصيف الماضي، فإن اسبانيا تمكنت من سحق نيوزيلندا 5- صفر، ولكن بعد ذلك، مع وجود توريس وفيا في خط الهجوم، فازت 1- صفر على العراق، وتغلبت بالنتيجة نفسها على جنوب افريقيا في المباراة التالية التي استمرت الشراكة بين اللاعبين لمدة ساعة تقريباً، وتبعها الأسوأ عندما شارك توريس وفيا كل وقت مباراة الخسارة صفر -2 أمام الولايات المتحدة.

وحتى في نهائيات كأس الأمم الأوروبية لعام 2008، التي هيمنت اسبانيا عليها، فقد تبعها سيناريو مماثل. فقد عرض خط الوسط أداء رائعاً ومتفاوتاً، ولكن، على قدم المساواة، كان مشكلة شائكة. ولا يمكن لأي منتخب وطني في العالم أن يشرك خمسة لاعبين مبدعين في خط الوسط مثل ديفيد سيلفا وتشابي هيرنانديز واندريس انيستا وسيسك فابريجاس وتشابي ألونسو. ولكن جميعهم صانعي ألعاب طبيعيين الذين يتعين عليهم إعادة اكتشاف أنفسهم ليتناسبوا مع تشكيلة الفريق. وحتماً أنه على واحد منهم الجلوس على مقاعد البدلاء وعلى اثنان آخران أن يفتحا على الجناحين، خصوصاً انيستا وسيلفا اللذين يملكان المهارة اللازمة للعب في هذا المركز. وعلى رغم أنهما غالباً ما يلعبان في هذا المركز مع ناديهما، ولكن هذا لا يجعل منهما الجناحين الطبيعيين.

وفوز الولايات المتحدة على اسبانيا في الدور قبل النهائي في بطولة كأس القارات هي أكثر من أي لعبة أخرى، لأنه من الممكن تطبيقها للتغلب على بطلة أوروبا. فقد كانت الأولى رائعة في الهجوم المضاد، إذ كان لديها مهاجمين اثنين ndash; أحدهما قوي ويمكنه السيطرة على الكرة (جوزي ألتيدرو) والثاني سريع ويمكنه أن يزعج المدافعين (تشارلي ديفيز) ndash; وفي حين تم تحويل خط الوسط الرباعي إلى جدار لسد منتصف الملعب والضغط على خط الدفاع، إلا أن اسبانيا ضحت بمركز الجناحين.

ولا يخطئ أحد أن اسبانيا ستظل واحدة من الفرق الموهوبة في كأس العالم، وبكل حق المرشحة القوية للفوز باللقب. ولكن ما ينقصها هو التوازن. فالمواهب المتميزة يمكنها أن تتغلب على أي شيء. ومع ذلك فيمكن للمرء أن يشعر بالراحة أكثر إذا كانت لدى ديل بوسكي أوتاداً مربعة أقل ليحشو الثقوب المستديرة